11-أغسطس-2015

من المسؤول عن كل هذا التحريض الطائفي؟ (Getty)

كانت الساعة العاشرة مساءً، حين دخل حسن، كعادته يوميًا، إلى أحد سيرفرات لعبة "gta 5"، ليجد لاعبيْن آخريْن يتكملون اللغة العربية. شعر حسن بالارتياح لوجودهم، رغم أن لهجتهم تختلف إلى حدٍ ما، عن لهجته اللبنانية. لم يتردد بإيقاف اللعبة لبضعة ثوان لإحضار "الميكروفون" والتواصل معهم.

تطور الشجار حتى أصبح شجارًا طائفيًا بامتياز واستخدمت فيه مختلف العبارات المذهبية

"مرحبًا، معكم أخوكم حسن من لبنان". رحّب اللاعبان بحسن بلطفٍ شديد، معرفين عن نفسهما بدورهما: يزن وأحمد من السعودية. طلبا منه البقاء مكانه ليصطحباه معهما في سيارة أحدهما الباهظة الثمن، حسب ما تجري الأمور في اللعبة الشهيرة. وافق حسن على ذلك، ليصعد معهما ويبدأون البحث عن أموال لسرقتها. مهلًا... هذا هو الهدف الرئيسي للعبة.

كان كل شيء على ما يرام، إلى أن دخلت والدة حسن غرفته، طالبةً منه التوقف عن اللعب. سمع السعوديان كلام الأم، فالميكروفون ما زال موصولاً واللعبة مستمرة، وهنا كانت نقطة التحول في الحديث.  فقد تحول الود واللطف إلى توتر. "صلاة المغرب والعشاء؟ في الساعة العاشرة؟ هذا يعني أنك شي...!"  أضاف صديقه: "لقد شعرت بذلك منذ البداية، ابن عاهرة" لم يسكت حسن، بالطبع، على ما ورده من سباب، وقابلهم بالمثل. بادر بدوره إلى كيل الشتائم المذهبية ليزن وأحمد، وخرج من السيارة، في اللعبة طبعًا.

تطور الشجار حتى أصبح شجارًا طائفيًا بامتياز، استخدمت فيه مختلف العبارات... المذهبية. خرج اللاعبان من اللعبة تمامًا، ثم وصل الأمر بأن يتفوّه الطرفان بعبارات أكبر من ذلك وأشد خطورة. دعوات إلى القتل والقتال. حسن يحاول قتلهما وهما يحاولان قتله، لم ينته القتال إلا حين قتل السعوديان حسن... داخل اللعبة طبعًا. خرج حسن من السيرفر، وذهب ليؤدي صلاته. حدث هذا داخل اللعبة. ولو كان هذا الشجار يحدث وجهًا لوجه، لحاول أحدهما قتل الآخر، ربما؟

حسن ويزن يصوران ما يحدث اليوم، ولا شك بأن هذا الشجار المذهبي قد وقع آلاف المرات، في لعبة أخرى، أو على أحد مواقع التواصل الأخرى... ويجب أن لا ننسى أيضًا أنه يقع على أرض الواقع. من المسؤول عن كل هذا التحريض الطائفي؟ هل هي غلطة يزن أو حسن؟ أم أنها نتيجة المجتمع ككل والبيئة الحاضنة لكليْهما؟ أم هي التربية الدين بحد ذاتها؟ أسئلة كثيرة لا إجابة عنها في "سرفرات" الـ"Gta 5". الأخيرة مجرد لعبة، أما الطائفية والمذهبية...؟


التحريض على العنف

حققت لعبة "grand theft auto 5" نجاحات باهرة في السنتين الماضيتين، فاللعبة التي بلغت عائداتها الـ800 مليون دولار أمريكي خلال الـ24 ساعة الأولى من إصدارها، تجذب العديد من اللاعبين بمختلف أعمارهم، من جميع أنحاء العالم، الذين يُسرعون بإنهاء الـ"story mode" الخاص باللعبة، ليبدؤوا اللعب "أونلاين".  فعالم "gta online" له طعمٌ خاص، إذ يجمع بين عشاق اللعبة من خلال سيرفرات خاصة تدع "sessions"، وتضم كل "session" عشرات اللاعبين، الذين يُخيّرون ما بين التجوّل في شوارع مدينة "لوس سانتوس" الافتراضية، باحثين عن قتل بعضهم البعض لقاء مبالغ من المال تصرف على شراء الأسلحة، الملابس، السيارات وغيرها... أو خوض السباقات على اختلاف أنواعها، وحروب الشوارع، أو التعاون فيما بينهم لإنجاز مهمات تُطلب منهم. وعادةً ما يتواصل اللاعبون فيما بينهم ليتبادلون الأفكار أو لتحريض بعضهم على قتل البعض الآخر، وغالباً ما يكون الحوار ودودًا، بحيث يُخلق جوُّ من المرح بين اللاعبين. لكن المرح ليس مضمونًا دائمًا، وقد ينتقل مضمون اللعبة العنيف، إلى الواقع، كما حصل في حالة "شباب العروبة"، حسن، يزن، وأحمد!