14-مارس-2022

مصر والسعودية من الأسوأ في العالم بالنسبة لتنفيذ عقوبة الإعدام (تويتر)

وثقت منظمة "نحن نسجل" الحقوقية تنفيذ السلطات المصرية لأحكام الإعدام بحق 4 أشخاص في 8 مارس/آذار الماضي، وكان المتهمون قد أُدينوا بالانضمام لجماعة إرهابية وتنفيذ عمليات نوعية، على ذمة القضية رقم 513 لسنة 2016 المعروفة إعلاميًا بخلية ميكروباص حلون. وأدانت المنظمة تنفيذ الحكم واصفة إياه بكونه متسقًا مع وقائع إعدام سابقة مشابهة اتسمت جميعها بأنها ذات طابع سياسي وتفتقر إلى معايير العدالة. بعد يومين فقط، نفذت مصلحة السجون المصرية حكم الإعدام في ثلاثة آخرين أدينوا أيضًا باتهامات لها صلة بالانضمام لجماعات محظورة وتنفيذ عمليات إرهابية على ذمة القضية رقم 1187 لسنة 2014 والتي أُعدم على ذمتها 10 متهمين آخرين في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020.

نفذت المملكة العربية السعودية حكم الإعدام ضد 81 شخصًا بينهم سبعة يمنيين وسوري واحد، لإدانتهم بجرائم متعلقة بالإرهاب و"اعتناق الفكر الضال"

واعتبرت المنظمة أن تسارع وتيرة الإعدامات بحق المعتقلين السياسيين تؤكد على ما وصلت إليه حالة حقوق الإنسان في مصر من تدهور حاد، معتبرة أن "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في العام الماضي، ما هي إلا حبر على ورق.

جامع سليمان القانوني في أوكرانيا

انتقلت الأنظار سريعًا في اليوم التالي إلى المملكة العربية السعودية في خبر سعيد، حيث أفرجت المملكة عن الناشط والمدون رائف بدوي بعد أن قضى فترة عقوبته المقدرة بعشر سنوات. وكان بدوي قد سُجن في عام 2012 بتهمة ازدراء الدين الإسلامي، ونال دعمًا دوليًا من الحكومات الغربية والمنظمات المهتمة بقضايا الحريات وحقوق الإنسان. بيد أن هذا الاحتفاء بحرية بدوي لم يدم طويلًا حيث فوجئ المتابعون في 12 مارس/آذار 2022، وبعد يوم واحد من الإفراج عن بدوي، بتنفيذ المملكة العربية السعودية حكم الإعدام ضد 81 شخصًا بينهم سبعة يمنيين وسوري واحد، لإدانتهم بجرائم متعلقة بالإرهاب و"اعتناق الفكر الضال"، حسب ما أعلنت وزارة الداخلية السعودية في بيانها على صفحتها الرسمية بموقع الفيسبوك.

أكبر حصيلة إعدام وإدانات حقوقية تلاحق المملكة

تضمنت لائحة الاتهامات التي صدرت على أساسها أحكام الإعدام، حسب بيان وزارة الداخلية السعودية، "اعتناق الفكر الضال والمناهج والمعتقدات المنحرفة الأخرى (ذات الولاءات الخارجية التي باعت نفسها ووطنها خدمة لأجندات الأطراف المعادية)، وبايعتها على الفساد والضلال". فيما أدانت العديد من المنظمات الحقوقية الإعدامات الأخيرة، من بينها منظمة نحن نسجل التي صرّحت بأنها أكبر حصيلة تنفيذ إعدامات وأنها نُفذت وفق أحكام المحكمة الجزائية المتخصصة "محكمة الإرهاب"، وهي محكمة غير مستقلة تستخدم كأداة عقاب ضد المفكرين ونشطاء حقوق الإنسان والمعارضين.

كما دعت منظمة القسط الحقوقية، السلطات السعودية، إلى ضرورة إيقاف العمل بأحكام الإعدام، والالتزام بالمواثيق والعهود الدولية وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأدانت المنظمة أحكام الإعدام ورأت أنها خطوة للوراء فيما يتعلق بوعود المملكة حول الإصلاح المعني بعقوبة الإعدام. ونوّهت القسط بأن القضاء في السعودية غير مستقل، وهناك سجل طويل من المحاكمات الجائرة التي تعتمد على اعترافات منتزعة بالتعذيب من المتهمين. وتضيف المؤسسة في بيانها أن السلطات السعودية لطالما استخدمت أنظمتها القانونية لملاحقة المعارضين والنشطاء وقمعهم، وتحديدًا نظام مكافحة الإرهاب الذي تستهدف بموجب مواده الفضفاضة أي نشاط سياسي أو ناقد بصفته نشاطًا إرهابيًا.

ويظهر عدم استقلالية القضاء السعودي، حسب بيان القسط، في عدم احتكامه إلى أنظمة واضحة وشفافة، فالسلطات السعودية لم تقم بتقنين القضاء بعد، رغم إعلانات أصدرتها حول ذلك، وما زالت القضايا القانونية تسير رسميًا بموجب اجتهاد القضاة، وينطبق ذلك بشكل خاص في حالة المحكمة الجزائية المتخصصة، التي تحاكم القضايا المعنية بالإرهاب، حيث استخدمتها السلطات السعودية طوال العقد الماضي لاستهداف عدد من النقّاد السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

يُذكر أن منظمة القسط هي منظمة مستقلة غير حكومية تأسست في عام 2014 بغرض تكريس حقوق الإنسان في السعودية، وتهتم بقضايا الحريات والتعبير السلمي عن الآراء والمعتقدات.

السعودية ومصر من أكثر الدول تنفيذًا للإعدامات

وفق التقرير السنوي الأخير لمنظمة العفو الدولية الصادر في 21 أبريل/نيسان 2021 عن أحكام وعمليات الإعدام في 2020، فإن هناك 108 دولة ألغت عقوبة الإعدام لجميع الجرائم، وبلغ إجمالي الدول التي ألغت العقوبة أو لا تطبقها في الواقع الفعلي 144 دولة حول العالم، ولكن تظل 55 دولة تواصل تطبيق العقوبة على الرغم من التوجه العالمي للضغط من أجل تعديل القوانين لإيقاف العقوبة أو تعطيلها.

وتنظر المنظمات الحقوقية إلى عقوبة الإعدام على أنها تعدٍ على الحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، مع الأخذ في الاعتبار أنها عقوبة لا رجعة فيها إذا ما حدث خطأ أثناء سير المحاكمة.

ويشير التقرير إلى استئثار أربع دول بنسبة 88% من جميع عمليات الإعدام المعروفة، هي على التوالي إيران ومصر والعراق والسعودية، إذا ما استثنينا الصين وكوريا الشمالية. واحتلت مصر المركز الثالث عالميًا بعد الصين وإيران في تنفيذ أحكام الإعدام بعدد بلغ أكثر من 107 حالة، وجاءت السعودية في المركز الخامس عالميًا بتنفيذ 27 حكمًا بالإعدام في عام 2020.

تنظر المنظمات الحقوقية إلى عقوبة الإعدام على أنها تعدٍ على الحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

لذا يعتبر تنفيذ الحكم الأخير بإعدام 81 شخصًا في يوم واحد بمثابة مفاجأة للمجتمع الدولي والحقوقي، كما يعد تراجعًا في حالة حقوق الإنسان بالسعودية. فبعد أن كان تعداد الأشخاص المنفذ بهم حكم الإعدام 27 شخصًا في عام 2020 أصبح اليوم 81 شخصًا ونحن لازلنا في الربع الأول من العام، خاصة أن هناك لائحة طويلة من الجرائم والاتهامات الفضفاضة التي تطبق عليها عقوبة الإعدام بالسعودية، مثل الردة، وازدراء الدين الإسلامي، والسحر والشعوذة، والخيانة، والإرهاب، والشرك، والتحريض، وإشعال الفتن.