25-يناير-2017

نزول الأمطار بات مخيفًا ومرعبًا في الجزائر بعد الفيضانات الأخيرة (مواقع التواصل الاجتماعي)

الطبيعة تكشر عن أنيابها، نزول الأمطار بات في الجزائر مخيفًا ومرعبًا، فبعد عزلة عاشتها عديد القرى والمدن بسبب الثلوج التي تراكمت في عديد المناطق الجزائرية، عاشت عديد المحافظات خلال اليومين الأخيرين حالة من القلق بسبب تساقط كميات كبيرة من الأمطار، خاصة وسط الجزائر، خلفت وراءها فيضانات وبرك مائية وغرق العديد من السيارات وانهيار بعض المنازل القديمة والسكنات الهشة، فيما توقفت حركة السير في عديد المناطق، خاصة حركة القطارات والترامواي جراء الفيضانات.

عاشت عديد المحافظات الجزائرية حالة من القلق بسبب تساقط كميات كبيرة من الأمطار خلفت وراءها فيضانات وانهيار بعض المنازل القديمة

الكثيرون يتخوفون من سوء الأحوال الجوية مؤخرًا، لارتباط الأمطار الغزيرة بذكرى سيئة عاشتها الجزائر قبل 16 سنة كاملة، وهي كارثة فيضانات باب الوادي (10 تشرين الثاني/نوفمبر 2001) ووادي قريش بأعالي حي القصبة العتيقة في قلب العاصمة الجزائرية، والتي خلفت مقتل 2000 شخص وتهديم العشرات من المساكن.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائريون والأمطار.. نحبّك ونكرهك

وتسببت الأمطار التي تساقطت في الجزائر العاصمة وضواحيها، والتي تجاوزت كمياتها 60 ميليمترًا مع رياح قوية، في فيضان وديان في أحياء مختلفة مثل وادي الحراش وبابا علي وبئر توتة والعفرون والناظور وسيدي راشد وأبانت عن عيوب كثيرة لمنشآت تنموية كبرى، أهمها ما حدث في جامعة العفرون كقطب جماعي ضخم، حيث وجد الطلبة صعوبات كبرى للخروج من مدرجات الجامعة والالتحاق بمنازلهم، وقد غرقت حافلات نقل الطلبة في مياه الأمطار، مما تطلب تدخل عناصر الحماية المدنية (الدفاع المدني) لإنقاذ الآلاف من الطلبة الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بين الجامعة الغارقة في المياه وبين الطريق السريع الذي تعرض لفيضان وادي بابا علي.

كما شهدت محافظات تيبازة ووهران وعين الدفلى وبومرداس فيضانات للوديان، تسببت أيضًا في عزل القرى والأحياء الفوضوية وبيوت الصفيح، وهو ما دفع بالعشرات من الأسر إلى المبيت في العراء، خوفًا من فيضانات الوديان المحيطة بسكناتهم، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة، بحسب الخبير في الهندسة المعمارية محمد رحماني، الذي صرح لـ"ألترا صوت": أن "العديد من أحياء العاصمة الجزائرية تحتاج إلى إعادة ترميم خاصة في الأحياء العتيقة التي باتت تشكل خطرًا على ساكنيها". وأكد رحماني أن "القضاء على بيوت الصفيح لا يعني بالضرورة القضاء على الأزمة في الجزائر لأن المساكن الحديثة لا يتماشى إنجاز بعضها مع معايير السلامة".

من جانبه، أكد والي محافظة الجزائر عبد القادر زوخ، في تصريحات للصحافة المحلية، أن "الجزائر ستقضي على بيوت الصفيح وترحل سكانها إلى أحياء جديدة"، فيما "تفاخر" والي العاصمة الجزائرية بالإنجازات المحققة في العاصمة وما تحدث عنه من إعادة تأهيل عديد البناءات والطرقات وحملات التزيين، التي شهدتها عاصمة البلاد، فضلاً عن الأحياء السكنية التي أنجزت خلال الخمس سنوات الأخيرة والتي مكنت من القضاء على 80% من السكنات الفوضوية، حسب تصريحاته، وفي مشهد يرى الكثيرون أنه مجرد واجهة لإخفاء عيوب غرقت فيها الجزائر.

اقرأ/ي أيضًا: عمان.. الغرق ليس قدرًا

كانت هذه الأيام الأخيرة في الجزائر تلخص في المتاعب الكثيرة، حيث غمرت المياه العديد من المساكن وانهارت أسقف البعض منها، هكذا وصفت شهرزاد نويوة لـ"ألترا صوت" المشهد، الذي عاشته عشرات العائلات، حيث غمرت المياه الطريق السريع بمنطقة "بابا علي"، غرب العاصمة الجزائرية، حيث قضى المواطنون أربع ساعات لأجل قطع الطريق السريع الرابط بين مدينة العفرون وبئر توتة، وهو الطريق الذي يربط العاصمة الجزائرية بمدينة البليدة، مدخل منطقة الغرب الجزائري، بسبب فيضانات لوديان وانزلاق للتربة في عديد المناطق التي تجاور الطريق السريع.

نادي المخاطر الكبرى في الجزائر:600 بلدية مهددة بخطر الفيضانات من بين 1541 بلدية

على الأرض تتضح سياسة الترقيع جلية من خلال نوعية إنجاز وتشييد مختلف المرافق العمومية والبنى التحتية كالطرقات والجامعات والمدارس، فضلًا عن مخاوف من هشاشة البناءات السكنية الجديدة التي تفتقد إلى مخططات وقائية من هكذا أمطار غزيرة خصوصًا فيما يتعلق بالصرف الصحي وتشييد أحياء سكنية على مساحات أرضية قريبة من الوديان، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على السكان.

بالأرقام، كشف نادي المخاطر الكبرى أن 600 بلدية مهددة بخطر الفيضانات من بين 1541 بلدية على المستوى الوطني وهي بلديات في الخانة الحمراء، حسب ذات النادي. كما حذر رئيس النادي عبد الكريم شلغوم في تصريح لـ"ألترا صوت" من خطورة الفيضانات في الجزائر بعد أن عاشت فيضانات باب الوادي، حيث لا يزال السكان في العديد من البلديات يتخوفون من تكرار السيناريو بسبب انزلاق التربة في العديد من الأحياء والتي تهدد العشرات من العائلات.

وبسبب الأمطار الغزيرة، حذر النادي من مخاطر انزلاق مساكن بنيت في منحدرات جبلية، فضلًا عن 500 ألف كوخ أحصتها جمعية المهندسين الجزائريين على مستوى ولايات الجزائر بنيت على حواف الوديان وسكانها معرضون للموت مع حلول الشتاء.

وتفاديًا لتكرار سيناريو باب الوادي، تعمل هيئة المخاطر الكبرى، التي أنشئت في 2004، على إعداد دراسة معمقة وخريطة يتم بواسطتها تحديد المواقع المعنية بالفيضانات ومخطط وطني للوقاية من الكوارث.

هكذا بات سقوط الأمطار في الجزائر نقمة رغم أنه في الأصل نعمة، ينتظرها الكثيرون مخافة من شبح الجفاف، لتنقلب الطبيعة وتكشر عن قساوتها. وبعد أسبوع كامل من تساقط الثلوج وغلق 60 طريقًا وطنيًا على مستوى 19 ولاية جزائرية هاهي الأمطار تتسبب في فيضانات، تهدم العديد من المساكن والمرافق عبر مختلف المناطق.

اقرأ/ي أيضًا:

نواكشوط.. من بئر إلى مستنقع كبير

هل ستصمد المدن الكبرى في مصر في وجه الفيضانات؟