23-مايو-2017

من يقف خلف الرصاصات الطائشة؟ (Getty)

لا حقيقة واحدة، ولا رواية واحدة بشأن يوسف العربي، الطفل المصري الذي يرقد الآن في مستشفى جامعة السادس من أكتوبر، برصاصة طائشة اخترقت رأسه، لا تزال فرق البحث الجنائي تتبع بصمات من أطلقها، والنيابة تحقق وراء الحادث، الذي تحوَّل إلى ظاهرة "سيريال كيلر"، أو قاتل متسلسل، يوزع طلقات العذاب والرحمة على العابرين بميدان الحصري بضاحية السادس من أكتوبر، مثيرًا حالة فزع، ولغزًا يحاصر الجميع: من يطلق الرصاص؟.

عدة روايات وسيناريوهات طافت حول حادث اختراق رصاصة طائشة جسد الطفل يوسف العربي، نجل الناشطة السياسية مروة قناوي

اقرأ/ي أيضًا:  الجزائر.. جرائم متعددة تهدد تماسك المجتمع

مشاجرة أم اغتيال أم مضطرب نفسيًا؟

عدة روايات وسيناريوهات طافت حول حادث اختراق رصاصة طائشة جسد الطفل يوسف العربي، نجل الناشطة السياسية مروة قناوي. هناك من قال إنها عملية استهداف سياسي لكن الرواية لم تجد رواجًا ولا قبولًا في الأوساط المصرية، خاصة أن مصر لم تشهد أحداثًا شبيهة في ذروة الاحتقان الثوري.

السيناريو الثاني أن مشاجرة بالأسلحة النارية وراء إصابة الطفل يوسف العربي، لكن شهود العيان لم يسجّلوا في تلك الساعة أي مشاجرات بالحي الهادئ، ولم يُسْمَع صوت لإطلاق نار. السيناريو الثالث يدور حول مضطرب نفسيًا يطلق رصاصًا عشوائيًا بـ"كاتم صوت" من شرفة منزله، وهو الأقرب إلى الحقيقة بعد عدّة مداولات وروايات وشهادات من بينها حوادث إطلاق نار جديدة.

والدة الضحية يوسف

القناص مضطرب نفسيًا.. غالبًا

لم يكن أمامنا إلا فريق البحث الجنائي، فالحقيقة تائهة على جسر من روايات أصدقاء يوسف العربي وشهود العيان. استجوب المحققون عددًا من أصدقاء المجني عليه الذين كانوا برفقته وقت الحادث، وناقش عددًا من شهود العيان و"طياري الدليفري" الذين نقلوا الطفل إلى المستشفى، واستمع إلى شهادات حوالي 150 شخصًا من سكان المنطقة المحيطة بمسرح الجريمة، وتم فحص جميع أسطح العقارات المجاورة.

المعاينة بيّنت أن المقذوف سقط من مكان أعلى من مستوى وقوف المجني عليه، واستعانت فرق البحث بخبراء الأدلة الجنائية لوضع تصور للمسافة التي أطلقت منها الرصاصة. هناك فريق آخر، مجهول الهُوية، لكنه تابع لفرق التحقيق يفحص باقي مناطق أكتوبر على مسافة أربعة كيلو مترات، لاستبيان حالة المنطقة في نفس توقيت إصابة يوسف.

امتدّت دوائر البحث عن القاتل إلى تفتيش وفحص دار أيتام قريبة من مكان الحادث، شهد البعض أن بعض من نزلائها مضطربون نفسيًا، ويحملون عادة السلاح ويمارسون "البلطجة" على الأهالي، وظلّ البحث جاريًا بهدوء حتى سقطت الضحية الثانية.

اقرأ/ي أيضًا:  مكتب "جرائم المعلوماتية" في لبنان: البوليس إن حكم

دعاء.. الضحية الثانية تتحدث

في الشارع ذاته بضاحية السادس من أكتوبر، سقطت فتاة مصابة بعيار ناري بـ"كاتم صوت" أيضًا، في نفس توقيت إصابة الطفل يوسف، وتدعى "دعاء.أ"، طالبة بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة.

تمكّن "الترا صوت" من الوصول إلى دعاء لتروي ما جرى، قالت: "كنت أجلس في كافيه يدعى (رومانتيك) بميدان الحصري، وشعرت بآلام فظيعة في ظهري، وصرخت فجأة ليتم حملي إلى أقرب صيدلية".

كيف عرفت إنها رصاصة من مجهول؟.. تقول دعاء: "طلب مني الصيدلي التوجه لأقرب مستشفى لوجود شظية في ظهري وهناك تم إجراء الأشعة اللازمة، التي أظهرت رصاصة استخرجها الأطباء بسرعة لإنقاذ حياتي".

حملت دعاء سؤالها إلى كثيرين: من الفاعل؟ فكانت الإجابة من جانب فرق البحث والتحقيق أنه "رشاش آلي، لكن حامله مجهول".

تعددت حالات الإصابة في ميدان الحصري في منطقة أكتوبر برصاص القناص وهي المنطقة التي شهدت حوادث إطلاق نار أكثر من مرة

أربعة ضحايا للقناص الغامض

نقلت بعض الصفحات الشعبية بضاحية السادس من أكتوبر على فيسبوك، أن حالات الإصابة في ميدان الحصري برصاص القناص وصلت إلى أربعة، خاصة حالة دعاء، المصابة الأولى، التي تنفي شبهة "الاستهداف السياسي" لابن الناشطة مروة قناوي، وتؤكّد أن الأمر حادث جنائي على ما يبدو.

وتواصل الترا صوت مع شهود عيان حول المشاجرة، التي ربما تكون أدَّت إلى إصابة يوسف برصاصة في الرأس، فأكّدوا أن المشاجرة انفضّت قبل الحادث بثلاث ساعات كاملة، وبتتبع خط سير يوسف العربي، فقد كان في ذلك التوقيت بمنطقة المنيل في القاهرة للقاء أصدقائه، بالإضافة إلى أن المشاجرة المذكورة لم تتطور إلى إطلاق النار من سلاح آلي.

طلقة (36 مللي آلي) أصابت رأس يوسف، وفق الطب الشرعي، استقرت في النخاع الشوكي بجذع المخ، أدّت إلى توقف شبه كامل في وظائف الجسم، لهذا السبب، يقول والده، سامح العربي، في وسائل الإعلام، إن نجله "ميت إكلينيكيًا".

ونقل العربي، الأب، في تصريحات تلفزيونية، عن شهود عيان أن "المكان الذي أصيب فيه يوسف بميدان الحصري بأكتوبر شهد حوادث إطلاق نار أكثر من مرة". لكن لماذا أثارت حالة يوسف كل هذا الجدل؟، لأنها رصاصة قاتلة في الرأس، لكن الإصابات الأخرى في القدم، والذراع، والظهر لم تكن ضخمة أو مميتة لتثير جدلًا.

تفاعل مع الحادثة

من يستخدم كاتم الصوت؟

أكَّد شهود عيان في أكثر من مناسبة وجود "شخص مجهول يعبث بحياة المارة من خلال مسدس كاتم للصوت"، وهو ما بنت عليه فرق البحث الجنائي خطتها لكشف الجاني، فبدأت تفتيش الشقق المحيطة بالمنطقة بحثًا عن أي أسلحة لضبط القاتل، الذي استهدف أربعة أشخاص حتى الآن بإصابات مختلفة وطلقات في مناطق مختلفة، خاصة أن الحصري لم تشهد مشاجرة بالأسلحة أو حفلات زفاف تستدعي إطلاق النار، فيمكن تفسير الأمر على أنه "رصاصة طائشة"، وتوصلت النيابة، في تحرياتها، إلى أن مصدر إطلاق النار يستقر على مسافة بعيدة، وأنه يتجول في منطقة الحصري بكاتم صوت ويقنص المارة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بلعيد.. شهيد وحدة لا فرقة

بعد اغتيال الزواري.. الشارع التونسي يضغط ويحتج