23-فبراير-2024
المسجد العمري في غزة

(Getty) دمّر القصف المسجد العمري الذي يُعد أقدم مساجد غزة

أبدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، أمس الخميس، قلقها "العميق" بشأن تأثير القصف الإسرائيلي على التراث الثقافي في قطاع غزة، الذي دخلت الحرب الإسرائيلية العدوانية عليه يومها الـ140.

وفي بيان خطي لوكالة "الأناضول"، قالت اليونسكو إن التراث الثقافي في غزة بات في خطر جراء الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت. 

وأضافت أنه من الصعب في الوقت الحالي حماية التراث الثقافي في القطاع بسبب نقص سياسات الحفاظ والموارد والاشتباكات، مؤكدةً أن العدوان قد تسبب في: "أزمة إنسانية واسعة النطاق ودمار مادي" طال جميع مجالات الحياة المدنية. 

ما يجري في غزة هو تدمير غير مسبوق للتراث، ولا يمكن مقارنته حتى بأفعال كل الغزاة والأقوام الأكثر بشاعة

ولفتت المنظمة إلى محدودية الأنشطة الرامية لحماية المباني التاريخية في غزة نتيجة الوضع الأمني وعوائق الوصول، مشيرةً إلى أن التحقيقات في الوضع الحالي للمباني القديمة لم تتم إلا بواسطة صور الأقمار الصناعية. 

وأكدت ضمن هذا السياق أن الصور التي التقطها مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية "يونوسات"، تؤكد تضرر ما لا يقل عن 22 منطقة محمية، بما في ذلك 5 دور عبادة ومتحف واحد و3 مواقع أثرية، حتى 21 شباط/فبراير الجاري. 

ودعت اليونسكو "الأطراف" إلى الالتزام باتفاقية لاهاي لعام 1954، التي تنص على منع تدمير وإلحاق الضرر بالتراث الثقافي في النزاعات المسلحة. 

كما طالبت بـ"توفير كافة الظروف" لحماية التراث الثقافي المهدد بالانقراض بسبب الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدةً أن الأنشطة المنقذة للحياة في القطاع المحاصر والمنكوب، تشكّل "أولوية مشروعة". 

حرب حقيقية على الرواية والسردية الفلسطينية

وفي مقابلة مع الوكالة نفسها، أكد وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف أن "إسرائيل" تحارب الرواية والسردية الفلسطينية من خلال تدمير وسرقة المتاحف واللغة الأثرية في قطاع غزة. 

وقال أبو سيف إن: "ما يجري اليوم من غزة من سرقة للمتاحف واللغة الأثرية، وتدمير للموروث الثقافي، شبيه بما قامت به العصابات الصهيونية قبل النكبة عام 1984 في مدينة يافا، التي كانت تعد المركز الثقافي الفلسطيني، ومدن أخرى".

وأضاف: "ما يجري في غزة هو تدمير غير مسبوق (للتراث)، ولا يمكن مقارنته حتى بأفعال كل الغزاة والأقوام الأكثر بشاعة، مثل ما قام به المغول عند اقتحام بغداد، وحتى ما قامت به فرنسا وبريطانيا في إفريقيا" بعد استعمارهما.

وأشار في حديثه إلى أن "إسرائيل" تشن: "حربًا حقيقة على الرواية والسردية الفلسطينية، فالغزاة يسرقون آثارانا، واذا لم يستطيعوا يقومون بتدميرها".

وأكد أن دولة الاحتلال: "تمارس بمتعة وتخطيط عمره 100 عام تدمير الثقافة والهوية والسردية ومحاولة سلخ الفلسطيني عن أرضه ووعيه التاريخي، ونفيه خارج الجغرافية"، ذلك أنهم يريدون: "أن يقولوا إنه لا علاقة للفلسطينيين بهذا المكان".

وبينما اعتبر أن حرب الرواية هي: "أحد أبرز الحروب، وإسرائيل تمارس حربًا على الإنسان والتاريخ وذاكرة المكان"، قال أبو سيف إن حرب إسرائيل الممنهجة ضد الثقافة الفلسطينية هي جزء من حروبها من: "أجل إزالة الشعب الفلسطيني من أرضه والحلول مكانه". 

وأكمل أبو سيف الذي كان شاهدًا على بعض فظائع العدوان أثناء تواجده في غزة: "تريد إسرائيل محو التاريخ والذاكرة لتثبيت مقولة وادعاء أنها الوارثة للبلاد".

تدمير معالم قطاع غزة

وفي السياق، وثّقت وزارة الثقافة الفلسطينية في تقريرها الشهري الرابع حول أضرار القطاع الثقافي في غزة، نتيجة العدوان، تضرر 32 مؤسسة ومركزًا ومسرحًا إما بشكل كلي أو جزئي، وذلك إضافةً إلى 12 متحفًا. 

ودمّر القصف، بحسب الوزارة، قرابة 195 مبنى تاريخيًا يقع أغلبها في مدينة غزة، إما بشكل كلي أو جزئي، بالإضافة إلى 9 مواقع تراثية و10 مساجد وكنائس تاريخية تشكّل جزءًا من ذاكرة قطاع غزة. 

ومن بين المعالم التاريخية والأثرية التي دمّرها القصف، بشكل كلي أو جزئي، المسجد العمري الكبير الذي يُعد الأكبر والأقدم في غزة، ويعود تاريخ بنائه إلى أكثر من ألفي عام، حيث كان في البداية معبدًا وثنيًا، ثم كنيسة، إلى أن أصبح مسجدًا. عدا عن مسجد السيد هاشم، ومسجد الشيخ عبد الله، وابن عثمان، والشيخ شعبان، والظفر دمري، والعمري بجباليا.

كما تضرّرت جراء القصف كنيسة القديس برفيريوس، أقدم كنيسة في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم. ناهيك عن العديد من البيوت والمعالم الأثرية، مثل بيت السقا، ومدرسة الكمالية، وبيت ترزي، وسيباط العلمي، وحمام السُمرة التاريخي، وقلعة برقوق، وقصر الباشا التاريخي، ومبنى بلدية غزة، وسوق الزاوية، ومعالم أخرى.