24-يوليو-2017

تبيع بعض الجامعات الخاصة الوهم للطلبة في مصر (كريس بورنكلي/أ.ف.ب)

إعلانات مجهولة المصدر، ملصقات تشير إلى معاهد وكليات خاصة، وعود بشهادات جامعية معتمدة عالميًا.. تنتشر بنهاية موسم الثانوية العامة في مصر، حاملة أرقام هواتف "ساخنة" تعرف جمهورها.

تبيع العديد من الجامعات الخاصة الوهم لطلابها وتقدم لهم بعد سنوات الدراسة شهادة غير معترف بها داخليًا ودوليًا

التجارة بأحلام طلاب الثانوية العامة، الذين لم يحصلوا على مجموع مناسب، ويريدون أن يصبحوا مهندسين وأطباء، هو عنوان تلك المعاهد والكليات، خاصة الذين يفقدون فرصة الالتحاق بالجامعات الحكومية لأن مجموعهم في الثانوية العامة لا يرقى لها فيتَّبعون الإعلانات المزيَّفة، التي تقول (ضمنيًا): سنمنحك شهادة مقابل آلاف الجنيهات.

تنشط هذه الإعلانات لدى تلك المعاهد مع وبعد، ظهور نتيجة الثانوية العامة، فتحتل الشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي ومكاتب التنسيق، فهي جامعات بلا شروط، ولا تريد مؤهلات خاصة للالتحاق بها، وتهرب من مظلة وزارة التعليم العالي المصرية لكي تجذب طلابًا أكثر.. ليكتشف الطالب مع نهاية سنوات الدراسة أنه حصل على شهادة وهمية لا تؤهله للعمل، فلا أحد يعترف بها، لا الحكومة المصرية، ولا الجامعات الدولية، ولا المحلية.. يكتشف أنه اشترى الوهم طوال سنوات الدراسة، التي تمتد أحيانًا لخمس سنوات بعيدًا عن عين الدولة، وأحيانًا، بالموالسة معها.

اقرأ/ي أيضًا: طلاب تونس وحلم الجامعة الخاصة

تؤكّد مصادر صحفية لـ"الترا صوت" أن المعاهد التي تمنح هذه الشهادات، غالبًا، يكون فيها شخص من جهة رقابية شريكًا بحصة ثابتة، ليقوم بمهمة حمايتها من الغلق أو المداهمة أو المطاردة، فلصق الإعلانات في الشوارع، فقط، فعل يحاسب عليه القانون، وبعض المعاهد المزعومة أصدرت جهات رسميّة قرارًا بإغلاقها لكن جهة تنفيذ الغلق لا تنفذ القرار، خاصة أن الإعلانات غير معقولة: "يقبل المعهد جميع الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو الأزهرية أو الشهادات المُعادلة، والحاصلين على دبلومات فنية بحد أدنى 50% دون التقيّد بسنة التخرج".

هذا الإعلان، في مصر، يعني أن أي شخص يمكن أن يحصل على شهادة من هنا، فالشروط أقل من "الحد الأدنى" للطلاب، لأنه لا معهد أو جامعة في مصر معتمدة حكوميًا تقبل الحاصلين على أقل من 60%.

 

الجامعة السويسرية.. لقد نلت الحسنيين

اسم الجامعة السويسرية لامع وبرَّاق، يلفت انتباه من يبحث عن جامعة، أو معهد، فما أجمل أن تحصل على شهادة من جامعة أجنبية، وتسهّل لك الهجرة إلى دولة كبرى.. لقد نلت الحسنيين. لكن التفتيش وراء اسم الجامعة السويسرية يكشف الكثير.

حذَّرت وزارة التعليم العالي منها عام 2016، وأعلنت السفارة السويسرية أنها غير تابعة لأي فرع أصلي في زيوريخ، فلا فروع بالقاهرة لجامعة "جيسبون".. لكن الصفحة، هي الشيء الوحيد الذي يدلّ على وجود فرع لتلك الجامعة في مصر، لا تزال باقية وتتمدَّد وتصل لطلاب جدد.

لماذا الجامعة السويسرية تحديدًا؟.. إعلاناتها على فيسبوك تنتشر انتشار النار في الهشيم، فيما يبدو أنها تموّل عمليات النصب التي تقوم بها تمويلًا ضخمًا، وتغري الطلاب بأنها لا تشترط مجموعًا محددًا لاختيار دراسة مجال أو كلية معيّنة، فلا تتقيّد بالدرجات.. من يريد أن يدرس شيئًا فليدرسه، وهو شيء مخالف لقوانين التعليم في مصر.

تغري بعض الجامعات الخاصة في مصر طلبتها بإمكانية دراسة أي اختصاص مهما كانت نتائجهم في الثانوية العامة وبارتباطها بجامعات أجنبية

لا مبنى للجامعة السويسرية بالقاهرة، فالتعلم عن بعد، والدرجة العلمية عبر الانترنت، والشهادة أيضًا. تملك صفحة على فيسبوك، تجذب من خلالها الطلاب عبر إعلانات، وتدّعي أنها تابعة لجامعة "جيسبون"، التي تملك سبعة فروع في سويسرا وأمريكا: "الفرع الثامن بالقاهرة".

تواصل "الترا صوت" مع المسؤولين عن الجامعة عبر الأرقام الهاتفية. سألنا عن التراخيص، فكان الرد جاهزًا من إدارتها: "ليس مطلوبًا منا اعتمادًا حكوميًا رسميًا بالقاهرة، فالشهادة معتمدة من سويسرا وتصدر بعدة لغات، والتعليم والدَفع والحصول على المراجع والشهادات أونلاين فلا نحتاج مقرًا في مصر".

اقرأ/ي أيضًا: الجامعات الخاصة في المغرب.. قنبلة الغلاء

"الشرق الأوسط".. 50% تكفي للنجاح والتفوق

إعلان على موقع "فيسبوك" قاد "سلمى.ن" إلى معهد الشرق الأوسط لتكنولوجيا الحاسبات. يقول الإعلان: "لا نشترط سنًا، نقبل جميع أصحاب الشهادات الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات بشرط ألَّا يقل المجموع عن 50% "درجة النجاح الطبيعية".

في منطقة المهندسين بالجيزة، وجدت سلمى مقرًا ممَّا يطلق عليه "تحت بير السلم".

أما مدير المعهد شخصيًا، فلم يكن حاصلًا على الدكتوراه على عكس شروط التعليم بالقاهرة، فلا بد لكي تدير معهدًا يمنح شهادة جامعية أن تكون حاصلًا على الدكتوراه. فور سؤاله عن الاعتماد الجامعي، قال: "المعهد غير خاضع لإشراف وزارة التعليم العالي، لكنه تابع لوزارة التربية والتعليم".

ألقى جملته الأولى، وصمت، فكان يعرف أن هذه الإجابة غير المنطقية ستجرّ عليه وابلًا من الأسئلة الأكثر صعوبة، فاستبقها وقال: "المعهد يعمل منذ التسعينات من القرن الماضي، وله خريجون".

أبرز مدير المعهد "الوهمي" شهادة أحد الطلاب، وبالبحث عنها وسؤال خبراء ومختصين، تبيّن أنها "غير معترف بها" من وزارة التعليم العالي ولا التربية والتعليم، التي لا يقع ضمن سجلاتهما أي ذكر لما يسمّى بـ"معهد الشرق الأوسط".

أحد خريجي المعهد كتب شكوى إلى وزارة التعليم العالي، التي فتحت الجدل بشأن المعهد المزعوم، قائلًا إنه "بعد إتمام دراسته على مدى عامين دفع خلالهما 20 ألف جنيه (1100 دولار أمريكي)، لم يحصل على شهادة تخرج إنما حصل على شهادة تحمل عنوان (دورة تدريبية)".. وحين هدَّد مدير المعهد بالفضيحة، وتقديم بلاغ للنائب العام المصري، كان الرد ساخنًا وجاهزًا: "اعمل اللي تعمله، احنا مسنودين، ومحدش يقدر علينا"، وفق قوله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

العودة لـ"وسايا الخواجات".. الجامعات الخاصة مثالًا

"بفلوسك" فقط.. احصل على ماجستير الطب في مصر