08-يونيو-2022

زيارة بايدن المحتملة للسعودية تثير الكثير من الجدل (Getty)

 

أكد البيت الأبيض أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية "قيد الإعداد". وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير خلال مؤتمر صحفي إنه "عندما يأتي وقت هذه الجولة التي تضم زيارة إسرائيل والسعودية ستكون في سياق إنجازات مهمة للشعب الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط"، مضيفة "إذا قرر بايدن أنه من مصلحة الولايات المتحدة التعامل مع زعيم أجنبي، وأن  هذا يمكن أن يحقق نتائج فعندئذ سيفعل ذلك".

البيت الأبيض: إذا قرر بايدن أنه من مصلحة الولايات المتحدة التعامل مع زعيم أجنبي، وأن  هذا يمكن أن يحقق نتائج فعندئذ سيفعل ذلك

ودافعت المتحدثة باسم البيت الأبيض عن قرار الرئيس الأمريكي بإقامة علاقات أوثق مع المملكة العربية السعودية، والتي اتهمت الولايات المتحدة ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان بإصدار الأمر بقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي. وقالت "ليس هناك شك في أن المصالح المهمة متداخلة مع المملكة العربية السعودية، والرئيس ينظر إلى المملكة كشريك مهم في مجموعة من المبادرات التي نعمل عليها، سواء في المنطقة أو في جميع أنحاء العالم".

وبررت جان بيير الموقف المستجد للبيت الأبيض من زيارة الرئيس الأمريكي  للسعودية بالقول إن "زيارة بايدن للمنطقة ستؤدي إلى تحقيق نتائج". وتابعت أن "السعودية  كانت شريكًا استراتيجيًا للولايات المتحدة على مدار نحو 80 عامًا ومن دون شك ثمة مصالح مهمة معها".

وعن القتل المروع للصحفي جمال خاشقجي أشارت جان بيير إلى أن "بايدن أصدر تقريرًا استخباراتيًا حول قتله"، مضيفة أن "الولايات المتحدة لا تزال قلقة بشكل عام بشأن سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية"، وأنه "ليس هناك شك في أنه كما هو الحال مع العديد من البلدان التي نتشارك معها المصالح، لدينا مخاوف بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان، وهذا شيء مهم للغاية بالنسبة للرئيس". وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض "نحن نطرح هذه المخاوف معهم، كما نفعل مع الآخرين، وبالطبع هناك أيضًا أولويات استراتيجية من المهم معالجتها وقد تم تكثيف اتصالاتنا وجهودنا الدبلوماسية مؤخرًا".

وفي وقت سابق من بداية الأسبوع، تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن أن زيارة الرئيس الأمريكي المخططة إلى السعودية والمقررة في هذا الشهر تمّ تأجيلها إلى شهر تموز/يوليو المقبل. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلن خلال مؤتمر صحفي عقده الجمعة الماضية بأن هناك إمكانية لزيارة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى "أنه قد يلتقي بإسرائيليين وبعض المسؤولين من دول عربية". وفي رده على سؤال أحد الصحفيين حول زيارة المملكة العربية السعودية أشار بايدن إلى "عدم وجود خطط مباشرة للذهاب إلى المملكة العربية السعودية"، ولكنه نبّه إلى أن "الزيارة ممكنة لتحقيق المزيد من الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط". وعند سؤاله عن إمكانية لقاء ولي العهد السعودي إن تمت الزيارة إلى السعودية، جاءت إجابة بايدن مفتوحة على كل الاحتمالات حين رد على الصحفي "أنت تتسرع هنا".

ورحب الرئيس الأمريكي بـ "خطوة منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" زيادة إنتاج النفط"، معتبرًا أنها "إيجابية"، ولكنه أردف "لست واثقًا إن كانت كافية". وفي الأيام الماضية، تضاربت الأنباء بشأن جول سيقوم بها الرئيس الأمريكي في أوروبا والشرق الأوسط نهاية الشهر الحالي، حيث سيزور كل من مصر والأردن والأراضي المحتلة والعراق والإمارات.

وبحسب ما نشرت وسائل إعلام أمريكية، من بينها صحيفة "نيويورك تايمز"، يخطط الرئيس الأمريكي إضافة السعودية إلى جدول الزيارات. حيث نقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين أن بايدن سيلتقي الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ما سيمثل  تراجعًا عن تعهده بجعل المملكة منبوذة وعدم التحدث إلى ولي عهدها بسبب الاتهامات عن تورطه في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وأجمعت التقارير الإعلامية أن الهدف من الزيارة المرتقبة الموافقة على زيادة إنتاج النفط والمساعدة في تمديد الهدنة في اليمن، في وقتٍ يسعى فيه إلى خفض أسعار المحروقات في بلاده وعزل روسيا على الساحة الدولية. وكانت "واشنطن بوست" قد نقلت عن مسؤولين لم تسمهم أنّ اللقاء مع ولي العهد السعودي سيأتي بعد مهمات عدة غير معلنة  أجراها مستشار بايدن للشرق الأوسط بريت ماكغورك ومبعوثه لشؤون الطاقة أموس هوشستين في السعودية، واللذان يكرران دعواتهما إلى زيادة إنتاج النفط الخام من أجل خفض التضخم.

كما قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لوكالة فرانس برس الخميس الماضي مشترطًا عدم كشف هويته إنه "إذ ما اعتبر بايدن أنّ من مصلحة الولايات المتحدة التعامل مع زعيم أجنبي، وإنّ التزاما كهذا يمكن أن يسفر عن نتائج، فعندئذٍ سيقوم بذلك". وقلل  المسؤول الأمريكي من شأن المخاطر المترتبة على قضية حقوق الإنسان، معتبرًا أن "هناك أيضًا أولويات استراتيجية من المهم معالجتها، وقد تكثّفت في الآونة الأخيرة اتصالاتنا وعملنا الدبلوماسي".

 يذكر أن موقع "أكسيوس" الأمريكي قد أشار الشهر الماضي إلى أن إدارة بايدن تلعب دور الوسيط بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل ومصر بشأن "المفاوضات التي إذا نجحت يمكن أن تكون خطوة أولى على طريق تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل" بحسب ما قال الموقع. ونقل "أكسيوس" عن مصادر أمريكية وإسرائيلية أن الاتفاق يتضمن إنهاء نقل جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية، وإذا "تم التوصل إلى ترتيب ما، فسيكون ذلك إنجازًا مهمًا للسياسة الخارجية لإدارة بايدن في الشرق الأوسط".

وفي ظل موجة الانتقادات التي تحدثت عن تراجع بايدن عن تعهده السابق بمعاملة السعودية على أنها "منبوذة" بسبب مقتل خاشقجي، رفض البيت الأبيض في وقت سابق تأكيد هذه التقارير. وقد يثير اللقاء وجهًا لوجه بين بايدن وابن سلمان غضبًا في الكونغرس الأمريكي حتى في صفوف الديمقراطيين في ظل الانتقادات الشديدة لشخصية ولي العهد السعودي.

وقد أدان نشطاء سعوديون وجماعات حقوق الإنسان الزيارة المرتقبة قائلين إن "بايدن يخون قيمه بلقاء ولي العهد محمد بن سلمان المتهم بعدة انتهاكات لحقوق الإنسان من بينها القتل والتعذيب إضافة إلى قتل المدنيين في حرب اليمن".

ونشرت منظمة "The Project on Middle East Democracy" تغريدة على تويتر كتبت فيها إن "هذه الزيارة المخطط لها تعد صفعة على وجه النشطاء والمعارضة وناشطات حقوق الإنسان والصحفيين والمواطنين في السعودية وخارجها ممن سُجنوا واُخفوا وقُتلوا". وكتب الأكاديمي السعودي عبد الله العودة الذي يقبع والده العالم الإسلامي سلمان العودة في سجون السعودية، تغريدة قال فيها "نحن نشطاء سعوديون تضررنا من محمد بن سلمان نشعر بالخيانة من قبل بايدن. مصافحة نفس الشخص الذي قتل صديقنا خاشقجي، واعتقل أحباءنا وعذبهم، ومنع العديد من أفراد عائلتنا من السفر لابتزازنا، ومضايقتنا هنا في الولايات المتحدة؟!".

 أدان نشطاء سعوديون وجماعات حقوق الإنسان الزيارة المرتقبة قائلين إن "بايدن يخون قيمه بلقاء ولي العهد"

وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير قد قالت في إحاطة صحافية سابقة إن "الرئيس يتطلع إلى فرصة التواصل مع قادة من الشرق الأوسط، لكن ليس لدي ما أعلنهُ اليوم". وأضافت أن "بايدن متمسك بآرائه السابقة بخصوص ولي العهد السعودي". ويعتزم بايدن هذا الشهر التنقل للمشاركة في قمة حلف شمال الأطلسي في إسبانيا وقمة مجموعة السبع في ألمانيا.