25-مارس-2018

كيف يؤثر التلاعب في التوقيت على دورة العمل؟ (Getty)

بدأ المغرب حديثًا العمل بالتوقيت الصيفي، وذلك بإضافة 60 دقيقة رسميًا إلى الساعة القانونية المحددة في المملكة، وهي خطوة أثارت تذمر الكثير من الناس واستياءهم، بسبب الارتباك الذي تخلقه الساعة الجديدة في الحياة اليومية. هذه خمسة أسئلة تزيل الغموض الذي يلف الساعة الإضافية.

بدأ المغرب العمل بالتوقيت الصيفي لأول مرة سنة 1984، وهي التجربة التي دامت حوالي 15 شهرًا فقط

1- قبل كل شيء، ما هو التوقيت الصيفي؟

هو تعديل في التوقيت القياسي المعمول به، من خلال دفع الزمن إلى الأمام، بزيادة ساعة واحدة، وذلك بغرض توفير ضوء النهار لأطول فترة ممكنة. عادة ما تشرع المناطق التي تستخدم التوقيت الصيفي بالعمل به مع بداية الربيع حتى فصل الخريف، حيث يتم الرجوع بالوقت ساعة إلى الوراء.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. نحو إلغاء مجانية التعليم العمومي!

جورج هدسون، عالم الفلك والحشرات البريطاني، هو أول من اقترح فكرة توفير ضوء النهار سنة 1895، ونظمت الإمبراطورية الألمانية والنمسا-المجر أول تطبيق على الصعيد الوطني لهذه الفكرة، بدءًا من 30 نيسان/أبريل 1916، لتستخدمها فيما بعد العديد من البلدان في أوقات مختلفة منذ ذلك الحين.

بدأ المغرب العمل بالتوقيت الصيفي لأول مرة سنة 1984، وهي التجربة التي دامت حوالي 15 شهرًا، ليتم تكرار التجربة سنة 1989، غير أن هذه الأخيرة لم تدم سوى شهر واحد فقط، ولم يعد المغرب إلى اعتماد هذا التوقيت إلا في سنة 2008 لتستمر التجربة إلى اليوم.

2- لماذا يعتمد المغرب التوقيت الصيفي؟

كانت الفكرة الأصلية وراء تطبيق التوقيت الصيفي في أوروبا خلال الثورة الصناعية هي إبقاء المعامل مفتوحة لأطول فترة ممكنة في الصيف، حيث يستمر ضوء الشمس لفترة طويلة مقارنة مع فصل الشتاء، وذلك من أجل رفع الإنتاجية، إذا أن زيادة ساعة واحدة في التوقيت يعني استيقاظ العمال بوقت أبكر من المعتاد بساعة.

اقرأ/ي أيضًا: هل يحتاج المغرب إلى ضرائب جديدة أم إلى إصلاح ضريبي؟

لكن فيما بعد أصبح التوقيت الصيفي نهجًا للحفاظ على الطاقة، حيث يفترض أن إضافة ساعة واحدة إلى التوقيت يجعل الناس ينامون في وقت أبكر، ما داموا ملزمين بالاستيقاظ باكرًا للعمل أو المدرسة، مما يعني تقليل استهلاك المواطنين للإضاءة الكهربائية أثناء الليل. وقد استعملت الولايات المتحدة هذه الخدعة كحل اقتصادي خلال "أزمة الطاقة" في ستينيات القرن الماضي.

نفس المبرر تعتمده المملكة المغربية اليوم في تطبيق التوقيت الصيفي، حيث تقول في بيان لها إن "من شأن هذا الأمر أن يسهم في اقتصاد استهلاك الطاقة وتيسير المعاملات التجارية مع الشركاء الاقتصاديين الدوليين، خاصة بلدان الاتحاد الأوروبي، عبر الحفاظ على الفارق الزمني ذاته بينها وبين المغرب".

3- هل فعلا للتوقيت الصيفي إيجابيات؟

على الرغم من حقيقة أن التوقيت الصيفي يتم العمل به لتوفير الطاقة كما هو مفترض، إلا أنه لا يوجد دليل قوي على أن النظام الحالي في عصرنا يقلل في الواقع من استخدام الطاقة. يشرح جوزيف سترومبيرج جيدا هذا الأمر في مقالة ممتازة له على موقع "VOX"، حيث يقول "إن الدراسات المعولمة في هذا الصدد تظهر فعلًا أن التوقيت الصيفي يقلل من استخدام الإضاءة، وبالتالي استهلاك الكهرباء، بشكل طفيف، ولكنه قد يزيد من استخدام التدفئة والتكييف وكذلك استهلاك الغاز بالمقابل.

ربما الفائدة الحقيقية للتوقيت الصيفي، تكمن في زيادة المبيعات، وذلك لأن المحلات تفتح أبوابها لفترة أطول نتيجة ساعات النهار الطويلة، بجانب أن العمال وطلاب المدرسة ينتهون من دوامهم بوقت أبكر، مما يتيح لهم فرصة للخروج والتجول والتسوق، وبالتالي تحقيق مزيد من الأرباح بالنسبة للشركات والمحلات التجارية، وفي نفس الوقت الحصول على مزيد من الترفيه والأنشطة الاجتماعية خارج المنزل، وهو أمر مفيد للأطفال.

ربما الفائدة الحقيقية للتوقيت الصيفي، تكمن في زيادة المبيعات، وذلك لأن المحلات تفتح أبوابها لفترة أطول نتيجة ساعات النهار الطويلة

تشير بعض الأبحاث أيضًا إلى فوائد أخرى مرتبطة بالتوقيت الصيفي، على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات الأمريكية أن معدلات عمليات السطو في الهواء الطلق انخفضت بشكل ملحوظ عند تمديد ساعات النهار، وافترض الباحثون أن ذلك راجع إلى أن معظم الجرائم العنيفة يتم تنفيذها بسهولة أكثر أثناء الظلام، وإلى كون الناس وطلاب المدارس ينهون واجباتهم خارج المنزل قبل حلول الظلام، وبالتالي يقل خروجهم ليلًا.

كما أن هناك أدلة على أن التوقيت الصيفي قد يقلل الوفيات المرتبطة بحوادث المرور، وخاصة بالنسبة للراجلين، حيث يميل الناس عمومًا إلى السفر والخروج نهارًا، ما يزيد فرصة انتباه السائقين والمشاة أثناء السير في الطريق.

4- لكن ما هي سلبيات التوقيت الصيفي؟

عندما نضيف ساعة زيادة، فإن الكثير منا سيحرم من ساعة إضافية من النوم، ورغم أن ذلك يبدو وكأنه تغير بسيط، ولكن نحن البشر كائنات حساسة لغريزة النوم، حيث من شأن اضطرابات صغيرة في نومنا أن تؤثر في قدراتنا الصحية والعقلية، كما تظهر الدراسات، نظرًا إلى احتياج أجسامنا الفطري إلى ساعات نوم كافية، وهو ما يقلل من فعاليتنا الإنتاجية نهارًا، ويرتد سلبًا على صحتنا النفسية.

وبالرغم من أن التوقيت الصيفي، يخفض شيئًا ما نسبة حوادث السير إذا ما استمر لعام كامل، إلا أنه يتسبب في رفعها بشكل رهيب، في الأيام الموالية القليلة بعد تنفيذه، إذ اكتشف باحثون، في جامعتي جونز هوبكنز وجامعة ستانفورد، زيادة كبيرة على مستوى وفيات حوادث الطرق، في أول يوم للعمل بالتوقيت الصيفي، يعود هذا الأمر إلى أن تغيير التوقيت يؤدي إلى تغيير مواعيد النوم بشكل جماعي، ما يتسبب في اضطراب ساعاتنا البيولوجية، وبالتالي تزداد مخاطر حوادث الطرق المميتة، على الأقل في الأيام الأولى للتوقيت الصيفي، قبل أن تستطيع ساعاتنا البيولوجية التكيف مع نظام النوم الجديد.

هناك أدلة على أن التوقيت الصيفي قد يقلل الوفيات المرتبطة بحوادث المرور، وخاصة بالنسبة للراجلين، حيث يميل الناس عمومًا إلى السفر والخروج نهارًا

من جانب آخر، في التوقيت الصيفي يضطر التلاميذ إلى الذهاب إلى المدارس في ساعات مبكرة من الصباح، وهو أمر يثير قلق الآباء على أطفالهم من ذهابهم وحيدين والشوارع لا تزال خاوية، كما أن الأطفال يضطرون إلى الاستيقاظ باكرًا جدًا، وإن كان البعض يرى في ذلك فائدة صحية.

5- كيف إذًا نتعامل مع التوقيت الصيفي؟

للتوقيت الصيفي إيجابيات معينة وسلبيات معينة، ولأنه لا يمكن إلغاؤه ما دام فرض من الحكومة، فإن الحل الوحيد هو محاولة التكيف مع الساعة الجديدة، وذلك عن طريق إعداد برنامجنا اليومي لأنشطتنا، بشكل يتناسب مع هذا النظام الزمني، مع الانتباه إلى ضرورة الحصول على عدد الساعات الكافية من النوم وأخذ الحيطة والحذر في الأيام الأولى للتوقيت الصيفي أثناء السير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هكذا خذلت النقابات عمّال المغرب!

مسيحيو المغرب.. أقلية دينية غير معترف بها رسميًا!