10-سبتمبر-2023
شعار شركة آبل الأمريكية

شعار شركة آبل (Getty)

لا ريب أنّ شركة آبل في هذه الأيام ليست في أحسن أحوالها؛ ففي ظل اقتراب موعد إصدار هاتف آيفون 15 الجديد، كان مفترضًا أن تثار ضجة إعلامية كبيرة عن الشركة بينما تواصل استعداداتها لأكبر حدث خلال السنة، بيد أنّ الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فقد عانت آبل في الآونة الأخيرة من انخفاض حادٍ ومفاجئ في قيمتها السوقية ناهز الـ 200 مليار دولار أمريكي.

يأتي هذا التراجع الحاد في قيمة آبل عقب إجراء حازم اتخذته الحكومة الصينية المركزية، وفرضت فيه على موظفيها الامتناع عن استخدام أجهزة الآيفون في أماكن العمل

فحالة الاستياء العام في الصين، وهي البلد الذي شهد أسرع نمو لشركة آبل خارج سوق الولايات المتحدة، توحي بأنّ الهاتف الجديد لن يعرف إقبالًا كثيفًا ومبيعات ضخمة كما السابق، وهو إلى ذلك ينطوي على تبعات أخطر وأشمل، فهو أشبه بنذير شؤم للهيمنة الأمريكية على قطاع التكنولوجيا عالميًا.

ويأتي هذا التراجع الحاد في قيمة آبل عقب إجراء حازم اتخذته الحكومة الصينية المركزية، وفرضت فيه على موظفيها الامتناع عن استخدام أجهزة الآيفون في أماكن العمل، وهو ما أثر سلبًا على أسهم الشركة> 

ومن المعروف أنّ الصين سوق استهلاكي شديد الأهمية لآبل، التي حققت ما يربو عن خمس مبيعاتها الصافية- المقدرة بنحو 349.3 مليار دولار أمريكي- في ذلك البلد خلال عامها المالي الأخير. ومن هذا المنطلق ليس مستغربًا بتاتًا أن يعمد تيم كوك، الرئيس التنفيذي لآبل، إلى زيارة الصين ولقاء مسؤولين في الحكومة الصينية في شهر مارس/آذار الماضي بغرض تحسين العلاقات المتدهورة.

وتحدث كوك في ذلك الوقت قائلًا: "تشهد الصين تطورًا متسارعًا في الابتكارات الحديثة، وإنني أرى وتيرة الابتكار تتسارع أكثر فأكثر مستقبلًا". ومن نافل القول إنّ كوك كان محقًا في كلامه، غير أنّه لم يتوقع قطّ تداعيات هذا التطور على شركته.

وتواجه آبل منافسة بارزة من شركة هوواي في السوق الصيني، فهذه الأخيرة أطلقت مؤخرًا هاتفًا ذكيًا متطورًا يدعم شبكات الجيل الخامس هو Mate 60 Pro. ولعل الصدمة الكبرى التي تلقتها آبل وغيرها هي تصنيع الغالبية العظمى من أجهزة هاتف Mate 60 Pro في الصين نفسها، دون أن تتأثر عملية التصنيع بالعقوبات الغربية الشديدة المفروضة على هواوي، والمفترض أنها تعيق نشاطها وأعمالها في قطاع الهواتف الذكية.

وصحيح أنّ لدى الصين مجموعة من الشركات التكنولوجية المحلية- مثل شاومي وهوواي وأوبو- التي توفر خدماتها ومنتجاتها للسوق المحلي، غير أنّ تلك الشركات عوّلت على الصادرات الأمريكية لتأمين الأجزاء الضرورية التي تجعل هواتفها قريبة من هواتف الشركات الغربية ومنافسة لها.

وسرعان ما تغيّر الحال على مدار السنين الأخيرة، لا سيما في ظل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بخصوص قضايا مرتبطة بالأمن والتجارة والمواقف الصينية العدائية نحو تايوان، فهذه الأمور كلها دفعت إدارة بايدن إلى طرح سياسات تحول دون استفادة الشركات الصينية من الأجهزة الغربية. ولا ريب أنّ هذه القيود المفروضة أدت إلى تقلّص صادرات المعدات التكنولوجية إلى الصين، خاصة الرقائق الإلكترونية.

واللافت للاهتمام أن هاتف Mate 60 Pro- البالغ سعره 960 دولار أمريكي- يتضمن مكونات تقنية متطورة ومصنعة محليًا، مثل معالج (7 نانومتر) الذي صنعته الشركة الدولية الصينية لتصنيع أشباه الموصلات، أما المكونات الأخرى فهي محلية كذلك.

أجهزة Mate 60  قد تستحوذ على نسبة 38% من مبيعات أجهزة الآيفون المتوقعة في الصين

وبصرف النظر عن القدرات الفعلية لهذا الهاتف الجديد، فإنّ إصداره إشارة مباشرة للمستهلكين الصينين والهيئات الناظمة الغربية، على حد سواء؛ إذ يدل على قدرة المصنعين الصينين على إنتاج مكونات تكنولوجية محلية الصنع متجاوزين بذلك العقوبات الغربية.

ومن شأن هذه التطورات كلها أن تشكل خطرًا حقيقيًا على مبيعات هواتف الآيفون في الصين حسب كلام محللين من شركة Jefferies؛ فقد قالوا في مذكرة خلال هذا الأسبوع إنّ "المستهلكين الصينين يرون إصدار الهاتف الجديد نجاحًا كبيرًا في وجه العقوبات الأمريكية". ويقدر أولئك المحللون أنّ أجهزة Mate 60  قد تستحوذ على نسبة 38% من مبيعات أجهزة الآيفون المتوقعة في الصين.