24-نوفمبر-2017

علي حداد (منتدى رؤساء المؤسسات)

صباح/ مساء الخير السيّد علي حدّاد

 

لا أعرفك إلا في حدود كونك شخصيةً عامّةً ترأس منتدى رجال المال والأعمال في الجزائر، وتملك منابرَ إعلاميةً معيّنة، ومن هنا منطلق هذه الرّسالة.

ما معنى أن تتوقف النشرة الثقافية في قناة "الدزاير نيوز"، التي تملكها، بعد سنوات من خدمتها للفن والفنانين، وتسليطها الضوءَ على الأفعال الثّقافية وفاعليها؟ إذ كان القائمون عليها متفتحين على الفاعلين الثقافيين الجزائريين على اختلاف وجوههم واتجاهاتهم وجهاتهم، فكانت منتظرة من طرف قطاع واسع منهم.

ينتظر الجزائريون أن يساهم رجال المال والأعمال في بلدهم لتشجيع الثقافة والاستثمار فيها وتطوير مواردها ورعايتها

لقد كنا ننتظر منك أن تطلق قناة ثقافية مستقلّة بذاتها، وأن تبعث جريدة ثقافية وموقعًا ثقافيًا ومسابقاتٍ أدبيةً، مثلما فعل نظراؤك في بلدان عربية وغربية، ربما هم أقلّ ثروة منك، فإذا بالنشرة الثقافية اليتيمة في قناتك تتوقف. بالمناسبة: لماذا لا يكون لرجل الأعمال الجزائري مستشار ثقافي؟ لو كان لك مستشار في هذا الباب لاستطاع أن يخبرك بعدد وطبيعة المنابر والجوائز والمهرجانات والرّعايات الثقافية، التي يموّلها نظراؤك في الفضاءات العربية والمغاربية والمتوسّطية اللصيقة.

اقرأ/ي أيضًا: "الثقافة في الفضائيات الجزائرية.. "وجبة بايتة

لستُ أتدخل في شؤونك الخاصّة، فأنت المالك "وربي يزيدك" على كلّ حال. ولستُ مخوّلًا لأطرح عليك هذا السّؤال: من أين لك هذا؟ فتلك وظيفة جهات قانونية وقضائية وأمنية أنا أبعد ما أكون عنها، غير أن كوني محسوبًا على الحقل الثقافي، ومواطنًا جزائريًا يراك استفدتَ كثيرًا من الثروة الوطنية بصفتك مستثمرًا، وإيماني بأن البرجوازية الحقيقية والنبيلة راعية للفنّ والأدب والثقافة بالضّرورة، سمح لي بأن أراسلك.

أ لستَ ذا ثقافة فرنسية وميول إلى ما يمتّ إليها بصلة؟ إنني لا أرى عيبًا في هذا، فأنا أدرك عظمة الثقافة الفرنسية وعمقها ورونقها وأناقتها، ولا يحملني كوني من الذين يطالبون فرنسا أن تعتذر عمّا اقترفته في حقّ أجدادي الجزائريين، على مدار 132 عامًا من الاحتلال والاستيطان والاستنزاف، على ترك الإعجاب بالثقافة الفرنسية، لكنني أندهش من كونك ورفاقك في المنتدى لا تعمل بما يعمل به رجل الأعمال الفرنسي من رعاية الثقافة والمثقفين والفنّ والفنّانين والفكر والمفكّرين.

اقرأ/ي أيضًا: المثقف والسّلطة في الجزائر.. قناع لوجهين

لا يزال الفنانون المسرحيون في تندوف الجزائرية يتدرّبون في أماكن هي أقرب إلى الجحور منها للأماكن الفنية في ظل ضعف الاستثمار الثقافي أو انعدامه

لقد تبرّعت الصّين الشعبية عام 2012 ببناء أوبرا كاملة شكرًا للجزائريين على أنهم احتضنوها استثماريًا. فتبرّعْ لنا أنت ببناء مسرح ما في مدينة ما. تندوف مثلًا في أقصى الجنوب الغربي، حيث لا يزال الفنانون المسرحيون يتدرّبون في أماكن هي أقرب إلى الجحور منها للأماكن الفنّية. أو استثمر في الحقل الثقافي كأن تنشئ شبكة توزيع حقيقية توصل الكتاب والمجلّة والجريدة إلى مفاصل الخارطة الجزائرية.

أين المنتدى الذي ترأسه في باب الرّعاية الثقافية؟ لقد فرحنا بوصول جيل جديد من رجال المال والأعمال إلى إدارة المنتدى والسّيطرة على مفاصله، طمعًا منّا في أن يدفعهم كونهم ملمّين بالثقافات الجديدة إلى أن يرعوا الأفعال الثقافية الجادّة، التي تصنع وعيًا جديدًا بفنّ العيش، فإذا بخيبتنا فيهم فاقت خيبتنا في الجيل القديم. بالعكس، فوجوه من الجيل القديم كانت ذات ذوقٍ وراعيةً لمنتجيه.

ما الفرق بين المقاول ورجل الأعمال إذا لم يساهم هذا الأخير في رعاية الفعل الثقافي؟ على الأقل امنحوا فرصة للفنّانين التشكيليين لأن يضفوا لمساتهم على المشاريع التي تنجزونها. فقد باتت البشاعة مهيمنة على طرقاتنا وأنفاقها وجسورها وعماراتنا وأسواقنا ومحطّات نقلنا ومطاراتنا.

 

السّيد علي حدّاد

لقد أشبعتموننا إسمنتًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في بجاية الجزائرية..الشعب يبني مسرحًا

المؤسسات الثقافية في الجزائر كأداة لخدمة النظام