12-مارس-2021

جمد بنكيران عضويته في الحزب الحاكم (Getty)

في سابقة عربيَّة، وبعد تأجيله عددًا من المرات، صادقت الحكومة المغربية على مشروع قانون "الاستعمالات المشروعة للقنَّب الهندي". كان ذلك خلال المجلس الوزاري المنعقد يوم الخميس، 11 آذار/ مارس الجاري، حيث تأتي هذه المصادقة مؤكدة لإشارة أعطها المغرب سابقًا خلال اجتماع لأعضاء لجنة المخدرات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ذات كانون الثاني/ديسمبر الماضي، بتصويته إلى جانب 27 دولة أخرى، بالموافقة على قرار حذف نبتة القنب الهندي من قائمة المخدرات الأشد خطورة والسماح باستعمالها في أغراض طبية.

في سابقة عربيَّة، وبعد تأجيله عددًا من المرات، صادقت الحكومة المغربية على مشروع قانون "الاستعمالات المشروعة للقنَّب الهندي"

ويهمُّ هذا المشروع الذي تقدَّمت به وزارة الداخلية إسقاط التجريم على الاستعمالات الطبية لنبتة القنّب الهندي، دون الاستعمال الترفيهي الذي يبقى ممنوعًا حسب مقتضيات القانون الجنائي. ويروم، حسب ما جاء في بلاغ المجلس الوزاري، "إخضاع جميع أنشطة الزراعة والإنتاج، والتسويق والنقل، والاستيراد والتصدير لمادة القنّب الهندي لنظام الترخيص"، كما "خلق وكالة وطنية يعهد لها بتثمين سلسلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنَّب الهندي، مع الحرص على تقوية آليات المراقبة". إضافة إلى "فتح المجال للمزارعين للانخراط في تعاونيات فلاحية، مع إجبارية استلام المحاصيل من طرف شركات التصنيع والتصدير. وسنّ عقوبات لردع المخالفين لمقتضيات هذا القانون".

اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. زراعة الحشيش في دائرة الجدل

ويعود طرح هذا المشروع للنقاش إلى لحظة اعتماد اللجنة الوطنية للمخدرات، ذات الـ 11 شباط/ فبراير الماضي، توصيات منظمة الصحة العالمية، لاسيما تلك المتعلقة بإزالة القنب الهندي من الجدول الرابع للمواد المخدرة ذات الخصائص شديدة الخطورة، والتي ليست لها قيمة علاجية كبيرة. حيث تبَّنت بعدها وزارة الداخلية ملفَّ تقنين الحشيش، استنادًا إلى دراسات وطنية خلصت إلى أن المغرب "يمكنه أن يستثمر الفرص التي تتيحها السوق العالمية للقنب الهندي المشروع بالنظر إلى مؤهلاته البشرية والبيئية، علاوة على الإمكانيات اللوجستيكية والموقع الاستراتيجي للمملكة القريب من أوروبا التي تعد الأكثر إقبالًا على منتجات القنب الهندي".

وفي الـ 25 شباط/فبراير الماضي، أعلنت الحكومة في بلاغ لها "شروع مجلس الوزراء في دراسة مشروع قانون يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، على أن يتم استكمالها والمصادقة عليها في اجتماع الحكومة القادم (الخميس 4 آذار/مارس)". الشيء الذي لم يتمّ حسب التخطيط الزمني للحكومة، حيث تمَّ تأجيله وإقرار مناقشته في اجتماع لاحق، كما جاء في بلاغ ثاني.

تأجيلٌ مردُّه إلى "خلافات بين مكونات الحكومة، لاسيما مع رفض بعض وزراء حزب العدالة والتنمية"، حسب ما يورد موقع هيسبريس، في "عرقلة" تشير الأصابعُ باتهام الأمين العام السابق للحزب ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، بممارستها. حسب ما جاء في تصريحات نور الدين مضيان، النائب البرلماني الاستقلالي عن إقليم الحسيمة (شمال البلاد) التي تشتهر بزراعة القنَّب الهندي، حيث قال: "مع كامل الاحترام لبنكيران، لكنه للأسف الشديد لا يعرف المنطقة ونوعية المشاكل التي تتخبط فيها"، مضيفًا "أن الذي يقول إنه ضد تقنين زراعة القنب الهندي، لم يسبق له أن ذهب إلى جبال الحسيمة التي توجد بها زراعة الكيف، ولا يعرف معاناة المزارعين والساكنة".

هذا وقد هدد عبد الإله بنكيران، مطلع الشهر الجاري، بتجميد عضويته من حزب العدالة والتنمية، هو الذي كان أحد أبرز وجوهه، إذا ما مرَّرَ الحزب تقنين القنب الهندي. "وفي حالة إن صادقَ ممثلو الحزب في البرلمان على التقنين سأنسحب من الحزب نهائيًا" يقول بنكيران في رسالته. هذا ما يفسِّرُ زيارة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لزميله في الحزب الثلاثاء. زيارة يكشف بنكيران تفاصيلها لموقع "سيت أنفو"، بأن العثماني حاول من خلال هذا اللقاء أن يشرح له أين وصل مقترح قانون مشروع تقنين زراعة القنب الهندي، مؤكدًا أن معارضته لهذه الملف لازالت ثابتة، وتهديده لازال قائمًا.

تهديدات لم تلبث ساعتين بعد إعلان الحكومة المصادقة على القانون، حتى نشرَ بنكيران تنفيذها في صفحته على فيسبوك. عبرَ رسالة أعلن فيها قطع علاقته برئيس الحكومة، إضافة إلى قيادات ووزراء آخرين من العدالة والتنمية، احتجاجًا على ما وقع، كما أكَّد على تجميد عضويته في الحزب الإسلامي.

إذًا هي صعوبات تتوالى تباعًا على حزب العدالة والتنمية، قبيلَ شهور قليلة تفصلنا عن الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والمحليّة، تنضاف إلى تعديل القانون الانتخابي الذي رأى فيه الحزب ضربًا لفرصه في الفوز بولاية حكومية ثالثة، وخلطًا لأوراق يوضّحه الصحفي والمحلل السياسي المغربي، خالد البكاري، في حديث لـ"ألترا صوت"، قائلًا إن الصراعات داخل الحزب "قد تؤدي إلى أن يكون هناك نقص في التعبئة الداخلية في الانتخابات مقارنة بانتخابات 2016"، إضافة إلى أن "جزء من الكتلة الناخبة الوفية للعدالة والتنمية قد تقاطع الانتخابات بسبب بعض مواقف الحزب؛ ما تعلق منها بالتطبيع، أو ما تعلق منها بالمصادقة على القانون الإطار للتربية والتكوين، الذي رسم ما سمي بالتناوب اللغوي والذي يتعارض مع ما كان يرفعه الحزب في السابق من دفاع عن التعريب"، تنضاف إليهما المصادقة الأخيرة على تقنين القنَّب الهندي.

 صعوبات تتوالى تباعًا على حزب العدالة والتنمية، قبيلَ شهور قليلة تفصل عن الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والمحليّة

"إذًا كل هذه العوامل مجتمعة، كانت ستؤثر على حزب العدالة والتنمية، وقد لا يكون هو الحزب المتصدر للانتخابات القادمة"، يورد البكاري، مضيفًا أنه "حتى وإن تصدر هو الانتخابات، وهذا خيار مطروح كون الأحزاب المنافسة له تفتقد التنظيم والامتداد الشعبي، فإنه لن يفوز بفارق كبير عن وصيفيه الثاني والثالث"، مما قد يعرقل عملية تشكيل أغلبية حاكمة، أو يحرمه من التواجد فيها.

 

اقرأ/ي أيضا: 

القنب/ الزطلة.. زووم على قانون 52 في تونس