26-مايو-2016

مقترعة في الانتخابات البلدية اللبنانية (أ.ف.ب)

يحقّ للمراقب أن يقف طويلًا أمام نتائج الانتخابات البلدية في جنوب لبنان، مركز القوّة الرّئيسي لما يسمّى "الثّنائي الشّيعي"، أي حزب الله-أمل. سارت رياح الجنوب بما لا تشتهي سفن التّحالف، لم تنفع مع الجنوبيين دعوات الاستفتاء والتّصويت على الخيارات.

سارت رياح الجنوب للانتخابات البلدية بما لا تشتهي سفن التّحالف بين حزب الله وأمل

لم يكن أكثر المتفائلين ليتوقّع نتائج جنوبية شبيهة بالتي تحقّقت، بدا خرق التّحالف الثّنائي بفعل الهالة التي بناها حول شعبيته مستحيلًا، لكن العائلات بالتّحالف مع اليسار كان لها رأي آخر، فالاستفتاء تحوّل لمحطّة يثبت الجنوبيون فيها استقلاليتهم. حازت العائلات مع اليسار، الحزب الشّيوعي بالأخص على قرابة الـ 35% من نسبة الأصوات الجنوبية محقّقين خروقاتٍ مفاجئة في العديد من الضيع، مع تراجعٍ ملحوظٍ في المدن.

اقرأ/ي أيضًا: من فقه الثواب إلى فقه العقاب

يبدو أن المزاج الشّعبي الجنوبي لم يعد يُساق بشعاراتٍ رنّانة، لم ينفع الاتجار بالمقاومة كما المعتاد، الخصم هذه المرّة ليس عدوًا للمقاومة، اللعب على الوتر الوطني المقاوم لم ينفع أبدًا. الإسقاطات في اللوائح لم تنفع أحدًا، على غير المرّات السّابقة، رفضت العائلات الأسماء التي فرضها التّحالف الثّنائي عليها، وقرّرت خوض الانتخابات بمواجهة اللوائح المعلّبة، فنجحت في خرقها واختراقها، بالرّغم من التّجييش واللجوء للتكاليف الشّرعية وغيرها من الوسائل الضّاغطة.

في العام 1998، خاض التّحالف آخر معركةٍ بين قطبيه، أمل وحزب الله، قبل أن يتحالف في 2004 و2010، محقّقًا انتصارات ساحقة، بنسبةٍ تصل لـ 95% من الأصوات والمقاعد البلدية، تحت شعار المقاومة والمؤامرة الدّولية عليها، يومها نجح التّحالف في اللعب على الوتر الوجودي الجنوبي وفاز، ست سنواتٍ من مدّة ولاية المجالس البلدية التي انتخبت تحت شعار المقاومة، لم تطور أو تنمّي فيها شيئًا في المدن والقرى، لم تعالج أزمة النّفايات ولم تخلق بدائل علاجية، لم تسعَ لحلّ مشكلة شحّ المياه والحدّ من تلوّثها، لم تحافظ على المساحات الخضراء، لم تصن التّنظيم المدني وتراقبه، لم توسّع الطّرقات ولم تحافظ على الأرصفة، لم تفتح أو تستحدث أي مكاتب عامةٍ أو دور ثقافية أو موسيقية، وتعود الأسماء ذاتها والتّحالف ذاته اليوم، ليشكّل ويفصّل اللوائح على قياسه ويلبسه للجنوبيين.

الجنوبيون خاصّةً، واللبنانيون عامّةً ملّوا الخطابات التّقليدية المعتادة، دخل حزب الله المعركة البلدية بشعاراتٍ باليةٍ فخسر صورته ولو أنّه فاز بالمقاعد، أراد من الانتخابات أن تكون استفتاءً يثبّت به شعبيته، إذا باليسار يطل من النّافذة الجنوبية مثبتًا نفسه خصمًا لا يستهان به، وبإرادة جنوبية خالصةٍ سترتدّ على الانتخابات النّيابية بطبيعة الحال، فالنّسبية التي لطالما نادى المواطنون بها ماتت ودُفنت، النّسبية تعني خسارة كبرى للتحالف، وهذا ما لن يسمح السّياسيون بحصوله، فهم يعون جيّدا اليوم أنّهم منبوذون، يعيشون في وادٍ والنّاس في واد آخر.

اقرأ/ي أيضًا:

الصفعة.. من التسامح إلى التمسحة

القومجيون العرب كمصيبة عربية!