01-فبراير-2022

مؤسسة حقوقية جديدة تعتبر إسرائيل نظام فصل عنصري (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

نشرت منظمة العفو الدولية اليوم الثلاثاء تقريرًا بعنوان "نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظام قاس يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية"، معتبرة أنه من أكثر الأبحاث والتحقيقات عمقًا وشمولًا التي أجرتها منظمة العفو الدولية للوضع حتى اليوم.

طالبت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة القدس للإعلان عن التقرير بضرورة مساءلة إسرائيل على ارتكابها جريمة الفصل العنصري

وطالبت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة القدس للإعلان عن التقرير بضرورة مساءلة إسرائيل على "ارتكابها جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة"، فضلًا عن "اللاجئين والنازحين في بلدان أخرى"، وأضافت: "يتم الحفاظ على هذا النظام بفعل الانتهاكات التي تَبَيّن لمنظمة العفو الدولية أنها تشكل فصلًا عنصريًا وجريمة ضد الإنسانية كما هي مُعرّفة في نظام روما الأساسي والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها في اتفاقية الفصل العنصري".

 وأكدت كالامار في المؤتمر الصحفي أن "تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل، وسواء كان الفلسطينيون يعيشون في قطاع غزة أو القدس الشرقية أو الخليل أو إسرائيل نفسها، فهم يُعامَلون كجماعة عرقية دونية ويُحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج"، وتابعت أن "التقرير يبين أن سياسات التفرقة ونزع الملكية والإقصاء القاسية المتبعة في جميع الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل تصل بوضوح إلى حد الفصل العنصري، ومن واجب المجتمع الدولي التصرف". وأشارت إلى أن "الحكومات التي تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة وتحميها من المساءلة في الأمم المتحدة تساند نظام فصل عنصري، وتقوّض النظام القانوني الدولي وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني".

ويوثق تقرير منظمة العفو الدولية مصادرة الأراضي والممتلكات الفلسطينية على نطاق واسع، وعمليات القتل غير المشروع، والتهجير القسري، والقيود الصارمة على الحركة، وحرمان الفلسطينيين من حقوق الجنسية والمواطنة، والتي تُعدّ مكونات نظام عنصري تمييزي، موضحة أن تلك الانتهاكات ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي.

وأكدت المنظمة أن إسرائيل تواصل سياسة هدم البيوت ومنع الوصول إلى الموارد المائية وعدم إعطاء تراخيص للبناء في الضفة، كما أشارت إلى الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وما ينتج عنه من انتشار للفقر والقمع بحق الفلسطينيين. وتحدث التقرير أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اعتبرت الفلسطينيين تهديدًا ديمغرافيًا، وتطرقت إلى الخطط الرسمية لتهويد المناطق في الداخل والضفة الغربية والقدس، وهو ما يعرّض آلاف الفلسطينيين لخطر النقل القسري.

ويأخذ التقرير منطقة النقب كمثال على "كيفية إقصاء سياسات التخطيط والبناء الإسرائيلية للفلسطينيين عمدًا"، حيث يشير إلى وجود 35 قرية بدوية غير معترف بها من جانب إسرائيل، تضم قرابة 68 ألف شخص، محرومين من الكهرباء وإمدادات المياه ومستهدفين بعمليات الهدم المتكررة، فضلًا عن استبعادهم من نظامي الرعاية الصحية والتعليم.

ويخلص تقرير المنظمة إلى أن السلطات الإسرائيلية تعامل الفلسطينيين كجماعة عرقية دونية يُحددها وضعهم كغير يهود، ويترسخ هذا التمييز العنصري في القوانين التي تفرضها إسرائيل وتؤثر على الفلسطينيين في مختلف أماكنهم. وأكدت المنظمة أن هذه الأفعال تشكل جزءًا من هجوم ممنهج وواسع النطاق موجه ضد الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن تلك الأفعال تأتي في سياق إدامة نظام القمع والهيمنة.

ودعت منظمة العفو المجتمع الدولي إلى "مواجهة واقع الفصل العنصري في إسرائيل، وأن يتبع السُبل العديدة المؤدية إلى العدالة، والتي من المعيب أنها لم تُستكشف بعد". كما دعت المنظمة المحكمة الجنائية الدولية أيضًا إلى النظر في الاتهامات بممارسة الفصل العنصري في تحقيقها المتعلق بارتكاب جرائم حرب محتملة خلال العديد من فترات الصراع في الأراضي الفلسطينية.

واستبقت إسرائيل نشر التقرير باصدار بيان لوزارة خارجيتها اعتبرت أن التقرير "ينكر عمليًا وبشكل مطلق حق إسرائيل في الوجود". كما أصدر وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد بيانًا قال فيه إن "منظمة العفو الدولية كانت يومًا ما منظمة موقرة نحترمها جميعًا"، مضيفًا "اليوم هي على عكس ذلك تمامًا، وبدل البحث عن الحقائق، تستشهد منظمة العفو بأكاذيب تنشرها منظمات إرهابية". وقال لبيد إن  "اسرائيل ليست كاملة لكنها ديموقراطية ملتزمة بالقانون الدولي ومنفتحة على التدقيق"، واتهم وزير الخارجية الإسرائيلي منظمة العفو الدولية بمعاداة السامية قائلًا "أكره استخدام الحجة بأنه لو لم تكن إسرائيل دولة يهودية، فلن يتجرأ أحد في منظمة العفو الدولية على التحدث ضدها، لكن في هذه الحالة لا يوجد احتمال آخر".

وفي ردها على كلام وزير الخارجية الإسرائيلي قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية  لوكالة فرانس برس: "كنا نودّ إجراء محادثة مع وزير الشؤون الخارجية عندما اتصلنا به أولًا وعرضنا التحدث اليه حول التقرير، كان هذا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي". وأضافت "لم يستجب لعرضنا في ذلك الحين، لكن الآن الوقت بات متأخرًا جدًا  لدعوتنا لعدم نشر التقرير". وأكدت كالامار بأن "انتقاد ممارسات  إسرائيل لا يعد على الإطلاق شكلًا من أشكال معاداة السامية"، مشيرة إلى أن منظمة العفو الدولية "تقف  بقوة ضد معاداة السامية وضد أي شكل من أشكال العنصرية، وقد نددت باستمرار بالأفعال المعادية للسامية".

على الصعيد الفلسطيني رحبت الحكومة الفلسطينية بتقرير منظمة العفو الدولية، وقال متحدث باسمها إن "هذا التقرير من أكثر التقارير جرأة وإنصافًا للشعب الفلسطيني"، وأضاف "يمثل التقرير تحشيدًا للعدالة الدولية لأول مرة، وهو مرحب به خصوصًا بالنسبة إلى مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك ومعاقبة إسرائيل، وفضح نظام الفصل العنصري".

وفي مقابلة مع وكالة الأبناء الفلسطينية "وفا"، قال وزير العدل محمد الشلالدة إن "التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية يتمتع بقيمة قانونية في القانون الدولي، لأنه يعطي المحكمة الجنائية الدولية صلاحية النظر في جريمة الفصل العنصري كجريمة ضد الإنسانية ترتكب ضد الشعب الفلسطيني بشكل ممنهج لأعمال مرتكبة من إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين"، وأضاف أن "دولة فلسطين ترحب بالتقرير، وتثمن عاليًا المعنى القانوني له، وتؤكد توظيفه لتحميل السلطة القائمة بالاحتلال المسؤولية القانونية"، داعيًا "البرلمانات العربية الى اتخاذ قرارات حول تصنيف اسرائيل كدولة فصل عنصري".

كما أشادت حركة حماس بتقرير منظمة العفو الدولية، وقال رئيس الدائرة الإعلامية في حماس هشام قاسم  إن "الحركة تنظر بتقدير واحترام لجهود منظمة العفو الدولية في إصدار تقريرها المهني الذي يضع الحقائق في نصابها"، واعتبر قاسم أن "التقرير يصف الواقع المأساوي للشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال على حقيقته، باعتبار كيان الاحتلال نظام فصل عنصري، ويطبق سياسة الأبارتهايد في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة". واعتبر هذا التقرير "مساهمة جديدة في تعرية الاحتلال الإسرائيلي، ورفع الغطاء الذي حظي به سنوات وعقودًا طويلة، سواء من خلال ما توفره الدول الاستعمارية الكبرى، أو غض الطرف عما يرتكبه من انتهاكات وممارسات بشعة". ورأى أن "الحملة الإسرائيلية ضد المنظمة وتقريرها جهد آخر يضاف إلى عنصرية الاحتلال اللاإنسانية من خلال سعيه لشطب الحقيقة ومحو الحقائق وتغييبها عن الرأي العام العالمي".

أما الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بسام الصالحي، فقال إن التقرير"يعكس حقيقة الحال وهو يؤكد الموقف الفلسطيني منذ سنوات والذي كان يرى أن هذا هو الطابع للإجراءات الإسرائيلية"، وأضاف "نأمل من  منظمة العفو ومن كل المنظمات الحقوقية الدولية أن تعمل من خلال الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية الأخرى لكي تنهي هذه الإجراءات الإسرائيلية ولكي تنهي الاحتلال".

من جهتها اعتبرت حركة المقاطعة BDS التقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية بالهام والدقيق، والذي يؤكد حقيقة يعيشها الفلسطينيون منذ عقود بأن النظام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطينيّ هو نظام  فصل عنصري حسب تعريفه في كل من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري.

 اعتبرت حركة المقاطعة BDS التقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية بالهام والدقيق، والذي يؤكد حقيقة يعيشها الفلسطينيون منذ عقود 

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان قد اتهمت إسرائيل في تقرير صادر عنها  في نيسان/أبريل 2021  بارتكاب جريمتين ضد الإنسانية عبر اتباعها سياسة الفصل العنصري والاضطهاد بحق الفلسطينيين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أبارتهايد كامل الأوصاف

"إسرائيل" دولة أبرتهايد: ما جديد تقرير "أمنستي"؟