25-يونيو-2023
رواية ولد الكاريان

رواية ولد الكاريان

أصدرت "دار البشير" في القاهرة طبعة ثانية من رواية "ولد الكاريان" للكاتب المغربي عزيز سدري، التي تركز على صورة الحياة المهمشة في الأحياء العشوائية، وتُبرز مواضيع مثل الفقر والتفاوت الطبقي والدعارة والإرهاب والبطالة والهجرة.

يبني الكاتب في روايته التي تقع في 184 صفحة سيرة متخيلة، إذ يتحدث عن أحياء الفقر انطلاقًا من تجربته الخاصة بدوار السكويلة، حيث قطن مع عائلته أسرته وخبر مرارة العيش هناك، لكنه يفتح الأفق السردي على اتساعه لتتلاقى تجارب أبناء العشوائيات المغربية، وربما غيرها أيضًا، معًا في مساحة واحدة.

تُروى الرواية على لسان شخص واقعي دون الكشف عن هويته حتى الصفحة الأخيرة، لتضعنا في صلب سيرة شاب مغربي يضطر لمغادرة بلاده من خلال خوض تجربة الهجرة غير الشرعية، بحثًا عن خلاص وأمل، ليجد نفسه في البلاد الجديدة في مواجهة إشكاليات من نوع لم يفكر به.

يذكر أن عزيز سدري صحافي وكاتب من المغرب، من مواليد عام 1985 في الدار البيضاء. حاصل على إجازة في اللغة الإنجليزية. يعمل في الصحافة. و"ولد الكاريان" عمله الأول في مجال الرواية.


من الرواية

 

كنت في الحادية والعشرين من عمري عندما ضاقت واختنقت بي أرض الوطن، إلى أن فتحت أبواب الهجرة على عينيَّ آمالها وأحلامها للعيش في نِطاق أوسع وأرحب، هُناك في البُعد البعيد، حيث يتنفس المرء أوكسيجينًا بمذاق الأمل، ويعيش حياةً غير هاته التي يحياها هُنا، فلا القُرب من الأحباب كان يُسعدني ولا شمس الصيف كانت تُدفئُني.

كانت فقط فرائصي ترتعد خوفًا من شبح البطالة وأنا في السنة الثانية من التعليم الجامعي، كُنت أخاف أن يضيع العمر وسط دوامة الأحلام والأماني وإيمان الوالدين بتخرج ولدهما الذي سَيُخرجهما في يوم من الأيام من بحر الظلمات إلى بَرِّ النور. كان خوفي أعظم من أن يكفر بي كل من عقد عليَّ أملا ً ذات لِقاء عابر.

لجأت إلى أبي لأستشيره في سفري نحو المجهول، وقبل أن يعرف إلى أين سأرحل رفض الفكرة تمامًا، كانت كلماتي تطرق أذنيه وكأنها المسامير في طبلة الأذن. انعقد لِسان والدي صومًا عن الكلام، وأي كلام يُمكن أن يَتجسد في تلك اللحظات الحارقة؟

نظرت إليه وكأني لمحت بريق دمع في عينيه فصمتت وانسحبت. في الغد الآخر الذي لا يُشبه باقي أيام السنة، كان قراري حاسمًا ولا رجعة فيه، قدمت إليه قدوم الميت أمام غَساله وأخبرته قائلًا: "لدي خياران يا أبي، لا ثالث، ولا رابع لهما، إما أن أهاجر نحو صقيع كندا، أو أن أموت وسط لَهيب الخليج".