09-يناير-2023
لوحة لـ غيرهارد ريختر/ ألمانيا

لوحة لـ غيرهارد ريختر/ ألمانيا

مواجهة أصنام هذه الأرض

 

أريد أن أقول شيئًا

رأسي مثل رأس طفلة فقدت للتوّ أمها

حسنًا إذًا، أتمنى الموت

لكن بطريقة مهذبة

أريد كسرة خبز من اليد التي فقدتها

صوت حميم من زمن قديم

في الفناء

ينحني على العشب

ثم يختفي.

دومًا كان جناحايَ يعودان خائبين

مثل غصن منكسر تُرك للشجرة بعد قطع عنقها

لديّ الإحساس ذاته للوحدة

بعض مشاعري تتحول أحيانًا إلى خشب

هل من صديق يفهم كلماتي؟

أحببتُ عددًا من المرات حبًّا غير دافئ

فيه ثلجٌ كثير  

ثم أيقنتُ أنه كان مجرد هواء في فراغ

لمرور الوقت الحزين.

منكمشٌ قلبي للخوف

سيلفيا بلاث كانت محقة

أي طقوس من الكلمات

يمكن أن ترمّم الخراب.

لا أحب أن أتكلم عن الله والوطن

فكلاهما لا يحبّني

أجلس عند قبر أبي

أفكر أنه أيضًا لا يحبني

تعثرت كثيرًا بعده

وجدني الزمن في ممرات مظلمة

يلتهمني رجال خبثاء

كان لي شأنٌ عظيم مع الخطيئة.

أريد من يقشّر ذاكرتي

ويستبدلها ببلاد جميلة

حيث كل الأخطاء لا ترمّم وحسب

بل تسقط في طريق العدم.

من يجد عظامي فلْيستبدلْها بأغانٍ

فأنا مقيمة في بلاد

كل ما فيها محرّم

حتى الصوت.

الذي يرغب بشدة

أنْ يدير ظهره للألم.

 

مسحة سرمدية

 

سيوران في اللوحة

ساكن بلا حلول للغز الكون

يكتب فقط في وضع قابل للانفجار

تفاديت نبوءاته

قفزات في المطلق

أريد أن أجرّكم إليه

هناك يمكن مواجهة أصنام هذه الأرض

هناك يمكن أن تُفهم الحقيقة.

*

 

نكتشف الحقيقة متأخرين

بعد أن يمرّ الغيم

ذلك القلب

في طريقه إلى التحليق فوق المحيط

يريد أن يترك قبره هنا ويمضي

يريد أن ينصت إلى الضوء

من أقرب مكان للضوء

الشكل الأساسي للحقيقة.

 

ما تم اقتناؤه بلا معنى

ما تمّ فعلًا

هو خطوة واحدة ناجية من الموت

كيف صرنا هنا!

نقيس يوميًا مستوى الحزن

وعلينا أن نكمل الحياة

منخفضين عن الحياة.

 

حواسّ موصولة باللّايقين

باللّاطمأنينة

ترتّب أيامها الأخيرة

فليأخذ الموت معنى آخر

حضور مشوّش للحب

يرتفع كثيرًا

ثم يهدأ كثيرًا

يتنفس على مقياس الحزن نفسه.

 

حديث مرتبك مع السماء

منطقة عبور مع الأنبياء

خالية من الاستجابة

رغبة في استعادة حياة أخرى

حتى لا يكون الله وحيدًا

في زحمة الصلاة والمعارك

فلتهيئ لي مكانًا ساكنًا قربك أيها الإله

بين أشجار كثيرة

وقصائد ومعزوفات جنائزية

تحيلني إلى أكثر من حياة

 

ما أريد قوله حزين جدًا قد يؤلمكم

سأحمله في ظلي فقط

لا يريد أن يُظهر وجهه

إلا للحقيقة المطلقة

 

أيدٍ متخيّلة

تقودها العتمة

الشكل الأساسي للوحدة.

*

 

الأحلام أيضًا تساقطت متتاليةً

كأشجار ابتلعتها ذئاب جائعة

تحوّلتُ ذات مساء

إلى خطر كبير

عارية في مرآة مصابة بالصدأ

تضحك وخلفها على الحائط ترى

صرصارًا كبيرًا

يريد أن ينبطح على ظهرها.

 

أهرب دائمًا من مكاني

حنان غير كافٍ يتدلّى من سرّتي

هناك فراق على الباب

ومحاولات حياة فاشلة.

 

آه أيها المطر الذي تتساقط الآن في فمي

أريد أن أضحك بلا أسباب مهمة

أيّ عبثٍ هذا الذي نحن فيه

الله الذي يخصّني

يبكي أيضًا بلا أسباب مهمة.

 

الوعي بالذات

سخرية من الفكرة الأولى للحياة

حنين إلى سعادة ما

لن تكون على هذه الأرض.

 

هذا الذي في داخلي

يجعلني أحسّ بالبرد دائمًا

أريد أن أنتمي لأهدأ.

هذا الذي في داخلي

لفرط ما بكى

لم يعد يؤمن بشيء

ولا يحبّ أحدًا.

 

امرأة ترفع الغطاء عن مؤخّرتها

أليس هذا ما تريدونه

أيها الرّجال التعساء؟

المكان يجعلني أرتجف

موتي أنا بارد اليوم

وحياتي الوحيدة اقتسمها أنذال.

*

 

النّهر في الصيف

عينا أبي الزرقاوان

بطّيخة في الماء

سنقطعها بعد قليل.

 

جالسًا على صخرة

قدماه في الماء

يتبدّل وقت الصورة

ألم القلب ينفتح وينغلق.

 

كان يحب أن نكون عائلة ملتزمة

بتعاليم وضعها رجال دين بلا قلب

كان يظنّ أن الله هناك.

النّهر أخذني بعيدًا فهويت

تفكيك الرّموز

سرير بلا ظهر

المعنى أعمى

يقف وسط المياه خائفًا

لا يريد إلا العودة

إلى تينك العينين الزرقاوين.

 

الطريق إلى المقبرة

حيث يرقد أبي

مكسوّ بغطاء من العشب

بإمكانك أن ترى الآلهة على براءتها

الآلهة تستند إلى مقاعد حجرية

وُضعت خصّيصًا لها لأجل عناء الأرض.

الصمت هنا

اسمه الطريق إلى الجنة

والقبر ينظّفه أبي

كلمّا شعر بالوحدة.