17-يناير-2016

(Getty)

فيما يعد علامةً فارقة في تاريخ أسواق النفط، غادرت خلال الأسبوعين الماضيين أول شحنتين من النفط الأمريكي الخام موانئ تكساس في طريقهما إلى أوروبا، بعد رفع حظرٍ على تصدير النفط دام أربعين عامًا.

رغم الاختلاف حول مستوى السعر الذي سيتوقف عنده هبوط أسعار النفط إلا أن الخبراء يعتقدون أنها سوف تعاود الصعود بعد وصولها إلى أدنى نقطة

"لقد حان الوقت لإنهاء المناقشة الطويلة بشأن سياسة الطاقة في الولايات المتحدة ووضع أنفسنا بحزم على طريق استقلال الطاقة. ... ذلك القانون هو البداية فقط"، كانت تلك كلمات الرئيس جيرالد فورد في الثاني والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 1975 عندما وقع القانون الذي يقضي بحظر تصدير النفط الأمريكي الخام، في أعقاب الحظر العربي لتصدير النفط إلى الولايات المتحدة والغرب الذي تزامن مع حرب السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973 والذي كانت له آثارٌ هائلة على سوق النفط العالمي.

في الثامن عشر من كانون الثاني/ديسمبر الماضي وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على مشروع قانون الإنفاق والذي يشمل تشريعًا يقضي برفع الحظر المفروض على تصدير النفط منذ أربعين عامًا، وذلك بعد موافقة مجلسي النواب والشيوخ عليه. في نفس الشهر وفي اليوم الأخير من العام المنصرم غادرت ميناء كوربس كريسيتي بولاية تكساس أول شحنة من النفط الأمريكي لتقطع 5,000 ميل في طريقها إلى ولاية بافاريا بألمانيا. في اليوم التالي، غادرت شحنة ثانية من ميناء هوستن بنفس الولاية في طريقها إلى مارسيليا بفرنسا، حيث سيتم من هناك نقلها عبر خطوط الأنابيب إلى محطة تكرير في سويسرا.

استعدت الشركات الأمريكية جيدًا لتلك اللحظة خلال الطفرة التي شهدتها صناعة النفط والتي قادها النفط الصخري في الولايات المتحدة في الأعوام الأخيرة، حيث أعادت شركات البنية التحتية بناء شبكة خطوط الأنابيب حتى يمكن نقل الخام من حقول النفط الصخري في غرب ولاية تكساس وولاية نورث داكوتا الأمريكيتين إلى السواحل حيث تقع الموانئ وأغلب محطات التكرير، لتنطلق ناقلات النفط الأمريكية في طريقها إلى الأسواق العالمية بعد أقل من أسبوعين من رفع الحظر.

يرى مؤيدو رفع الحظر وأغلبهم من الجمهوريين أن الظروف قد تغيرت بعد طفرة النفط الصخري، وأن إلغاء القانون يخلّص الولايات المتحدة من الضغوط التي تمارس عليها، من قبل بعض الدول الكبرى المصدّرة للنفط. فالتخلّص من الضغوط يقصد منه الحرية في إنشاء تحالفات جديدة، في مجال الطاقة، وإمكانية لعب دور في تحديد عوامل أسواق النفط الدولية. أيضًا، يعدّ الجمهوريون إبقاء هذا القانون مضرًّا بصناعة النفط الصخري؛ حيث يمنع المنتجين من الحصول على الأسعار المناسبة؛ بسبب حصر تسويقه بالأسواق المحلية الأمريكية، بدلاً من الدوليّة. أما معارضو القانون فيزعمون أن رفع الحظر سوف يؤدي إلى خسارة وظائف في مجال تكرير النفط وسوف يكون تأثيره سيئًا على البيئة.

يأتي ذلك بينما هبطت أسعار النفط إلى أقل من 30 دولارًا للمرة الأولى منذ ديسمبر 2003، حيث هبط سعر خام برنت بنسبة 3.6% ليغلق عند مستوى 29.76 دولارًا للبرميل، بينما هبط سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 5% ليصل إلى 29.64 دولارًا للبرميل. في نفس الأسبوع حذرت شركة مورجان ستانلي للخدمات المالية من أن ارتفاع سعر الدولار قد يقود سعر النفط إلى أقل من 20 دولارًا للبرميل، بينما قال رويال بنك أوف سكوتلاند إنه سيصل إلى 16 دولارًا للبرميل. وكأن تلك التوقعات ليست منخفضة بما يكفي، توقع بريتيش بنك في تقريرٍ جديد أن أسعار النفط قد تنخفض لتصل إلى 10 دولارات للبرميل، وهو مستوى لم تصل إليه منذ نوفمبر 2001.

ورغم الاختلاف حول مستوى السعر الذي سوف يتوقف عنده هبوط أسعار النفط إلا أن أغلب الخبراء يعتقدون أنها سوف تعاود الصعود بعد وصولها إلى أدنى نقطة في وقتٍ ليس ببعيد. تذهب الأغلبية إلى أن النفط سوف يصعد إلى مستوى 50 دولارًا للبرميل بحلول شهر يوليو، بينما تتوقع شركة ستاندرد تشارترد البريطانية للخدمات المالية أن يقفز السعر إلى 65 دولارًا بحلول ذلك الوقت، لكن الخبراء يجمعون على صعوبة عودة أسعار النفط إلى المستويات التي بدأ منها الهبوط في منتصف 2014 والتي تتجاوز 100 دولار للبرميل على المديين القريب والمتوسط.

___________

اقرأ/ي أيضًا: 

هل يودع العرب "زمن النفط الجميل"؟

السعودية وإيران..إنه النفط