16-سبتمبر-2022

معلومات عن توسط مصري من أجل التهدئة في الضفة الغربية (Getty)

صعّدت دولة الاحتلال طيلة الأسبوع الجاري من عملياتها في الضفة الغربية المحتلة، عبر الاقتحامات الليلية المتكررة والاعتقالات والاغتيالات وهدم البيوت. وكان قتل الطفل الفلسطيني عدي طراد صلاح (16 عامًا) برصاصة مباشرة في الرأس يوم الخميس الماضي، على إثر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية كفردان شمال غرب مدينة جنين، آخر تلك العمليات التي استنفرت الرأي العام الفلسطيني وأدّت إلى مواجهات بين الشباب الفلسطيني وجيش الاحتلال. في الوقت الذي تستمر فيه عمليات إطلاق النار تجاه قوات الاحتلال خلال اقتحامها للمدن الفلسطينية، بالإضافة إلى عمليات موجهة ضد جيش الاحتلال والمستوطنات، كان آخرها عملية حاجز الجلمة التي أسفرت عن مقتل جندي، وعملية إطلاق نار تجاه مستوطنة كرمل جنوب مدينة الخليل المحتلة.

هذه التطورات حَدَتْ بدول إقليمية إلى التدخل للوساطة بهدف تهدئة الوضع في ظل ما تقول وسائل إعلام إسرائيلية إنه خلاف بين السلطة الفلسطينية والجهات الأمنية الإسرائيلية حول مسؤولية ضبط الأمن في الضفة الغربية، في ظل موجة تصعيد مستمرة منذ شهر آذار/ مارس من العام الجاي، وفي ظل ترقب داخلي وخارجي لمرحلة ما بعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهي المرحلة التي توصف إسرائيليًا بـ"اليوم التالي".

اقتحامات واغتيالات

ومنذ يوم الإثنين وقوات الاحتلال الإسرائيلية تنفذ عمليات اقتحام لأحياء الضفة الغربية، أدت إلى تصعيد أسفر عن استشهاد أحمد أيمن عابد وعبد الرحمن هاني عابد قرب حاجز الجلمة شمال شرق جنين، فجر الأربعاء، وذلك بعد تنفيذهم عملية إطلاق نار على قوة إسرائيلية بالقرب من حاجز الجلمة في جنين، أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي، وتلاها اقتحام قرية منفذي العملية كفر دان مما أدى إلى استشهاد الطفل عدي طراد صلاح الذي قتل برصاصة مباشرة في الرأس صباح الخميس، في قرية كفر دان شمال جنين، بالإضافة لإصابة العديد من الفتية والشبان بالرصاص الحي الإسرائيلي.

في الوقت الذي تستمر فيه حملات الاعتقالات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي. وبحسب إحصاء رسمي أعلنه رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، فقد اعتقلت قوات الاحتلال منذ بداية عملية "كاسر الأمواج" وحتى مطلع شهر أيلول/ سبتمبر الحالي أكثر من 1500 فلسطيني من الضفة الغربية، فيما شهد الأسبوع الأخير تصعيدًا في الاعتقالات بعد عملية الجلمة، فيما ارتفعت معدلات الاعتقالات اليومية خلال شهر آب/ أغسطس والشهر الحالي التي لا تقل عن 10 معتقلين في المعدل اليومي، كان آخرها اليوم الجمعة حيث اعتقلت قوات الاحتلال 17 فلسطينيًا.

وساطات واشتراطات

في ظل الأوضاع التي وصلت إليها الضفة الغربية المحتلة، دخل على الخط عدد من الوسطاء في مقدمتهم الوسيط المصري متمثلًا في جهاز المخابرات العامة المصرية، بالإضافة إلى دول عربية وأوروبية وأمريكا التي أرسلت مبعوثةً للمنطقة من أجل الدعوة إلى تهدئة التصعيد الحالي. وأفادت مصادر فلسطينية لصحيفة العربي الجديد أن رئيس السلطة محمود عباس طلب من المصريين التوسط لدى سلطات الاحتلال "من أجل البحث عن صيغة توقف الاقتحامات الإسرائيلية لبلدات الضفة الغربية"، لأن تلك الاقتحامات تظهر السلطة الفلسطينية في موقف ضعف أمام الشعب الفلسطيني من جهة وفصائل المقاومة من جهة ثانية ولا سيما "الجهاد وحماس".

وبناء على ذلك هدفت الوساطة المصرية إلى "إعادة تصحيح وضع السلطة في الضفة لمنع انفجار الأوضاع هناك بالشكل الذي يحدّ أيضًا من دور الأجهزة الأمنية التابعة لها"، لكن القاهرة حسب مصادر فلسطينية تربط وساطتها بشكل وثيق بين "الأوضاع في القدس المحتلة والضفة الغربية والتهدئة في قطاع غزة".

ونجحت الوساطة المصرية في تنسيق لقاء أمني بين رئيس جهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية ماجد فرج، ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، مع مسؤولين إسرائيليين في قطاعات أمنية مختلفة. وتفيد المعلومات الشحيحة حول الاجتماع أن السلطة عرضت على سلطات الاحتلال "التوقف عن اقتحام المناطق الفلسطينية كفترة اختبار لمدة أربعة أشهر، سعيًا لتهدئة الأوضاع، إلا أن الاحتلال رفض العرض". كما لم يقبل الإسرائيليون تخفيف القبضة الأمنية في الضفة خلال الفترة القصيرة القادمة على الرغم من التحذيرات المصرية من انفجار كبير في حالة عدم التهدئة.

لكن في المقابل، ترك الإسرائيليون الفرصة قائمة أمام عملية التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية خلال الفترة المقبل، حيث سيتم الحسم بشأنها تحديدًا عقب عيد رأس السنة العبرية بين 25 و27 أيلول/سبتمبر الجاري.

في الوقت الذي تحمل فيه إسرائيل جزءًا من مسؤولية التصعيد الحالي للسلطة الفلسطينية، معتبرةً أنها لا تقوم بأدورها الأمنية المطلوبة، خاصةً في منطقة جنين ومدينة نابلس، التي تحذر تقديرات إسرائيلية من إمكانية فقدان السلطة سيطرتها فيها، في ظل تنامي ظاهرة انتشار السلاح وإطلاق النار تجاه قوات الاحتلال خلال اقتحاماتها للمدينة.

مرحلة ما بعد عباس

نقلت صحيفة العربي الجديد عن مصدر دبلوماسي مصري أن السبب في عدم التعاطي بجدية مع مقترحات وتحركات الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد يكون انشغال الأطراف بالتفكير في مرحلة ما بعد ذهاب عباس من السلطة، "إذ إن هناك حالة من القلق تنتاب كافة الدوائر المعنية بالملف الفلسطيني بما في ذلك الإسرائيليون أنفسهم"، وفق المصدر الدبلوماسي المصري.

ذات المصدر أكّد أنه "على الرغم من أن عباس نفسه يسعى لتهيئة المشهد لأمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير المعين حديثًا، حسين الشيخ، وتمكينه من مجموعة من الملفات المؤثرة، إلا أن هناك أطرافًا أخرى فاعلة لم تعتمد هذا التوجه بعد، ولا تزال هناك مفاضلة بين أسماء متعددة".