10-سبتمبر-2023
جوجل بارد

أعلنت شركة جوجل مؤخرًا عن تحديث مهم لسياساتها فيما يخص الذكاء الاصطناعي، إذ قررت الشركة مطالبة منظمي الإعلانات السياسية بالكشف عن المحتوى الاصطناعي في إعلاناتهم، مثل الصور التي تُنشئها نماذج الذكاء الاصطناعي.

وكانت شركة جوجل قد أعلنت عن الأمر يوم الأربعاء الفائت في مدونتها الرسمية، وهي إلى ذلك قالت بوضوح إنّ الإعلانات السياسية التي تتضمن محتوى "يجسد أشخاصًا أو أحداثًا حقيقية أو تبدو واقعية جدًا للعيان" ينبغي أن تتضمن "إعلاناً صريحًا وواضحًا" حتى لا يختلط الأمر على المشاهدين ممن يرون تلك الإعلانات. وبطبيعة الحال ستطبق الشركة هذه القاعدة الجديدة في متصفح جوجل ومنصة يوتيوب، فضلًا عن المحتوى الصوتي والمرئي (صور وفيديوهات).

الإعلانات السياسية التي تتضمن محتوى "يجسد أشخاصًا أو أحداثًا حقيقية أو تبدو واقعية جدًا للعيان" ينبغي أن تتضمن "إعلاناً صريحًا وواضحًا" حتى لا يختلط الأمر على المشاهدين

وعلى العموم يتزامن هذا الأمر مع اقتراب موسم الحملات الانتخابية للانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، فضلًا عن حدوث بعض الانتخابات المهمة في بلدان أخرى خلال العام ذاته. ولا غرو أنّ القرار مرتبط بالتقدم الهائل والسريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ إذ أصبح بمقدور الجميع الآن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى نصي وصوتي ومرئي زهيد النفقات، ويغلب عليه طابع الواقعية الشديدة. ومن هذا المنطق حذّر الباحثون وخبراء سلامة المعلومات الرقمية من خطورة أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، التي قد يستعملها أشخاص مغرضون لإنتاج بيانات ومعلومات خاطئة متعلقة بالشأن الانتخابي، وهو أمر ربما لا تكون الهيئات الناظمة ولا منصات التواصل الاجتماعي في وضع مناسب يؤهلها للتعامل معه بفعالية وكشف التزييف الحاصل. ومن الجدير ذكره أنّ لجنة الانتخابات الفيدرالية الأمريكية تدرس حاليًا مسألة تنظيم الذكاء الاصطناعي في الإعلانات السياسية.

واللافت للاهتمام أن الصور المنتجة بالذكاء الاصطناعي قد ظهرت مسبقًا في الإعلانات السياسية؛ ففي شهر يونيو/حزيران الفائت، نشرت الحملة الانتخابية لحاكم ولاية فلوريدا- رون دي سانتيس- مقطع فيديو على موقع X (تويتر سابقًا)، وتضمن الفيديو صورًا زائفة أنتجها الذكاء الاصطناعي لدونالد ترامب وهو يعانق الدكتور أنتوني فاوتشي (المدير السابق للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية). وكان من العسير حينها اكتشاف زيف تلك الصور، التي استخدمت بغرض توجيه انتقاد ضمني لترامب لعدم طرد فاوتشي من إدارته الرئاسية لإخفاقه في ملف وباء كوفيد 19. وأدرجت هذه الصور إلى جانب صور حقيقية للثنائي وبجوارها نص يقول: "ترامب على حقيقته".

من جهة أخرى نشرت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في شهر أبريل/نيسان الماضي إعلانًا قصيرًا مدته 30 ثانية فقط ردًا على إطلاق الحملة الانتخابية الرسمية للرئيس الحالي جو بايدن، واحتوى الإعلان صورًا اصطناعية تعرض الولايات المتحدة الأمريكية في وضع مزرٍ عقب إعادة انتخاب بايدن لمدة رئاسية ثانية. وصحيح أنّ الإعلان تضمن تنويهًا صغيرًا بأن "الصور مصممة كليًا بالذكاء الاصطناعي"، بيد أنّ بعض الناخبين المحتملين في واشنطن، ممن عرضت عليهم شبكة سي إن إن هذا الفيديو، لم ينتهبوا إطلاقًا إلى التنويه الصغير عند المشاهدة الأولى.

وأكدت جوجل في سياستها المحدثة أنها ستطالب بالإفصاح عن أي إعلانات فيها محتوى اصطناعي ربما يضلل المستخدمين. وهنا ضربت الشركة مثلًا على هذه الحالة، فأشارت إلى "الإعلان الذي يوجد فيه محتوى اصطناعي يتقوّل على الشخص كلامًا لم يقله، أو يأتي بتصرفات لم يفعلها"، فإعلانات كهذه تحتاج ولا ريب إلى التصنيف لحماية الجمهور والمستخدمين.

وتابعت الشركة قولها إنّ هذه السياسة لا تسري على المحتوى الاصطناعي أو المعدّل باستخدام الذكاء الاصطناعي إنْ كان هامشيًا "ولا يترتب عليه أي تبعات فيما يخص الادعاءات الواردة في الإعلان". ويشمل هذا الأمر على وجه التحديد التغييرات في حجم الصورة أو تصحيح الألوان، ويتضمن كذلك "تعديلات الخلفية التي لا تأتي بتصويرٍ واقعي لأحداث حقيقية".

وسبق لمجموعة من الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، ومنها جوجل، أن أقرّت مجموعة من التعهدات الطوعية التي تقدمت بها إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بغرض صون سلامة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لديهم؛ إذ قالت الشركات حينها إنها بصدد تطوير تقنيات معينة، مثل العلامات المائية، حتى يُميّز المستخدمون المحتوى الاصطناعي عن سواه.