18-أبريل-2024
مخيمات رفح قرب الحدود المصرية

(epa) يهدد اجتياح رفح حياة أكثر من مليون ونصف فلسطيني

في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال عمليته العسكرية في وسط قطاع غزة، أفادت تقارير صحفية إسرائيلية بأنه نشر المزيد من المدافع وناقلات الجنود في محيط القطاع استعدادًا للهجوم على مدينة رفح في أقصى الجنوب.

وقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أمس الأربعاء، إنه تم وضع قوات جيش الاحتلال في حالة تأهب، وتمت الموافقة على العملية العسكرية في رفح من قِبل هيئة الأركان ووزير الأمن يوآف غالانت.

وكان جيش الاحتلال قد أعلن، الثلاثاء الفائت، أنه قام بشراء 40 ألف خيمة لإيواء النازحين الذين يعتزم إجلاؤهم من المدينة قبل اجتياحها، لكن الخيام لا تتسع إلا لـ480 ألف شخص في حين يبلغ عدد النازحين في المدينة نحو مليون ونصف.

يعيش أهالي رفح في خوف مستمر من العملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة في المدينة التي تؤوي أكثر من مليون ونصف نازح

وتأتي هذه التطورات بعد عدة أيام على إعلان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تأجيل العملية العسكرية في رفح على خلفية الهجوم الذي شنّته إيران على "إسرائيل"، ليل السبت – الأحد، ردًا على قصف قنصليتها في دمشق.

وفي وقت سابق، الثلاثاء، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه لم يتم اطلاعها بعد على "خطط الإجلاء" الإسرائيلية بشأن العملية المرتقبة في المدينة المكتظة بالنازحين، وآخر معاقل حركة "حماس" بحسب نتنياهو.

وذكرت صحيفة "العربي الجديد" أن مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة بشأن قطاع غزة قد كشفت عن: "جاهزية واستعداد كاملين من الأجهزة والقوات الموجودة في شمال سيناء، وعلى طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة البالغ 14 كيلومترًا، ضمن خطة للتعامل مع سيناريو الاستعداد للإعلان الإسرائيلي المتكرر لاجتياح مدينة رفح الفلسطينية".

وقال المصدر إن رفع الجاهزية الذي ارتفعت وتيرته منذ مساء الإثنين الفائت، جاء بعد: "اتصالات من الجانب الإسرائيلي، مرتبطة ببدء حكومة الاحتلال الاستعدادات الخاصة بالعملية العسكرية في أقصى جنوب قطاع غزة"، لافتًا إلى أن جيش الاحتلال أخطر المسؤولين المعنيين في مصر قبل تنفيذه ضربات جوية استهدفت عدة مناطق متاخمة للشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر.

وأشار المصدر إلى أن: "الإدارة الأميركية أبدت تقبلًا للخطة التي سبق وقدمتها حكومة الاحتلال بشأن العملية العسكرية في رفح في مقابل عدم تنفيذ هجوم واسع ضد إيران". كما أوضح أن الخطة الإسرائيلية: "تعتمد على أسلوب الإزاحة، عبر تقسيم رفح إلى مربعات مرقمة، بحيث يتم استهدف مربع تلو الآخر، بما يدفع الموجودين فيه للتحرك بعيداً عنه، وبالتحديد نحو خانيونس، ومنطقة المواصي".

ولفت كذلك إلى أنه: "ضمن الاستعدادات المصرية في هذا الإطار، جاء رفع الطاقة الاستيعابية للمخيمات في مدينة خانيونس، والتي يشرف على إدارتها الهلال الأحمر المصري، وزيادة كميات المساعدات التي تدخل إليها بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي".

وفي سياق متصل، قالت صحيفة "إل باييس" الإسبانية إن نتنياهو استخدم، على مدار الشهرين الماضيين، التهديد باجتياح رفح كأداة للحرب النفسية ووسيلة للضغط على حركة "حماس" لتقديم تنازلات في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وأشارت الصحيفة، في تقرير، إلى أن نتنياهو يريد مهاجمة رفح لإرضاء شركائه القوميين المتطرفين، وتحقيق "النصر المطلق" في الحرب الذي يزعم بأنه "في متناول اليد". ولفتت إلى أن وزير أمن الاحتلال، يوآف غالانت، قد ناقش سلسلة من الإجراءات التي ستُتخذ استعدادًا للعملية، ومنها إجلاء المدنيين وتوسيع الأنشطة المتعلقة بإيصال المواد الغذائية والمعدات الطبية إلى غزة.

وبينما قالت إنه من الممكن أن يصبح الغزو البري لرفح جزءًا من أسلوب "إسرائيل" في الرد على الهجوم الإيراني قبل عدة أيام، أشارت الصحيفة إلى استطلاع رأي أجرته الجامعة العبرية في القدس المحتلة أظهر أن 44 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح حتى لو أدى ذلك إلى توتر العلاقات مع الولايات المتحدة، فيما يعارض 25 بالمئة الهجوم.

وقُوبل إعلان جيش الاحتلال عزمه تنفيذ عملية عسكرية برية في رفح بمعارضة دولية واسعة لكن دون خطوات جدية ملموسة لوقف الهجوم، حيث حذّرت دول ومنظمات أممية وإنسانية وحقوقية عدة من خطورة العملية وتداعياتها المدمرة على حياة أكثر من مليون ونصف فلسطيني يعيشون في المدينة، التي تتعرض للقصف بين وقت وآخر.

وقال الأمين العام لمنظمة "أطباء بلا حدود"، كريستوفر لوكيير، في جلسة لمجلس الأمن الدولي في شباط/فبراير الفائت، إن الناس في رفح يعيشون في حالة خوف من الغزو. وكان لوكيير قد زار المدينة لمدة أربعة أيام، وقال لصحيفة "إل باييس" الإسبانية بعد عودته من قطاع غزة، إن: "الهجوم البري في رفح سيكون أمرًا مروعًا للغاية.. مذبحة".

وأضاف لوكيير أن المشكلة لا تكمن في كيفية إدارة الهجوم على رفح بل في الهجوم نفسه، مشيرًا إلى أن جميع الطرق في المدينة مليئة بالخيام والملاجئ المؤقتة، وأن عملية تهجير الفلسطينيين منها سيكون أمرًا مستحيلًا.

وتابع: "أحد الاحتمالات التي يتم الحديث عنها هو أخذ الناس إلى الشاطئ، وهو ضيق جدًا. لا توجد مياه جارية، ولا ظروف صحية، ولا مراحيض"، وأكمل لوكيير قائلًا: "من السخافة تمامًا الاعتقاد بأنه يمكنك نقل 1.5 مليون شخص بأمان دون الإضرار بصحتهم بشكل خطير. لا أستطيع أن أرى أي احتمالات ممكنة".  

وأكد لوكيير أن المستشفيات المتبقية بغزة بدورها لن تكون قادرة على التعامل مع تداعيات الهجوم على المدينة. وقال واصفًا ما شاهده في مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، إن الممرات كانت: "مملوءة على الجانبين بالناس الذين ينتظرون تضميد جراحهم"، وأضاف: "كان الجو حارًا، وكان الظلام مظلمًا، وكنت أتجنب أن أدوس على الناس بسبب الكثافة العالية للمرضى".

وأشارت صحيفة "إل باييس" إلى أن هذه المنطقة كانت تعاني بالفعل من نقص الرعاية الصحية حتى قبل الحرب، بينما تواجه الآن تحديات متزايدة نتيجة استمرار العدوان وتزايد أعداد الضحايا، وتضطر إلى المفاضلة بين الجرحى والمرضى الذين يعانون من سوء التغذية بسبب عدم وجود أسرة كافية.