21-ديسمبر-2015

(بول غيلهام/Getty)

ولد رومان أركاديافيتش إيفانوفيتش في سنة 1966 في الاتحاد السوفيتي من أب وأم يهوديين فقيرين. وقبل بلوغ عامه الأول بدأت التراجيديا تدخل حياة الطفل الروسي ليخسر أمّه إيرينا أثناء قيامها بعملية جراحية وبعدها بسنتين خسر والده أكاديافيتش الذي مات عن طريق الخطأ في أثناء عمله في أحد مواقع البناء.

لم يكن لرومان أي إخوة أو أخوات وكبر يتيمًا في مدينة أوختا الروسية الشهيرة بمواقع النفط والمناجم حيث كان يُنقل السجناء للعمل هناك في درجة حرارة أقل من صفر. وحين بلغ رومان سن السابعة انتقل إلى موسكو ليعيش مع جدته ثم مع عمّه أبرام وذلك بحثًا عن دراسة وحياة أفضل.

يقول صديق أبراموفيتش في الجيش عنه إنه كان يمكنه أن يأتي بالمال من الهواء

في عمر الثامنة عشر وبعد دراسته في معهد غوبكن للنفط والغاز، خدم أبراموفيتش في الجيش السوفيتي في حرب أفغانستان حيث تعلم حيل التجارة ليبدأ بجني الأموال. وأوّل خطوات الملياردير الروسي كانت باتفاقه مع سائقي الدبابات حيث كان يفرغ الوقود من دباباتهم مقابل مبلغ من المال ثم يُعيد بيعه بخصم لسائقين آخرين، ونجح بتأسيس شبكة جنى من خلالها أموالًا طائلة حتى قال عنه صديقه في الجيش نيكولاي بانتيليمونوف: "كان يمكنه أن يأتي بالمال من الهواء".

بعد إنهائه للخدمة العسكرية انتقل رومان إلى موسكو لتأسيس مشروع صغير وما لبث أن التقى ببوريس بيريزوفيسكي الذي أمّن له الحصول على حصص في شركة نفط باسن "سيبنفت" وذلك باستخدام شركات صغيرة لينتهي به الأمر بالسيطرة على شركة بقيمة 2.7 مليار دولار عبر إنفاق 100.3 مليون دولار وهو ما يُعد أكبر سرقة في تاريخ الشركات.

ولع رومان بالنفط والاحتيال قابله شغفٌ بكرة القدم، فالرجل الذي يملك ثاني أطول يخت بالعالم مع دفاعاته الحربية (162.5 متر) وطائرة بوينغ خاصة، تملّك نادي تشيلسي الإنجليزي في سنة 2003. ومع انتقاله للعيش في لندن بات يصرف رومان أبراموفيتش حوالي 1.2 مليون باوند سنويًا على حمايته الشخصية التي تتألف من عشرين عنصرًا سابقًا في الجيش الروسي.

نادرًا ما يغيب رومان عن مدرجات ستامفورد بريدج إلّا أن حضوره الأسبوعي في الملعب كان ليكون في ملعب فريق توتنهام -وايت هارت لاين- لو أن صفقة شراء نادي شمال لندن قد تمّت.

أظهر أبراموفيتش رغبته بشراء نادي توتنهام قبل نادي تشيلسي في البداية

وتعود القصة إلى سنة 2003 حين أظهر أبراموفيتش رغبته بشراء نادي توتنهام قبل نادي تشيلسي وبعد الاجتماع برئيس النادي حينها داني ليفي، لم يقتنع أبراموفيتش بشراء نادي شمال لندن بالقيمة المعروضة عليه وقام بشراء نادي تشيلسي بقيمة 60 مليون باوند (أكثر بـ 10 ملايين باوند من تكلفة نادي توتنهام) لكنه حصل حينها في المقابل على ملعب مُطوّر حديثًا بالإضافة إلى فندقين جديدين، وكان نادي تشيلسي مستعدًا للبيع بسبب الديون المتراكمة على الفريق والتي تولّى أبراموفيتش بعد ذلك تسديدها.

في السياسة تربط الملياردير الروسي علاقة شخصية قوية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكان قد ساهم بوصوله إلى كرسي الرئاسة في سنة 1999. هذه العلاقة الوثيقة جعلت دور أبراموفيتش رئيسيًا في التحضير لبطولة كأس العالم 2018 التي ستقام في روسيا حيث كان حاضرًا ضمن وفد موسكو في زيورخ عند الإعلان عن فوز روسيا بحق استضافة كأس العالم. ويشكّل رومان اليوم الداعم المالي الرئيسي للمنتخب الروسي لكرة القدم، بالإضافة إلى تمويله جزء من 9.2 مليون باوند وهو المبلغ الذي تحتاجه روسيا لبناء وإعادة تأهيل ملاعب إضافةً لتحسين البنى التحتية السياحية وبناء الفنادق الجديدة لاستقبال الجماهير القادمة من كل دول العالم.

تربط أبراموفيتش علاقة شخصية قوية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكان قد ساهم بوصوله إلى كرسي الرئاسة في 1999

شغف رومان بالرياضة وارتباطه بالسياسة لم يكن معزولًا عن كونه رجل مافيا، ويُعد مقتل الصحافي المنشق عن الاستخبارات السوفيتية أليكسندر ليتفيننكو أبرز القضايا التي ارتبط فيها اسم أبراموفيتش وبوتين معًا. فالصحافي الذي كان يعمل في جريدة الغارديان يُعد أول إنسان يتم تأكيد مقتله عن طريق ابتلاعه كبسولة أشعة البولونيوم 210 التي أدّت إلى تسمّم جسده. وأشار أحد الشهود المقربين من ليتفيننكو بأن آخر تحقيقاته كانت حول عمل الاستخبارات الروسية في إسبانيا حيث كان يتعاون مع الاستخبارات الإسبانية والبريطانية وكان قد اقترب للتوصل، قُبيل مقتله، إلى شبكة تقوم بغسيل الأموال مرتبطة بالملياردير الروسي كانت ستؤدي إلى اعتقاله في إسبانيا بتهمة تملك أراضٍ بطريقة غير قانونية.

من المؤكّد أن رومان هو رجلٌ دكتاتوري من الطراز الأوّل، ولا يُعدّ ارتباطه بالاستخبارات الروسية والكرملين السبب الوحيد لذلك، بل يكفي النظر إلى أسلوبه بالتعامل مع المدربين الذي تناوبوا على تشيلسي حيث لم يغادر أي منهم النادي إلّا وتمّت إقالته، وآخرهم الظاهرة الفريدة في عالم التدريب، ومعبود جماهير تشيلسي، جوزيه مورينيهو!

اقرأ/ي أيضًا:
تحطم باص تشيلسي!
بواش ودي ماتيو والحظ ثالثهما!