10-أكتوبر-2015

دونادوني في أيام العزَ (ماركا/Getty)

حسب موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم، الفيفا، ميلان الإيطالي خلال حقبة آريغو ساكي 1988 - 1990، هو أفضل فريق في تاريخ دوري أبطال أوروبا. والذي يعرف ميلان جيدًا، يعرف أن حاضر الفريق لا يعكس ماضيه إطلاقًا.

البدايات

في موسم 1981/1982 نزل ميلان إلى الدرجة الثانية، بعد حلوله بالمركز الرابع عشر في الدوري الإيطالي. لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل هرب رئيس النادي، جيوسيبي فارينا، بما تبقى من خزينة النادي. وفي نهاية عام 1985 تقدم رجل الأعمال المشهور، سيلفيو برلسكوني،  بعرضٍ لشراء نادي إيه سي ميلان، وقد كان يطمح إلى إعادته إلى مصاف الأندية الكبرى. في آذار/مارس 1986 أتم برلسكوني شراء النادي بالكامل، وقال بعدها كلمته المشهورة: "سأجعل العالم يعرف إيطاليا على أنها بلد نادي الميلان".

هكذا بدأ بوضع خطط مستقبلية لتحقيق أهدافه، ودعم الفريق بعدد من اللاعبين الشباب، على غرار روبيرتو دونادوني من أتالانتا، وكارلو أنشيلوتي من روما، وفيليبو غالي من نادي فيورنتينا، في ظل وجود فرانكو باريزي، ودانييلي مسارو، وماورو تاسوتي، وألساندرو كوستاكورتا، والشاب الصغير آنذاك، باولو مالديني.فجأة، استطاع برلسكوني تشكيل فريق قوي قادرعلى منافسة الفرق الكبرى. وكما في السياسة، كما في الرياضة، برلسكوني يحمل مشروعًا ضخمًا.

كان الفريق في حالة ركود، إذ لم يحقق أي لقب منذ أن فاز بلقب الدوري الإيطالي العاشر في عام 1979. بعد توليه مقاليد الحكم في ميلان قام برلسكوني بتعيين أريغو ساكي مدربا للفريق في صيف 1987، إضافة لتعاقدين مع الثنائي الهولندي ماركو فان باستن ورود خوليت. من هنا بدأت الحكاية الذهبية، حيث تم إرساء قواعد امبراطورية ستقلب موازين التاريخ، وتسطر صفحات من ذهب لفريق عظيم.

عودة ميلان إلى الواجهة كانت جزءًا من مشروع برلسوكوني

لم يخيّب ساكي وفريقه ظن برلسكوني وجماهير السان سيرو، ففازوا بلقب الدوري الإيطالي في أول موسم ثم كأس أوروبا، وكأس السوبر والكونتيننتال: "لقد كان الرئيس يريد تحقيق أحلامه، ويريد بناء أفضل فريق في العالم، وعندما وصلت وجدت مجموعة كبيرة من اللاعبين الذين كانوا حريصين على الفوز، ولكن عن طريق لعب كرة قدم بأسلوب أكثر إثارة". بهذه الكلمات لخص ساكي المرحلة التي يقبل عليها، لا يريد فقط الفوز، بل يريد لعب كرة قدم جميلة، يريد أسلوبًا خاصًا وبصمة ميلانية لا مثيل لها.

إقرأ/ي أيضًا: حروب المدرجات في الكالشيو من روما إلى ميلانو

نصف نهائي كأس أوروبا 1988-1989 كان لحظة فاصلة لميلان، الذي كان قد وقع مع الهولندي الثالث فرانك ريكارد في الصيف. في ذلك الوقت كان ريال مدريد لا يهزم في أرضه. ولكن الميلان حطم التوقعات، فبعد التعادل بهدف لهدف في الذهاب، عاد ميلان إلى السان سيرو ليهزم مدريد بخمسة أهداف نظيفة، حيث كان أنشيلوتي صاحب الهدف الأول. والتقى بعدها مع ستيوا بوخارست الروماني الذي خسر بأربعة أهداف مقابل لا شيء، وكان قد سجل الأهداف كل من ماركو فان باستن ورود خوليت"، بواقع هدفين لكل منهما، وأكمل ميلان مشواره الأوروبي وفاز ببطولة كأس السوبر الأوروبي للمرة الأولى في تاريخه بعد فوزه على نادي برشلونة بهدفين لواحد.

لم يكتف الميلان بهذا بل فاز بلقب كأس الإنتركونتيننتال للمرة الثانية في تاريخه بعدما هزمه لأتليتكو ناسيونال الكولمبي بهدف دون رد. وفي الموسم الذي تلا هذا، حافظ الميلان على لقب دوري أبطال أوروبا للعام الثاني على التوالي وهزم بنفيكا بهدف للا شيء سجله الهولندي فرانك ريكارد، ولم يمر هذان اللقبان مرور الكرام على فان باستن، فقد استطاع حصد الكرة الذهبية مرتين على التوالي في عاميّ 1988 و1989. لتصنع هذه الألقاب عصر ميلان الذهبي.

تأثر أريغو ساكي بالفنان الإيطالي الشهير مايكل أنجلو وحكمته

كانت فلسفة ساكي تعتمد على أحد عشر لاعبًا نشطًا في كل لحظات المباراة، سواء دفاعيًا أو هجوميًا. ساكي كان ينظم التدريبات بإقامة مباراة بدون كرة، حيث كان اللاعبون يعتمدون على تخيل الكرة أثناء التحرك في الملعب. هذا التدريب كان يهدف لزيادة وعي اللاعبين تجاه التحرك والتمركز دون الكرة، لأن لعبة كرة القدم تعتمد على التحكم بالمساحات، وللوصول إلى سيطرة عالية على الملعب والمباراة وليس على الكرة فقط. لشدة عشقه للجماعية في الأداء، يقول ساكي إن "المجموعة لا تتكوّن إلا إذا كان الكلّ يتحدثون لغة واحدة، وكان الجميع قادرين على اللعب الجماعي. لا يُمكننا تحقيق أي شيء وحدنا، إلا النتائج سريعة الزوال. أعود غالبًا إلى ما كان يقوله مايكل أنجلو: العقل يهدي اليد". ويضيف واصفًا فريقه ميلان: "ميلان كان رائعًا، لأنه بالإضافة إلى جمع عدد كبير من المحترفين، كان هناك رغبة باللعب سويًا والمرح". أما الآن، يعيش الميلان حالة من المخاض، فهو فريق كبير، ولن يرضى بأن يكون غيره متقدمًا عليه. سيعود ميلان إلى مقاعد الكبار، لينفض الغبار الذي تراكم بسبب غيابه المؤقت..


أساطير الفريق

لم يكتف ميلان بصناعة كرة قدم جميلة، بل كون مجموعة من الأساطير التي ستظل إلى الأبد مهبط هوى الجماهير، بداية بالمخضرم فرانكو باريزي الذي حمل شارة الكابتن مع ميلان خمسة عشر عامًا من عام 1982 حتى عام 1997. كان قائد الدفاع إضافة إلى ماورو تاسوتي واليساندرو كوستا كورتا وباولو مالديني. باولو مالديني وفرانكو باريزي شاركا مع بعض في ميلان بـ 126 مباراة ولم تستقبل شباكهم سوى تسعة وعشرين هدفًا.

رود خوليت: المثال الكلي على أسلوب ساكي لكرة القدم، قال جورج بست عنه: "إنه لاعب عظيم بكل المقاييس". وأضاف: " إنه يبدو كأنه يستمتع بالكرة كل ثانية".

ماركو فان باستن: قال عنه ساكي: "في رأيي لا يزال أفضل مهاجم في كل العصور، لا يوجد مهاجم واجه الصعاب وساعد الفريق كما فعل ماركو في ميلان، فوق كل شيء ومع ذلك أتذكره لأناقته وموهبته وقدرته التي لا تصدق".

باولو مالديني: لعب باولو مالديني 31 سنة، ارتدى خلالها قميصًا واحدًا، هو قميص الميلان، "عندما أخلع قميص الميلان، أشعر أن جسدي مخطط بالأسود والأحمر". هكذا وصف مالديني حالة عشقه لناديه ميلان. يقول عنه مارادونا: "مالديني لا يلعب كرة القدم، لكنه يمنع الآخرين من لعبها". أما راؤول غونزاليس يلخص سيرة حياة مالديني بقوله: "عندما كنت صغيرًا كنت أرى باولو مالديني يرفع الكؤوس، وعندما كبرت ما زال باولو يرفعها".

إقرأ/ي أيضًا: شالكه 04.. من المناجم وإلى المناجم يعودون