29-مارس-2021

لوحة لـ رياض نعمة/ العراق

أبيعُ قصائدي 

كأيّ موادّ عتيقة وصافية

يأخذُها تجار أجانب

ثم يصنعونَ منها القمصان 

التي ألبسها في العيد.

في الآونة الأخيرة عرفتُ ذلك

فصرتُ أبكي دون أن أشرح لرفاقي.

 

ها أنا أشرح لهم الأمر الآن:

يجب أن تلفّوا الكتب الباردة

بأقدم قمصاني!

*

 

كبرتُ على الحب الآن 

لم أعد أدخن لصق نافذتي متأملًا

الأمطار التي تهطل ببطء

كأقدام الغرباء.

لم أعد أرنّ الأجراس

دون أن تكون لي حاجة 

أو أكتب على الجدران التي أتمنى زوالها.

لقد كبرتُ وصرت أجفف 

دموعي بكمي متقوّيًا

كمن يرمق الطيور الميتة في قصيدته 

هكذا أعزي نفسي بنفسي.

من شرفتي تصيح النجمة كفتاة متطايرة

فأفرش لها المرايا

المكسورة على هيئة أنهار!

*

 

أحيانًا 

علينا أن نبتكر عيونًا عديدة 

أولى للقراءة وثانية لتأمُّل الغابة المشعّة.

عينٌ للبكاء وأخرى للرّحمة

وعينٌ للتحدُّث

عمّا يُنقذنا.

 

أحيانًا

علينا أن نعيش بعينٍ واحدة 

لكنها عينٌ مليئة بالأيدي 

تلكَ الأيدي البعيدة 

التي تودُّ تجفيفَ الدّموع 

فتلوّح بالمناديل!

*

 

نحن الثلاثة الذين نحبكِ

نصعد السيارة ذاتها

عائدين إلى بيوتنا

حقائبنا ببن أقدامنا ودموعنا أيضًا.

نفتح رسالتك معًا

سلسلة طويلة من اللاءات

لا لا لا لا لا لا 

لا للأولاد

لا للسفر

لا لغسيل الملابس الضائعة ككلب

لا للسيارة التي تجمعكم.

أنا الوحيد الذي أقرأ الرسالة

بجدية 

كأنني أتذكر كلمات أغنية مترجمة:

كل شيء لا يتألم 

يفعل ما ينوب عن الألم!

*

 

أدركتُ أنّ الزواج سيستمرّ 

طالما ثمّة ريحٌ باردةٌ 

تهدّد السقوفَ الخفيضة،

طالما ثمّة أطفال يودّون

عبادة أمهاتهم

طالما ثمّة نصفان

للكأس ذاتها.

أدركتُ أنّ الزواج سيستمرّ 

وأغرمتُ مستوحدًا

بالحياة التي لا تكفي زوجًا واحدًا

لكي تكفي زوجين!

*

 

أنتظرُ اجتيازَ طريقٍ نهائيّ 

هذه الفترة 

ألتفتُ يمنةً ويسرة

ثم أكرّرُ ذلك برأسٍ شامخ

تدمعُ عينايَ لصعوبةِ الهواء وجسارته، 

لتوحّشِ المارة 

لحنانٍ عابرٍ 

لغروبِ الشّمسِ البلهاء 

وزوالِ السيارات!

*

 

في سنةٍ من السنوات

كنتُ أنا وأحد رفاقي

نتجادلُ بشأن دموعنا وخلودها

قالَ سأصنع من دموعي

علبًا للحلوى

وقلتُ سأصنعُ منها أوراقًا ملوّنة

ها هي دموعُ رفيقي الغابر

تتلفُ في القمامة وحدها

ودموعي تُوزَّعُ

كبطاقات في الأعياد!

 

  • القصائد من مجموعة بعنوان "سماءٌ بعيدة كقبرٍ مفتوح"، ستصدرُ عن دار النهضة العربية في بيروت ضمن سلسلة "أصوات" الشعريّة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحب أن نكون أيروسيين حتى الموت

من يعيد للمدينة ذاكرتها؟