الترا صوت – فريق التحرير
أعلن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري تعليق نشاطه السياسي وعدم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة أو تقديم أي مرشح عن تيار المستقبل الذي يتزعمه. وخلال مؤتمر صحفي عقده أمس الاثنين ببيت الوسط، عبر الحريري عن قناعته بغياب المجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني الذي سيطر على الساحة اللبنانية، وفي ظل انقسام وطني وسعار طائفي واهتراء للدولة، بالإضافة للتخبط الدولي.
أعلن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري تعليق نشاطه السياسي وعدم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة أو تقديم أي مرشح عن تيار المستقبل الذي يتزعمه
وفي ختام المؤتمر قال الحريري "قد يكون أفضل الكلام في هذه اللحظة ما قاله رفيق الحريري في بيان عزوفه قبل 17 عامًا، أستودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب لبنان وشعبه الطيب، وأعبر من كل جوارحي عن شكري وامتناني لكل الذين تعاونوا معي خلال الفترة الماضية".
شاهد: تغطية لهذا الملف والملفات الإخبارية الراهنة عربيًا ودوليًا على شاشة التلفزيون العربي أخبار
ومباشرة بعد الإعلان، قطع عشرات الشباب حركة السير على الطرق في بيروت بحاويات نفايات وإطارات مشتعلة رفضًا لتلك الخطوة. وفي ردود الفعل اللبنانية أعربت شخصيات حكومية و حزبية في لبنان عن حزنها لقرار سعد الحريري تعليق عمله السياسي، حيث كان زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط أول الرافضين للقرار. وقال إن "قرار الحريري محزن جدًا، ونفقد به ركيزة للاستقلال والاعتدال"، معتبرًا أن تعليق نشاطه السياسي يعني إطلاق يد حزب الله والإيرانيين في لبنان. وغرد على صفحته على تويتر "تيتم الوطن اليوم والمختارة حزينة وحيدة".
من جهته وصف رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي قرار الحريري بأنه "صفحة حزينة للوطن ولي شخصيًا"، معربًا عن تفهمه للملابسات التي دفعت الأخير إلى الإقدام على تلك الخطوة. أما رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في رده على سؤال لجريدة الجمهورية حول قرار الحريري بتعليق مشاركته ومشاركة تيار "المستقبل" في الانتخابات النيابية المقبلة، فقال "إن قرار الحريري شأن حزين".
زعيم "تيار المردة" وأحد أهم حلفاء حزب الله سليمان فرنجية قدم موقفه عبر صفحته على تويتر بالقول "بمعزل عمن يتفق أو يختلف معه فإن الرئيس سعد الحريري وجه من وجوه الاعتدال في لبنان وغيابه عن الساحة السياسية سيخلق فرصة للضعفاء الذين سيعمدون إلى المزايدات التي تعزز التطرف والتطرف هو أكبر خطر على مستقبل لبنان".
فيما قال عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب فيصل الصايغ "بكل أسف وحزن استكملت اليوم حلقة جديدة في عملية اغتيال الشهيد رفيق الحريري"، وأضاف "يبقى الأمل والعزم والرهان أن نحافظ مع المخلصين على إرث الرئيس الشهيد، ونواصل حمل راية مشروعه بأبعاده اللبنانية والعربية والوطنية والإنسانية".
بدوره غرد النائب فريد هيكل الخازن وكتب "مقاطعة 92 يجب الاّ تتكرّر، إن انسحاب سعد الحريري من الحياة السياسية اللبنانية هو قضاء على الخط الاعتدالي السني الذي يحمي لبنان والعيش المشترك فيه، هل المطلوب ذهاب لبنان الى الأصولية والتطرف؟". فيما أشار النائب أنور الخليل إلى أن قرار سعد الحريري الخروج من الحياة السياسية سيكون له تداعيات سلبية عديدة منها أنه يصيب المعادلة اللبنانية بنكسة كبيرة وللأسس التي قام عليها لبنان الكبير، كما يسبب خروج فريق شكل منبرًا لسياسات وطنية معتدلة، وأضاف أنه "يوم أسود يزيد في ظلمة الأجواء المظلمة التي رافقت سياسات هذا العهد".
بدورها، قالت النائبة رولا الطبش إن "24 كانون الثاني/يناير 2022 يوم لن ينساه اللبنانيون الذين بكوا وشاركوا سعد رفيق الحريري دمعة بحجم وطن يتيم. سعد رفيق الحريري يعلق العمل السياسي بإرادته كأنما لبنان كله يعلق الاعتدال. للأسف بعد اليوم ستختل الاتجاهات إذ لا وسط يحدد جغرافيا الضمير الوطني". ونشرت رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف على حسابها على تويتر أنه "لا تستقيم الحياة السياسية في لبنان إذا قرر مكوّن قوي العزلة وتعليق العمل السياسي، والرئيس سعد الحريري يمثل المكوّن الأقوى داخل الطائفة السنية الكريمة، لن يكون بلدنا بخير .. إذا كانت طائفة وازنة خارج نسيجه السياسي، وبعد هذا القرار نعتقد أن الانتخابات دخلت دائرة الخطر".
وأعربت الوزيرة السابقة مي شدياق عن غضبها لقرار الحريري وكتبت على تويتر "سعد الحريري نفسي حزينة غاضبة ثائرة! لن أقول غدًا تعود. ليست صفحة طويت. نحن تشاركنا العذاب والنضال. لن يغتالوا رفيق الحريري مرتين. 17 سنة يجرّوننا للقعر فيما نحاول الحفاظ على الهوية. وجّعونا كتير وصار وقت هنّي ينسحبوا من الحياة السياسية مش إنت. الكل ارتكبوا أخطاء إنما هم ارتكبوا خطايا".
رئيس الوزراء السابق تمام سلام الذي كان أعلن قبل أيام عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية تحدث أيضًا عن أن "موقف الحريري لا يعبر فقط عما توصل إليه من اقتناع في هذه المرحلة التي يمرّ بها لبنان واللبنانيون، بل يعكس أيضًا الخلل العميق في التوازنات السياسية والوطنية المفقودة للحفاظ على وحدة الوطن وأبنائه".
في المقابل فضل عدد من نواب "التيار الوطني الحر" بزعامة النائب جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عدم التعليق على كلمة الحريري، مؤكدين أن التيار سيعقد اجتماعه الدوري ويخرج بموقف بهذا الخصوص. لكن زعيم التيار نشر تغريدة لافتة على حسابه على تويتر وقال فيها "في حدا اختار يتعاقب حتى يمنع الحرب الأهلية، وفي حدا وافق ينسحب حتى ما يسمح بالحرب الأهلية، بس في حدا مصمّم يعمل الحرب، ومش مهم إذا طعن حليفه بالضهر أو خان تفاهم لمصالحة تاريخية، المهم ينفذ أجندة خارجية وتوقع الفتنة بلبنان، الخيار هو بين ميليشياوي مهووس بالحرب وابن دولة يعمل لمنعها".
يشار إلى أن قناة "المنار" التابعة لحزب الله اكتفت بإشارة للخبر في نشرتها الإخبارية المسائية وقالت إن "اللافت في الحياة السياسية اللبنانية اليوم كان إعلان الحريري تعليق عمله السياسي، وبالتالي عدم ترشحه أو أي شخص باسم التيار في الانتخابات النيابية المقبلة".
في ردود الفعل اللبنانية أعربت شخصيات حكومية و حزبية في لبنان عن حزنها لقرار سعد الحريري تعليق عمله السياسي
ويتوقع أن يزيد اعتكاف الحريري عن العمل السياسي تعقيدات المشهد اللبناني، حيث سيخلط هذا القرار أوراق الحلفاء والخصوم قبل أشهر قليلة من الانتخابات في بلد يحكمه منطق التوازنات الطائفية والإقليمية.
اقرأ/ي أيضًا: