03-ديسمبر-2015

اللاعب الجزائري المميز رياض محرز (Getty)

حدث ما لم يكن يتوقعه أحد، واستطاع فريق ليستر سيتي أن يعتلي عرش الصدارة في الدوري الإنجليزي الممتاز في الجولة الثالثة عشر من عمر الدوري. ورغم أنه لم ينجح بالحفاظ على مكانته في جدول الترتيب بسبب تعادله الإيجابي 1-1 مع فريق مانشستر يونايتد، حيث سمح لمانشستر سيتي بالعودة سريعًا إلى مكانه في أعلى سلم الترتيب (الذي لم يغب عنه لأكثر من أسبوع منذ بداية الموسم)، إلا أن وصوله للقمة زعزع الكثير من الاعتقادات التي باتت تعتبر منطقًا يحكم عالم الكرة، فصعود نادٍ من قاع دوري الدرجة الثانية إلى قمة البريمرليج ــبعد موسم واحد فقطــ أطاح بكل المعادلات المرسومة على الورق!

مستوى أندية القمة في الدوري الإنجليزي تراجع حقًا وهذا واضح في دوري أبطال أوروبا

 نادي ليستر سيتي يفتقد لكل العوامل التي يبني عليها المحللون توقعاتهم. فهو نادٍ بلا تاريخ وبلا نجوم ولا يملك حتى الإمكانيات المادية الكافية للمنافسة على لقب البريمرليج! وبينما كان المحللون الرياضيون يتناقشون بصفقات مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد المبالغ في أرقامها، ويستمرون بالحديث عن حظوظ تشيلسي بالحصول على لقب الدوري وهو يتذلل في أسفل لائحة الترتيب مؤكدين على القيمة النجومية التي يتمتع بها عناصر الفريق، ولا يفوتون مناسبة للتذكير بأمجاد ليفربول وأرسنال وعودتهما المرتقبة، لم يذكر أحد نادي الثعالب (ليستر سيتي) بأكثر من كلمة "حصان أسود"!

وإذا حاولنا دراسة الأسباب التي أودت بفريق ليستر سيتي للقمة، فمن الممكن مناقشتها في العوامل التالية:

1- يبدو أن مستوى أندية القمة في الدوري الإنجليزي تراجع حقًا، وعدم تخطي أي نادٍ إنجليزي لمرحلة المجموعات في النسخة الأخيرة من دوري أبطال أوروبا، وتواجد آخر حامل للقب البريمرليغ في المركز السادس عشر ليست سوى مؤشرات تدل على مدى التراجع الذي وصلت إليه هذه الأندية، الذي سيهدد الدوري الإنجليزي من تراجع مستواه للمركز الرابع أوروبيًا (ما يعني أنه لن يصل لدوري الأبطال سوى ثلاثة أندية فقط)، ومن ناحية أخرى يتيح هذا التذبذب ظهور أندية جديدة على المستوى الأوروبي وفي قمة جدول الترتيب المحلي، وليستر سيتي استطاع استغلال ذلك جيدًا.

2- اعتماد المدرب الإيطالي رانييري على اللاعبين الموهوبين والمنسجمين بدلًا من سعيه وراء النجوم الذين تتصارع الأندية الكبرى وأتباعها للحصول على أوراقهم. ونجوم ليستر سيتي الذين شقوا طريقهم نحو النجومية هذه السنة كانوا لاعبين مغمورين في الماضي القريب، وأوكازاكي هو الوحيد بين نجوم الفريق الذي تواجد مع نادي أوروبي يلعب في دوريات الدرجة الأولى سابقًا (نادي شتوتجارت الألماني)، بينما صعد محرز وفاردي مع ليستر سيتي من دوري الدرجة الثانية، بل إن فاردي كان يلعب منذ أربعة أعوام في دوري الدرجة السابعة الإنجليزي! وبالنسبة لرياض محرز لم يكتسب نجوميته من آخر نسخة بكأس العالم التي تألق بها المنتخب الجزائري بشكل ملفت للنظر، فهو لم يشارك سوى لمدة سبعين دقيقة في المباراة الافتتاحية ضد بلجيكا والتي خسر بها المنتخب الجزائري 1-0، بل إن نجوميته بدأت واستمرت مع الثعالب. بل إن أغلب عناصر الفريق هم أنفسهم من حملوا لقب دوري الدرجة الثانية منذ عامين، والمدرب الإيطالي صب اهتمامه بالعمل على روح الفريق الجماعية بدلًا من السعي وراء النجومية الزائفة.

اكتسب ليستر سيتي الثقة منذ بداية الدوري فتصدر رياض محرز قائمة الهدافين لأول خمس جولات

3- اكتساب ليستر سيتي الثقة منذ بداية الدوري. فاعتلاء رياض محرز لقائمة الهدافين لأول خمس جولات، واستلام فاردي لراية الهدافين منذ الجولة الثامنة وحتى الآن، فضلًا عن تحطيم فاردي لرقم فان نستلروي القياسي (بعدد المباريات المتتالية التي يسجل بها) كل هذه العوامل أكسبت عناصر ليستر سيتي الثقة الكافية للمنافسة على اللقب، ومن الممكن ملاحظة ذلك في اللقطة التي جمعت فاردي بدي خيا في المباراة الأخيرة التي جمعت بين اليونايتد والثعالب، ونظرة التحدي التي اكتست مهاجم دوري الدرجة السابعة لن تبدو منطقية بمعزل عن الإنجازات المستمرة التي يقدمها ليستر سيتي هذا الموسم.

اقرأ/ي أيضًا: تحطم باص تشيلسي!

وبالتالي فإن ليستر سيتي نجح هذا العام على الأقل بخلق ثلاثة نجوم من العيار الثقيل، ثلاثة نجوم من هوامش عالم كرة القدم، نجم آسيوي ونجم عربي ونجم إنجليزي في التاسعة والعشرين من عمره قضى مسيرته الكروية في دوري الدرجة السابعة! وإذا لم يستطع أن يحقق اللقب -وهذا أمر من المبكر جدًا الحديث عنه- فهو حقق ما هو أهم من اللقب "كسر مركزية كرة القدم الأوروبية" من الداخل والخارج معًا.

اقرأ/ي أيضًا: ليفربول في عهدة المجنون