04-سبتمبر-2023
رواية الغابة السوداء (الترا صوت)

رواية الغابة السوداء (الترا صوت)

أصدرت "منشورات رامينا" بالعاصمة البريطانية، حديثًا، رواية "الغابة السوداء" للكاتب والروائي السوري مازن عرفة (1955)، وهي الرواية الرابعة في رصيده بعد: "وصايا الغبار" (2011)، و"الغرانيق" (2017)، و"سرير على الجبهة" (2019). 

تدور أحداث الرواية حول لاجئ سوري يعيش في إحدى مدن منطقة الغابة السوداء جنوب غرب ألمانيا، ويُعاني مما يُعرف نفسيًا بـ"صدمة الحرب" التي تترك تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على حياته. 

تروي "الغابة السوداء" قصة لاجئ سوري يُعاني مما يُعرف نفسيًا بـ"صدمة الحرب" التي تترك تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على حياته

وفي أحد الأيام، يستيقظ هذا اللاجئ دون ذاكرته، فتُحيط به تساؤلات عديدة حول المكان الذي يعيش فيه وكيفية وصوله إليه، الأمر الذي يدفعه إلى العيش وحيدًا غارقًا في جحيم هلوساته الكابوسية العبثية والسريالية التي تتجاوز الكافكاوية، وتضعه على عتبة الجنون. 

ينفصل بطل الرواية عن الواقع يومًا بعد آخر، وتأخذ أيامه شكلًا ثابتًا أساسه الرتابة والسأم إلى جانب الخوف والرعب المرتبط بهلوساته وكوابيسه وما يرتبط بها من رؤى وتخيّلات تهاجمه فجأة. 

وعبر قصة بطلنا هذا، يتناول عرفة مواضيع عديدة ترتبط باللاجئين السوريين في أوروبا، مثل الحضور المستمر لما حدث في سوريا وما خبره اللاجئون شخصيًا من أحداث وتجارب مؤلمة في ذاكرتهم وحياتهم اليومية، خاصةً أولئك الذين يُعانون من اضطراب ما بعد الصدمة. 

كما يتناول الصدمة الحضارية الثقافية التي يُعاني منها اللاجئ في مواجهة مجتمع غربي بارد عاطفيًا مقارنةً بالحميمية الشرقية الدافئة التي كان يعيشها، الأمر الذي يزيد من الظلمة في روحه. 

وتقول كلمة الغلاف الخلفي: "وكما أن (الغابة السوداء) تشتعل جغرافيًا بالحياة؛ مُدنًا وأُناسًا، وحكايات، فتُصبح منيرة، فإن مواجهة البطل لحكايات رعبه تُساهم في تبديد ظلمة روحه.. لذلك فالرواية ببوحها الشفيف تعمل على تهدئة الأرواح الهائمة وإنارة العتمات التي تخيّم عليها". 

يُذكر أن مازن عرفة كاتب وروائي سوري مقيم في ألمانيا. حاصل على إجازة في الآداب قسم اللغة الفرنسية في جامعة دمشق عام 1983، وشهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية من جامعة ماري كوري سكودوفسكا في مدينة لوبلين في بولونيا عام 1990. من مؤلفاته: "وصايا الغبار"، و"الغرانيق"، و"سرير على الجبهة"، و"تراجيديا الثقافة العربية"، و"سحر الكتاب وفتنة الصورة، من الثقافة النصية إلى سلطة اللامرئي". 


مقطع من الرواية

لا أعرف ما مدى الواقعي، وكم هي درجة التوهّمات فيما يحدث حولي. يستمرّ الشواش في رأسي، وليس ضجيجًا في أذنيّ، كما قال الطبيب. وتنسدل غمامة رقيقة علي عينيّ، فأرى الناس يتحرّكون حولي، في أحيان كثيرة، في أغشية هلامية. لكنهم حقيقيون، أتبادل الحديث معهم.

عندما أمضي إلى مركز المدينة، وبعد تجاوز النهر، عبر الجسر الحجريّ، يتحتم عليّ عبور جسر مُعلق حدث، أقيم فوق شارع عريض، مكتظ بحركة السيارات، في الاتجاهين. أقرأ اسم الجسر "غرنيكا". 

تحدثني الروائية ليليان: "عام 1989، تم توقيع اتفاقية توأمة رسمية، بين مدينتي غرنيكا الإسبانية، وبفورتسهايم الألمانية، بسبب ماضيهما المشترك المأساوي. تم تدمير المدينة الأولى عام 1937، والثانية عام 1945". 

  • "كيف حدث هذا؟". 
  • "أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، في 26 نيسان، عام 1937، هاجمت طائرات "فيلق الكوندور" الألمانية، بطلب من الديكتاتور الإسباني فرانكو من هتلر النازي، مدينة غرنيكا، الواقعة في إقليم الباسك الإسباني، ودمّرتها بالكامل. كانت المدينة ممتلئة بالنساء والأطفال والعجائز وقت الهجوم، بينما كان الرجال متوزعين على جبهات القتال. كانت تجربة ميدانية للنازيين، تم تنفيذها بقصف مناطق آهلة بالسكان المدنيين، وإيقاع أكبر عدد من القتلى بينهم، بهدف ترويع الطرف الآخر. سيتم تطبيقها بكثافة في الحرب العالمية الثانية. بالتأكيد، أنت تعرف أن بيكاسو خلّد ذكرى المجزرة، في لوحته الجدارية المشهورة".
  • "وكيف تم تدمير مدينة بفورتسهايم؟"؟
  • "هذه حكاية حزينة أخرى. سأرويها لك عبر مفاجأة أحضّرها لك".