27-أبريل-2018

تهدف المادة العاشرة/قانون أملاك الغائبين إلى ترسيخ سيطرة النظام عبر الديمغرافيا (أ.ف.ب)

سن النظام السوري قبل فترة قانونًا جديدًا، يستلهم إلى حد التطابق، قانون "أملاك الغائبين" الإسرائيلي المعروف باستعماله لنفي الفلسطينيين حتى من السجلات العقارية بعد تهجيرهم ماديًا. وفقًا لهذا القانون، فإن على اللاجئين السوريين أن يثبتوا وجودهم في البلاد قبل شهر أيار/مايو القادم، وإذا لم يحققوا هذا الشرط التعجيزي فإنهم سيخسرون ممتلكاتهم في البلاد. مشهد يتشارك مع تلك الصور القادمة من مخيم اليرموك، من أجل استحضار التقاطع الذي صار مكشوفًا بين الاستبداد والاستعمار. ما الهدف من هذا القانون وما هي أبعاده؟ نحاول في ألترا صوت، من خلال هذا التقرير المترجم عن صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن نجيب على هذه التساؤلات. 


فرض النظام السوري على أكثر من 10 مليون لاجئ ممن فروا من الحرب المشتعلة في البلاد، العودة إلى منازلهم والمطالبة بها قبل أيار/مايو وإلا فستتم مصادرتها من قبل الحكومة. وأثار إعلان قانون الملكية الجديد هذا الشهر تخوفًا كبيرًا من تعرض المواطنين السوريين المعارضين للأسد للنفي الدائم، وأن ممتلكاتهم ستذهب للأوفياء من مؤيديه. وقال المحللون والمنفيون إن القانون، والمعروف بالمادة العاشرة، وتوقيت تطبيقه المحدود، خاصة مع وجود أغلبية من النازحين في الداخل واللاجئين في الخارج والذين ليس بإمكانهم العودة لإثبات ملكياتهم، يساعد كأداة تغيير سكانية وهندسة اجتماعية.

تشبه المادة العاشرة في سوريا قانون أملاك الغائبين في إسرائيل عام 1950، الذي قونن الاستيلاء على أملاك الفلسطينيين

يشبه الأمر مشروع قانون لبناني بعد الحرب الأهلية للاستيلاء على الأراضي في وسط بيروت، وقانون أملاك الغائبين في إسرائيل عام 1950، والذي قونن الاستيلاء على أملاك الفلسطينيين المطرودين من أرضهم. ويعطي القانون السوري القوة للإدارات المحلية لإعادة تسجيل ملكية الأصول في منطقتها، وهي الحركة التي تتطلب وجود ملاك الأصول. ويقول الخبراء القانونيون السوريون إن القانون يهتم فقط بالمناطق التي دمرتها الحرب في محيط دمشق ولا يشمل المناطق التي لم تصب بأذى بسبب الاقتتال. إلا أن النقاد وملاك الأصول المنفيين يقولون إن القانون له بعد سياسي واضح ويحمل ترتيبات أبعد من مجرد إعادة التوزيع.

اقرأ/ي أيضًا: التعداد الإسرائيلي الأول: أنت تُحصى إذن أنت موجود!

وتوضح مها يحيى مديرة مركز كارنيجي الشرق الأوسط في بيروت: "يعتبر إثبات الملكية لملايين النازحين داخليًا واللاجئين خارجيًا مهمة مستحيلة. الكثيرون رحلوا دون سندات الملكية والبعض كان يعيش في مساكن غير رسمية، وبالتالي فإن عدم وجود سند قانوني للملكية وعدم الحضور لسوريا، بالنسبة لللاجئين، لإعطاء مثل تلك الإثباتات هو بمثابة انتحار.

ومن وجهة نظر النظام، سوف يحقق هذا القانون ثلاثة أغراض: أولًا سيمنحهم وسيلة للتدقيق في سجلات العائدين، وطريقة لتجريد المعارضين السياسيين من أملاكهم. وبالنسبة للاجئين، الذين يعتبرهم النظام خونة، يزيد هذا من خطر دوام منفاهم. وثانيًا سوف يسمح للنظام بتوطيد أركان سلطته بإعادة توطين المناطق الاستراتيجية بالسكان الموالين له. وأخيرًا، فإن ذلك سيؤدي إلى جعل المقيمين في التجمعات العشوائية بالمدن الكبيرة عرضة لخطر نزع الملكية، كما يمحو أية مصادر محتملة للمقاومة المستقبلية من أجل الخير.

نوقشت آثار القانون المقترح على نطاق واسع في مؤتمر مانحين بين الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، في بروكسل، هذا الأسبوع. وعلى جانب القمة، التي انتهت بنقص في تعهدات المعونة بما يقرب من خمسة مليارات دولار، قال المسؤولون من كلا الجانبين إن هناك وعي متزايد داخل أوروبا أن العديد من اللاجئين السوريين المقدرين بمليون ونصف في أرجاء القارة لن يعودوا لديارهم.

القانون سيمنح النظام وسيلة للتدقيق في سجلات العائدين، وطريقة لتجريد المعارضين السياسيين من أملاكهم

يقول مسؤول بالاتحاد الأوروبي: "هذا القانون بمثابة مسمار في نعشهم، أي اللاجئين،وهو توطيد سافر لأركان حكم الأسد. إنه قانون عقابي، غير تنظيمي، ولا شك في ذلك. فمن ناحية، من الطبيعي أن يسلكوا هذا الطريق بعد كارثة طبيعية كزلزال، ولكن ليس الآن، وليس هكذا. لا تزال الحرب هائجة وتستشري كالسرطان. ولا يبدو لها أية نهاية في الأفق". ويتوجه الأسد، بدعم قوي من روسيا وإيران، لإحراز موقف منتصر في مناطق رئيسية من أرض المعركة، بما فيها دمشق حيث استمرت قوات الأسد والروس في هجومها على مخيم اليرموك الفلسطيني، يوم الخميس.

اقرأ/ي أيضًا: 20 معلومة لا بد من معرفتها عن سوريا

وكاستجابة لهذه الهجمات الأخيرة، يقول بيير كرونبول، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين/الأونروا، إن "اليرموك وقاطنوه تحملوا ألمًا لا يمكن وصفه ومعاناة على مدار سنوات الصراع. ونحن مهتمون، وبجدية، بمصير الآلاف من المدنيين، ومنهم اللاجئون الفلسطينيون، بعد أكثر من أسبوع من تزايد العنف الضاري". وفي الشمال والجنوب السوري، لم تبدأ هجمات النظام بشكل كامل. لقد تغير الصراع في المنطقتين عدة مرات، وحتى بدعم طهران وموسكو الذي يمثل حجر زاوية للنظام، تبدو استعادة السيطرة على كامل البلد في أى وقت قريب، أمرًا غير محتمل.

يقول نديم شهادي، مدير مركز فراس لدراسات الشرق الأوسط بجامعة تافتس بالولايات المتحدة، إن التأثيرات الكاملة لقانون الملكية لا تزال غير واضحة، ويضيف أن "الكثير منها سيعتمد على التطبيق العملي، ربما يكون هذا تطهيرًا عرقيًا بالمباغتة، لا يختلف عن القوانين الغيابية السابقة التي رأيناها من قبل". ويضيف: "كان لدينا قانون شبيه في لبنان في مناطق إعادة البناء في مخيم نهر البارد الذي تم تدميره عام 2007 بأيدي الجيش اللبناني في قتال مع مجموعة فتح الإسلام الإرهابية. كان هناك شكل من البناء غير القانوني على نحو يخالف تقسيم المناطق وقوانين البناء، إضافة إلى حقوق ملكية غير واضحة ونظام تعويض معقد". 

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقدير موقف: لماذا تعارض إسرائيل اتفاق خفض التصعيد في جنوب سوريا؟

سوريا.. التحالفات الإقليمية ستغير الخارطة العسكرية