23-مارس-2019

وصلت نسبة عنف الزوجات ضد أزواجهن في مصر إلى 6.50% من إجمالي الزيجات (تعبيرية/ أ.ب)

في المجتمعات العربية عامة والمجتمع المصري خاصة، غالبًا ما يحيل مصطلح "العنف الأسري" حصرًا إلى العنف ضد المرأة. يحصر ذلك الرجلَ في خانة المتهم دائمًا، استنادًا إلى إرث ثقيل من السطوة الذكورية، لم يخلوا من بعض التشويه.

بحسب دراسة أممية، تحتل مصر المركز الأول عالميًا في قائمة أكثر النساء في العالم اعتداءً على الأزواج بنسبة 28%

غير أن الواقع يكشف عن أن الرجل قد يكون، وفي أحيانٍ كثيرة، ضحية للعنف الأسري! هذا ما تكشف عنه إحصائيات وأرقام لم تأخذ الزخم اللازم، رغم أنه كما يتضح، تزداد ظاهرة العنف ضد الرجل اضطرادًا، وإن لم تفرض نفسها على ساحة الجدل والنقاش حول العنف الأسري.

اقرأ/ي أيضًا: العنف الأسري في المغرب.. ضد الرجال أيضًا

مصر الأولى عالميًا

بحسب دراسة لمركز بحوث الجرائم التابع للأمم المتحدة، تحتل مصر المركز الأول عالميًا في قائمة أكثر النساء في العالم اعتداءً على الأزواج بنسبة 28%. التي قال عنها المركز في دراسته إنها "نسبة كبيرة"، واعتبرتها الدراسة "ظاهرة جديدة على المجتمع المصري". وتأتي بعد مصر في القائمة، كل من الولايات المتحدة بـ23% ثم بريطانيا بنسبة 17%، وتليها الهند بنسبة 11%.

لكن الواقع يكشف أن هذه الظاهرة ليست جديدة تمامًا في مصر، ففي عام 2006، كشفت دراسة لملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان أن إجمالي جرائم العنف التي تعرض لها الرجال في مصر خلال النصف الثاني من 2005، وصلت إلى 111 جريمة، 65% منها كانت عنفًا أسريًا.

العنف ضد الرجال في مصر
 أكثر 50.6% من الرجال المتزوجين في مصر معرضون للقتل من قبل زوجاتهم!

وبحسب دراسة أخرى لمركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، فإن أكثر من نصف الرجال المتزوجين في مصر، معرضون للعنف الجسدي من قبل زوجاتهم. ووصلت نسبة عنف الزوجات ضد أزواجهن إلى 6.50 % من إجمالي حالات الزواج، فيما يزيد العنف بين الزوجات الأميات بنسبة 87% بالمقارنة بالمتعلمات، وثلث النساء اللواتي يمارسن العنف ضد أزواجهن لا يشعرن بالندم على هذا السلوك!

جدير بالإشارة إلى أن هذه الإحصائيات لا تكشف عن كل الحالات، خاصة وأن اعتراف الرجل بتعرضه للعنف من قبل زوجته ليس أمرًا سهلًا في مجتمع عربي، ما يدفع البعض للاعتقاد بأن النسب تزيد كثيرًا عن الواردة في الإحصائيات المتوفرة.

"حواء أكثر دموية"!

لا يغفل الحديث عن العنف ضد الرجل، حقيقة أن النساء يشكلن النسبة الأكبر من ضحايا العنف الأسري، لكن الملفت أن الزوجات عندما يمارسن العنف ضد أزواجهن، فإنهن يفعلن ذلك بقسوة شديدة في كثير من الحالات، وغالبًا ما تكون لديهن دوافع من انفعالات مكبوتة ضد الرجل.

هذا ما أكده عوض علي عيسى، مدير مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بجامعة جنوب الوادي، خلال كلمته في احتفالية للمجلس القومي للمرأة المصرية، حيث قال إنه "في كثير من الأحيان تكون المرأة أكثر عنفًا، حتى أن المرأة (في كثير من الحالات) حين تفكر في العنف ضد زوجها تميل إلى القتل".

كما كشفت دراسة أعدها السيد عوض، أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة قنا، أن أكثر 50.6% من الرجال المتزوجين في مصر معرضون للقتل من قبل زوجاتهم، وهو ما عقب عليه أستاذ الطب النفسي وائل أبو هندي، قائلًا: "أصبح عندنا عنف نسائي على الطريقة الذكورية"، مضيفًا أن "الشواهد ونتائج الأبحاث تشير إلى عنف أنثوي أكثر دموية وأمضى كارثية من عنف الرجل ضد المرأة".

تعددت الأشكال والعنف واحد

لا يقتصر العنف ضد الرجل على العنف الجسدي، بل تتعدد أشكال العنف، ولعل من أبرز أشكال عنف المرأة ضد الرجل وأكثرها شيوعًا هو العنف اللفظي بالسباب والإهانة، أو الاستهزاء والسخرية والتنمر.

وهناك أيضًا العنف النفسي بالتهديد والتخويف، أو اللعب بورقة العلاقة الحميمية، أو التهديد بالخلع، أو التهديد بالأطفال، خاصة وأن القوانين تقف في صف المرأة فيما يخص الأطفال وحضانتهم.

ضحايا من الدرجة الثانية

يُقر الخبراء المعنيون بأن اعتراف الرجل بتعرضه للعنف من قبل زوجته ليس أمرًا سهلًا، وخاصة في المجتمع المصري، لما يسود من كونه منقصة في حق الرجل.

وعلى جانب آخر، يخشى طيف واسع من الرجال الذين يتعرضون للعنف من قبل المرأة، أنه في حال الاعتراف بالأمر قد يتطور الحال إلى طلاق، يكون الرجل فيه الخاسر الأكبر ماديًا وأيضًا من جهة حضانة الأطفال.

العنف ضد الرجل في مصر
خلصت دراسة بريطانية إلى أن الرجال المعنفون يعاملون كضحايا من الدرجة الثانية

من جهة أخرى، وفي حالة العنف ضد الرجل عمومًا حول العالم، لا يمكن تغافل الزخم المتصاعد حول الحديث عن حقوق المرأة، والذي يأخذ أحيانًا منحى تشويهي، يوقع في أحكام مسبقى على عموم الرجال، ما يضعف فرصة الضحية منهم في الحصول على الحق.

بحسب دراسة أجرتها مجموعة "Parity"، المعنية بحقوق الرجال في بريطانيا، فغالبًا ما تتجاهل الشرطة حالات الرجال الذين يتعرضون للعنف من قِبل زوجاتهم أو شريكاتهم. وخلصت الدراسة إلى أن الرجال المعنفون يعاملون كـ"ضحايا من الدرجة الثانية"، وأن كثير من رجال الشرطة لا يأخذون شكواهم على محمل الجد.

وجاء تعليق جون ميس، عضو مجموعة "Parity" بأن "الضحية عندما يكون رجلًا يكاد يكون غير مرئي للسلطات والشرطة، والتي نادرًا ما يمكن إقناعها بمظلمة الرجل".

أخيرًا، وفي السياق العام للعنف ضد الرجل، كظاهرة قديمة/حديثة، يُذكر أن أحد أشهر ضحايا العنف ضد الرجل، هو الفيلسوف اليوناني اليوناني سقراط، التي عرفت زوجته بسلاطة لسانها، الأمر الذي دفعه للهروب من المنزل طوال النهار. وكان صوتها المحمّل بالسباب والإهانة له يرد مسامع تلاميذه.

كشفت دراسة أعدها أستاذ علم اجتماع بجامعة قنا، أن أكثر من 50.6% من الرجال المتزوجين في مصر معرضون للقتل من قبل زوجاتهم 

وفي إحدى المرات كانت تناديه وهو منشغل مع التلاميذ، وفجأة قامت بسكب الماء على رأسه وسط الدرس، فما كان منه إلا أن مسح الماء عن وجهه وأكمل يخاطب الحاضرين: "بعد كل هذه الرعود لابد أن نتوقع هطول المطر"!

 

اقرأ/ي أيضًا:

في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة: 5 حقائق صادمة من واقع المصريات

"العيب" وأسعار الفوط الصحية في مصر.. سطوة على احتياجات المرأة