23-يونيو-2019

يذاع برنامج "قراءة ثانية" كل أربعاء في الساعة 22 بتوقيت القدس (التلفزيون العربي)

قضايا ومسائل عدة، حازت بعض الإجابات عليها وضعًا خاصًا، رفعها البعض فوق النقد، وتحولت من كونها قراءة ضمن عدة قراءات أخرى إلى القراءة الوحيدة المسموح بتداولها. حصّنها أنصارها من النقد، وضرب حولها سور حماية وصلت إلى حد التقديس، لتتحول في بعض الأحيان لما يشبه التشريع، وقد يعتقد البعض أنها نص قرآني، رغم أنها ليست كذلك.

 في محاولة للنقاش الجاد حول القضايا الخلافية ولإفساح المجال لقراءات أخرى، انطلق برنامج "قراءة ثانية" الذي تعرض لهجوم من بعض الإسلاميين

مئات السنوات مضت، لم يسلم باحث أو مفكر من الهجوم والنيل منه في حال ما قرر مناقشة حقيقة تلك الرواية الوحيدة، أو التلويح بوجود قراءات أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: برنامج "قراءة ثانية".. جدل كاشف

الولوج إلى تلك المساحة من المناقشات، كان عادة ما يتم بين من يصنفون أنفسهم من التيار الإسلامي من أنصار القراءة الوحيدة، ومعارضيهم، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في استخدام الاتهامات المعتادة، مثل: "الحرب العلمانية ضد الدين"، ويساعد في الحشد العاطفي ضد "المؤامرات التي تحاك ضد الإسلام"، دون محاولة مناقشة تفسير آخر، أو رؤية أخرى لقضية تحتمل النقاش والاختلاف. 

وفي محاولة للنقاش الجاد حول تلك القضايا، انطلق برنامج تلفزيوني بعنوان "قراءة ثانية" على شاشة التلفزيون العربي. وفي مساء كل أربعاء، في تمام الساعة 22 بتوقيت القدس، يظهر أستاذ الفلسفة الإسلامية علي السند، لمناقشة قضية فكرية بطرح الرؤية الثانية في محاولة من فريق العمل لتقديم قراءة جديدة لكل ما هو سائد ومألوف ومتعارف عليه.

فكرة البرنامج

علي السند، أستاذ الفلسفة الإسلامية، ومقدمة البرنامج، وصف البرنامج في حديث لـ"الترا صوت"، قائلًا: "هو برنامج حواري فكري، والنقاش إسلامي - إسلامي، بمعنى أنه قائم بين المتخصصين في المعرفة الإسلامية، لمناقشة قضايا ذات جدل بين الإسلاميين أنفسهم، بعيدًا عن المناقشات من الخارج، من خلال حوار بسيط يمكن للمتلقي عبر التلفزيون فهمه والتفاعل معه".

يتطرق البرنامج لما وصفها سند بـ"الأزمات والأسئلة الشائكة"، كما الحال في حلقة "الدولة في الإسلام"، التي أثارت جدلًا واسعًا، وتعرض البرنامج بسببها لهجوم كبير من قبل منتمين للتيار الإسلامي.

كما سيتطرق البرنامج، وفقًا لعلي سند، إلى "قضايا المرأة والسلطة والأقليات والفرق والمذاهب". وينبه أستاذ الفلسفة الإسلامية إلى أن "قراءة ثانية ليست بالضرورة أن تكون قراءة جديدة، فقد تكون سائدة"، مضيفًا: "يتيح البرنامج مساحة لكل المذاهب الإسلامية، ولكنها في الأغلب لن تكون حوارًا بين المذاهب والاتجاهات الإسلامية، بل تتناول قضية معينة وتناقش رؤية كل طرف لها من خلال قراءات مختلفة، بعيدًا عن تقييم المذاهب لبعضها البعض".

لكن يبدو أن طرح نقاشٍ حول قضية ما، وإن من داخل نفس الإطار الفكري، هو أمر لا يفضله كثيرون، ما يفسر الهجوم الذي تعرض له البرنامج في أولى حلقاته. 

يقول الصحفي والباحث المهتم بالملف الديني، ومعد برنامج "قراءة ثانية"، محمد طلبة رضوان: "على مدار التاريخ الإسلامي، كانت هناك قراءات متعددة للنص الديني، وبسبب بعض الظروف السياسية أو المزاج المجتمعي، تصدرت قراءة واحدة، أو ما يمكن تسميتها بالقراءة المعتادة". 

وفقًا لمحمد طلبة رضوان، ساهم ذلك في "تغييب قراءات أخرى، كانت أقرب إلى وعي المفسر، وبعضها قد يكون أفضل في سياقات اجتماعية مختلفة"، مستدركًا: "لكن الكثير من تلك القراءات منعت من التداول بسبب النظم الحاكمة التي تتحكم وتسيطر على قنوات الاتصال بالشعوب".

وأضاف طلبة رضوان لـ"الترا صوت": "كان من المهم أن نعمل على الانفتاح على القراءات الأخرى في الوقت الحالي، الذي لم يعد فيه من الممكن إلزام المجتمع بقراءة واحده للنص، خاصة وأن أغلب القراءات المعتادة كانت لها ظروف سياسية واجتماعية وتاريخية واقتصادية مختلفة". 

وعلى هذا انطلقت رؤية البرنامج، في محاولة للكشف عن القراءات الثانية الغائبة، و"القراءات المعاصرة" بتعبير طلبة رضوان"، والتي يقول إنه ربما يكون أصحابها قد وجدوا صعوبة في طرحها على مستوى واسع.

الربيع العربي والتقييم

أثارت حلقة البرنامج حول مفهوم الدولة الإسلام، جدلًا واسعًا انعكس على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بين الإسلاميين، إذ رفض قطاع منهم مناقشة المسألة من الأساس دون الالتفات حتى لمضمون الحلقة، مع تصعيد بالاتهامات ضد فريق عمل البرنامج، حتّى وصف بأنه "جزء من مشروع ترامب الصليبي"!

على هذا يعلق علي السند، قائلًا: "مناقشة القراءات المخالفة للسائد ستكون صادمة للبعض، ولكنها في النهاية تبقى أفكارًا، وسنستمر في مناقشتها ولن نتراجع بالتأكيد".

ويشير أستاذ الفلسفة الإسلامية إلى أن وجود أزمة حوار في المجتمعات العربية، قائلًا إنها "تتجاوز الأفكار والمناقشات إلى البحث عما وراء تلك الأفكار"، مضيفًا: "أغلب التحليلات تكون أوهامًا لدى البعض، بالبحث عن سبب طرح الأسئلة الشائكة، واتهام الباحثين بالخضوع لأجندة خارجية أو المشاركة في المؤامرة على الإسلام".

برنامج قراءة ثانية

ويؤكد السند على اعتقاده بأن برنامج "قراءة ثانية" وغيره مما وصفها بـ"محاولات تقييم الأوضاع داخل الأفكار الإسلامية"، هو أمر مهم خاصة بعد الثورات العربية. موضحًا: "أغلب القوى في الوطن العربي -بما فيهم الإسلاميين- تفاجأت بالثورات. تلك المفاجأة أربكت الجميع ولم يكن هناك جاهزية". 

مستطردًا: "بعد صعود الإسلاميين للحكم صار هناك جدل وبعض الصدامات مع القوى الأخرى في المجتمع، وانتهى الأمر بإبعادهم عن الحكم، وتوقف مشروعهم في بعض الدول، والآن الإسلاميين في مرحلة المطاردة والاستضعاف، ولذلك من الضروري لهم تقيم تلك الفترة إن كانوا يرغبون للعودة للواجهة مرة أخرى، وبالتالي عليهم تقييم آرائهم وأفكارهم وقراءاتهم مرة أخرى".

من جانبه شدد الصحفي محمد طلبة رضوان، معد البرنامج، على أهمية "قراءة ثانية" للإسلاميين، موضحًا: "مناقشة القراءات المختلفة في بعض القضايا سيكون بالتأكيد لصالح الإسلاميين أنفسهم".

 يؤكد مقدم برنامج "قراءة ثانية" على أهمية ما يطرحه البرنامج خاصة بعد الثورات العربية، فيما يشدد معد البرنامج على أهميته للإسلاميين أنفسهم

وأضاف طلبة رضوان: "بقاء بعض الأسئلة في أوساط الإسلاميين دون إجابه واضحة، خاصة تلك المتعلقة بشكل الدولة وطريقة إداراتها؛ تسببت في مشكلات انعكست على بعض ثورات الربيع العربي، فوجد بعض من تصدر حكم بعض البلاد أنه لم يكن لديهم، إجابة حاسمة ولا تنظير واضح، لشكل الدولة في الوقت الذي قفزت فيه الثورات المضادة، على تلك الأسئلة وتوجهت لإجهاض الثورات".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

"بوليغراف" على التلفزيون العربي.. جهاز كشف الشائعات والأخبار الكاذبة

تاريخية الوعي الإسلامي ومساراته