20-أبريل-2018

حسام هلالي

في دورتها الثانية، وسّع القائمون على "جائزة أسامة الدناصوري" أبواب المشاركة لتشمل كلّ الدول العربيّة، بعد أن اقتصرت في دورتها الأولى في العام الفائت على المشاركات المصريّة فقط. هكذا، وجدت لجنة تحكيم الجائزة التي ضمّت كلٍّ من: المصرييّن أحمد ندى وأسماء ياسين، والمغربيّ مبارك وساط، والعراقيّ علي ذرب، والجزائريّة لميس السعدي، والسوريّ حسين بن حمزة؛ وجدت نفسها إزاء 150 مخطوطًا شعريًا، وقع اختيارها على 11 مخطوطًا منها فقط.

ذكرت لجنة جائزة أسامة الدناصوري أنّها استبعدت الأعمال التي اتّصفت بالتشابه والمستوى العادي والغرف مما هو موجود بغزارة مكرورة

في بيانها الصحافيّ، ذكرت اللجنة أنّها استبعدت الأعمال التي اتّصفت بالتشابه والمستوى العادي والغرف مما هو موجود بغزارة مكرورة داخل المساحات والتصوّرات التي يكتب فيها الشعراء العرب اليوم. ذلك أنّها تتراوح في منطقة شعريّة معروفة ومستعملة، وفي مناخات تفتقر إلى الاكتشاف والفردية والمغامرة. وأكّدت أيضًا أنّها راعت في تقييمها للأعمال أنّها أعمال أوليّة لا تخلو كغيرها من مشاكل البدايات وعثراتها. وعلى هذا النحو، خرجت اللجنة بثلاثة أعمال فائزة في هذه الدورة من الجائزة، هي: "المركز الأوّل: شرفة تليق بالانتحار لـ حسام هلالي من السودان. المركز الثاني: هنا يرقد الرجل الأحمق لـ منيار العيسى من سوريا. والثالث: الطائفي في أسبوعه الدامي لـ محمد كريم-العراق.

اقرأ/ي أيضًا: شعر العراق (1- 2).. القذيفة التي ترفض الهبوط

"ألترا صوت" التقى بالشاعر السودانيّ الشاب حسام هلالي الحاصل على المركز الأوّل في الجائزة. وفي حديثه، قال حسام هلالي إنّ المجموعة هي خلاصة عملية من الفلترة لنصوص كُتبت في فترات متباعدة، بعضها يعود لـ 15 عامًا، والأخرى كُتبت قبل عام. وأضاف حسام هلال: "هي الرابعة تقريبًا منذ أن بدأت في الكتابة، لكنّها الأولى التي أرضى عنها وأطرحها للنشر، ما يعني أنّها خلاصة تجربتي الشعريّة في مرحلتيّ البدايات والنضج. ومن سيقرأها سيلاحظ اختلاف نَفَس الكتابة بين نصّ وآخر وحسّ التجريب الذي يجعلها مجموعة غير متجانسة بالمرّة، وهو ما دفعني لتقسيمها لستّة مجموعات فرعيّة حسب أجواء النصوص، يبدأ كلّ منها باقتباس، وينتهي بنصّ من سطر واحد بلا عنوان. كي أخفف من وطأة التباين".

وحول عنوان المجموعة، يقول حسام هلالي أنّه كان محتارًا بين عنوانين "قنفذ في الجمجمة" و"موسم الهجرة إلى الجنوب". ويُحيل العنوان الثاني القارئ مباشرة إلى الواقع السياسيّ للسودان بعد النهاية المؤقتة للحرب الأهليّة. ذلك أنّه ينطوي على مجموعة من القصائد المليئة بالرثاء والبكائيّات البائسة. أمّا فيما يخصُّ العنوان النهائي للمجموعة، يقول محدثنا حسام هلالي إنّه لا يوجد سبب معين لاختياره له، سوى أنّه معجب بعبارة "شرفة". عدا عن أنّها أيضًا عنوان أحد نصوص المجموعة. وهنا يؤكّد حسام هلالي لنا أنّ القصيدة لا تتحدث عن الانتحار بقدر ما تطرحه كخيار في مواجهة حالة الانتظار لموت محدق.

ويضيف حسام هلالي: "لست كابوسيًا في كتابتي، والموت ليس هاجسي، لكنّها فكرة رهن الكتابة بدأت تراودني في فترة بؤس خيم عليّ بعد علاقة عاطفية فشلت في مهدها، قررت حينها أن أستقر في الخرطوم لأوّل مرّة في حياتي بعد اغتراب لم ينته فيها، وعلى عكس بيوت السودان التقليديّة الواسعة كنت أستأجر شقة في الطابق السادس تشرف على المطار، وفوق أنّني مصاب برهاب المرتفعات، سبق لي أن مررت بتجربة قاسية في القاهرة عندما وصلت في اللحظة الأخيرة قبل أن تسقط أختي الصغرى من الطابق الثالث. فكنت كثيرًا ما أخرج للشرفة وأنظر إلى القاع، إلى الأسفلت، من ذلك العلو وأفكر فيما سيحدث لو قررت أن أقفز من كل هموم، فجأة؟".

أمّا عن شعوره حين علم بخبر حصوله على المركز الأوّل في الجائزة، يقول حسام هلالي أنّه شعر بالإحباط. فصحيح أنّ الخبر سار، ولا سيما أنّ الجائزة قائمة على الجهود الذاتية لأصدقاء أسامة الدناصوري لتخليد اسمه ودعم الشعراء الشباب، ولكنّ ثمّة أمرًا مريبًا يحيط بالتغطية الإعلاميّة للجائزة، ربّما يكون ناجمًا عن التخبط وسوء الإدارة. ذلك أنّ هناك تجاهلًا غريب للجائزة يُضاف إلى رصيد التهميش الذي يحيط بالشعر بشكلٍ عام". ويؤكّد أنّه باستثناء الصحافة السودانيّة، لم يكتب عن الخبر سوى مواقع إلكترونية معدودة. ويضيف هنا ممازحًا: "وكأنّها جائزة مدرسية في جزر فيجي!".

جائزة أسامة الدناصوري جائزة استثنائيّة لأنّها لا تذهب إلى الأعمال المنشورة إنّما المخطوطات

يشير الشاعر حسام هلالي إلى أنّ تجربته الأدبيّة لا تزال متواضعة إلى حد كبير، وكلّ ما يرجوه من الجوائز المماثلة هو الحصول على فرص للنشر والمزيد من القراءة خارج محيطه. كما أنّه يعتبر جائزة أسامة الدناصوري جائزة استثنائيّة لأنّها لا تذهب إلى الأعمال المنشورة إنّما المخطوطات. وبالتالي، وبحسب اعتقاده، فإنّ الجائزة الحقيقيّة هي طباعة المجموعة في كتاب ونشره في دار نشر محترمة.

اقرأ/ي أيضًا: من يمنح جوائز الدولة في مصر؟

أخيرًا، لا يعتقد حسام هلالي أنّ الجوائز سوف تترك أثرًا سلبيًا على تجربته الإبداعية. ويضيف قائلًا: "هذا النوع من الجوائز لا شرّ منه، فقد حصلت على المركز الأوّل بعد أن كتبت كل ما أرغب في قوله، تعريت تمامًا ولم أمارس أي قدر من الرقابة على خيالي ولا على معجم ألفاظي، الذي كان من الممكن أن يودي بنصوصي في سياق آخر".


قصيدة من مجموعة " شرفة تليق بالانتحار":

النظام العالميّ

رابضون عند المتاريس

قمرٌ يكتمل في غياب الذئاب

الطرقات الموحشة غارقة في الأدرينالين

هاجسٌ يفوق الجحيم حول ضواحي حلب

خلف مكاتب حصينة في العواصم البعيدة

يمارس سادة العالم الحجامة فوق ظهورنا المغدورة

يتخلصون من أرواحنا الممزوجة بدمائنا الفاسدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أندريس نيومان.. شعر يملأ فراغ الحاضر

الجزائر.. جائزة للرواية باسم الطاهر وطار