15-مايو-2016

هل خُطط ليكون الشرق الأوسط أرض النزاعات والاضطرابات؟(جوخان ساهين/Getty)

قالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، في مقال على صفحاتها، إن منطقة الشرق الأوسط تتعرض حاليًا لمخطط "إعادة تقسيم الخرائط" لإنشاء دول جديدة عبر "تقسيم المقسّم وتفتيت المفتت"، وفق تعبيرها. وأضافت في تقرير موسَّع بمناسبة مرور 100 عام على "سايكس بيكو" أن الاتفاقية زرعت مطامع الدولتين الاستعماريتين الأكبر في ذلك الوقت، فرنسا وبريطانيا، في أرض الشرق الأوسط بالاضطرابات، والنزاعات، ومخططات قلب نظام الحكم. وأضافت: "ظهور داعش وصعود الأكراد وضعف الدول العربية القوية هو أسلوب جديد لتقسيم المنطقة وإعادة هيكلتها وتعيين حدودها وفقًا لاتفاقيات جديدة بين القوى الاستعمارية".

جاء في مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، أن منطقة الشرق الأوسط تتعرض حاليًا لمخطط "إعادة تقسيم الخرائط" لإنشاء دول جديدة أخرى

اقرأ/ي أيضًا: آل سعود.. فروض الحرب على إيران من "تيران"

وقعت بريطانيا وفرنسا، اتفاقية "سايكس بيكو" الشهيرة عام 1916 لتقسيم منطقة الشرق، وإنشاء دول وخلق واقع جغرافي جديد على أنقاض الإمبراطورية العثمانية التي بدأت تتهاوى عقب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. وأشارت المجلة إلى أن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حاليًا وخاصة العراق والشام من صراعات حالية تعود جذورها إلى أكثر من 100 عام عندما وقّع الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو، والبريطاني مارك سايكس تلك الاتفاقية السرية بمشاركة روسيا، في آيار/مايو 1916 بعد مفاوضات لأشهر بدأت في نوفمبر 1915.

وكشفت المجلة عن أن واضعي الاتفاقية حرصوا على جعل تلك المنطقة مشتعلة لأطول فترة ممكنة وحاولوا تقسيمها بصورة تضمن السيطرة عليها وإشعالها في أي وقت، لذلك لم يمنحوا الأكراد دولة مستقلة ووزعوهم على أربع دول هي العراق وسوريا وتركيا وإيران، ومنحوا المسيحيين الموارنة دولة في لبنان وحرموا الهاشميين من ملكهم.

يشير تقرير "إيكونوميست"، ضمنيًا، إلى ما يعرف بـ"الشرق الأوسط الكبير"، المخطط الذي يدور في أوساط السياسيين والنشطاء فيلقى ردًا موافقًا ومدافعًا عنه إلى حد الموت بحثًا عن دليل صحته، وشواهد تنفيذه إلى الآن، منذ مائة عام، وعلى الجانب الآخر رد غاضب منه، ينفر من لفظ "مؤامرة"، ويرى المخططات في عقل من يروجها ولا شيء منها على الأرض.

حملت الحيرة إلى عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بالقاهرة، فكانت لديه وجهة نظر أخرى. تساءل: ما دلالة أن تقول "الشرق الأوسط العظيم" وليس "الكبير"؟.. وأجاب: "لغويًا، العظيم أصحّ، والدلالة: إن أردت أن تكون عظيمًا فلا تقل أنا عربي. انسب نفسك لطائفتك، قل: أنا شيعي، أنا نوبي، أنا إيزيدي".

محاولات التقسيم "بروفة" لتقسيم أكبر. العراق لن يكون الأخير، وليبيا لن تصمد طويلًا قبل أن تصبح 3 دول والقائمة طويلة وقد تشمل مصر

اقرأ/ي أيضًا: سايكس-بيكو.. حفل تشييع بعد قرن

ويعود إلى تفسير خرائط "الشرق الأوسط العظيم": "تفكيك المنطقة إلى 73 دولة، ومصر 5 دول، والتقسيم على أسس طائفية، وهو واضح في دستور العراق، الذي أقرّه، مؤخرًا، بول بريمر، الحاكم العسكري الأمريكي، ويقول إن العراق فيدرالي، والعرب أحد مكوناته، فلا تقل: أنا عربي.. قل: أنا كردي أو شيعي أو أيزيدي.. هكذا ستكون عظيمًا، معتزًا بعرقك لا ببلدك، وحاليًا يجري توطين السكان وفق التقسيم، السنة مع السنة والشيعة في حضن الشيعة في انتظار الحرب الأهلية، لتتحول، مع الوقت، إلى دول مستقلة كما جرى مع جنوب السودان".

سوريا قريبة إلى اللعبة، ما يكونها من إثنيات وأعراق وطوائف ومِلل وأديان يدفعها إلى التفكك، خاصة مع الثورة التي تأخذ شكلًا دينيًا الآن، الشيعة مع بشار، والسنة ضده. ويلمح "الدسوقي": "زرع الألغام تحت قصور العلويين ليس نقيًا وثوريًا بالكامل، هناك من يريد أن تتفكك الأرض من تحت قدميه، ليأتي أي رئيس سوري يكون مجبرًا على عدة معاهدات وتقسيمات تسمح بسقوط لبنان في الفخ، وحالة الفراغ الرئاسي الحالية، المصنوعة، في بيروت لا تنفصل عن وضع الشرق الأوسط العظيم.. المعدّة خرائطه سلفًا، ولا يزال (قيْد التنفيذ)".

محاولات التقسيم "بروفة" لتقسيم أكبر. العراق لن يكون الأخير، وليبيا لن تصمد طويلًا قبل أن تصبح 3 دول "طرابلس وبرقة وفزان"، والقائمة طويلة ربما تصل إلى القاهرة، أو هكذا تقول المخططات. والنتيجة، أن يتحول العالم العربي إلى كيانات طائفية، 73 دولة، لتعلن إسرائيل في الوقت ذاته نفسها دولة دينية يهودية كالكيانات الراقدة على حدودها.

يلفت "الدسوقي" إلى تجربة الاتحاد السوفيتي: "بعد الحرب الباردة، أصبح من الدرجة الثانية، لا قوة كبرى، وركعت لأمريكا، والهدف من الحرب ضد التقسيم الطائفي ألا يركع العرب تحت أقدام النظام العالمي الجديد".

اقرأ/ي أيضًا:

عندما كانت أوروبا تحب الإسلام

إف-35..آخر الهدايا الأمريكية لإسرائيل