09-فبراير-2020

لينين الرملي (1945 - 2020)

"وكم ذا بمصر من المضحكات/ ولكنه ضحك كالبكا"

مرت مئات السنين على كتابة المتنبي لبيته الشهير واصفًا به الواقع المصري الذي لا يتغيّر بتغيُر الناس والحكّام، ومن بين أهل مصر قليلون من تلمسوا واقعها المضحك المبكي في آن، من أبرز هؤلاء الكاتب المسرحي الشهير لينين الرملي (1945 - 2020) الذي رحل عن عالمنا قبل أيام عن عمر يناهز الـ75 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا يسهل وصفه بالسهل الممتنع، لكثره ما فيه منجمل سهلة العبارة عميقة المغزى.

ولد الرملي بالقاهرة في الـ 18 من آب/أغسطس عام 1945، في بيت يساري الطابع والطباع، ترك بصمته على الراحل منذ ولادته وتسميته بـ "لينين" تيمنًا بالزعيم الشيوعي الشهير فلاديمير لينين، تخرج من المعهد العالى للفنون المسرحية في 1970 حاصلًا على درجة البكالوريوس في النقد وأدب المسرح، لتبدأ رحلته الطويلة والشاقة مع الكتابة بكل ما حوت من ألم وأمل.

تنقل الرملي بين سحر المسرح ورحابة السينما وضيق الشاشة الصغيرة، لكن من بين كل ما قدم تبقى تجربته المسرحية الملهمة مع الممثل محمد صبحي أهم ما قدم على الإطلاق، اقترن الثنائي لفترة طويلة من الزمن تمكنا خلالها من التربع على عرش خشبة المسرح، خلال تلك الفترة تمكن الرملي وصبحي من تقديم العديد من الأعمال الهامة والمؤثرة مثل المهزوز وإنت حر والهمجي ووجهة نظر وتخاريف، التي تعد أعمالاً بارزة ليس فقط في تاريخ صناعها، ولكن في تاريخ المسرح العربي ككل.

عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك نعا الفنان محمد صبحى صديقه الراحل قائلًا: "البقاء لله رحل اليوم زميل الدراسة وصديقي الغالي لينين الرملي الذي كان ضلعًا هامًا في مسرحي والأعمال الفنية التي قدمناها سويًا.. أنت باقٍ بأعمالك وفنك وفكرك.. نسأل الله المغفرة والرحمة.. وعزائي للأسرة وكل محبي لينين الرملي".

خلّف الرملي فراغًا كبيرًا وراءه، أعمال كثيرة خالدة وعصية على التكرار، بحس المثقف وبحرفة الكاتب، تمكن من أن يمسك بخطوط اللعبة جيدًا، تاركًا وراءه لغزًا صعبًا سيتعب الكتاب وصُناع الفن.

نستعرض فيما يلي أهم أعمال الرملي، في محاولة للوقوف على بعض أسرار تميز أعماله وتفرُد موهبته.


1- مسرحية تخاريف

تأليف لينين الرملي، وإخراج جلال الشرقاوي، وبطولة محمد صبحي.

في أواخر الثمانينيات كانت القاهرة على موعد مع إحدى المسرحيات الهامة والكوميدية في آن، تدور أحداث المسرحية حول مجموعة من الإخوه الذين يظهر لهم عفريت ليحقق أمانيهم، يطلب كل منهم الأمنية التي تجول بخاطره والتي تعبر بالطبع عن مكنون شخصيته.

الإخوه الخمس مختلفون تمامًا، كل منهم يتمنى أمنيه مختلفه، وكأن الرملي قد قصد أن يعبر في تكثيف شديد عن المجتمع بأكمله عبر شخصياته الشخص، الذين تدور أمنياتهم بين التسلط والقوة والجاذبية والثروة والمساواة.

2- مسرحية وجهة نظر

تأليف لينين الرملي، وإخراج وبطولة محمد صبحي.

دائمًا ما كان العمى مغريًا للكتاب والأدباء، وهو الأمر الذي نجد له أمثلة شهيرة في تاريخ المسرح والأدب والسينما، من أشهر هذه الأمثلة بالطبع رواية "العمى" للكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو، على خطى ساراماغو والكثير من الكُتاب سار الرملى بخطى تمتزج فيها التراجيديا بالكوميديا.

تدور أحداث المسرحية حول مجموعة من المكفوفين يقيمون بدار لرعاية المكفوفين، يستغل مديرها فقدان نزلاءه لنظرهم فيهمّ بسرقة أموالهم ومخصصاتهم، في إطار كوميدي درامي يعبر عن أن فقدان البصر لا يقترن مطلقًا بغياب البصيرة.

3- فيلم الإرهابي

تأليف لينين الرملي، وإخراج نادر جلال، وبطولة عادل إمام.

في تسعينيات القرن الماضي، كانت القاهرة على موعد ساخن مع الإرهاب، الجماعات الإسلامية تحتل شوارع العاصمة، الدماء تسيل هنا وهناك، الكاتب الشهير فرج فوده يلقى مصرعه على يد الإرهاب عقب مناظرة صعبة المراس مع الشيخ محمد الغزالي، قوات الأمن على أهبه الاستعداد بينما تلملم جراحها إثر بعض العمليات الإرهابيه التى نفذت ضدها، مشهد سريع الرتم دموي الطابع يغطي مصر بأكلمها لكنه يتكثف ويبلغ وطأته في القاهرة.

يعد فيلم الإرهابي أحد أبرز الأفلام السياسية المصرية على الإطلاق، يناقش الفيلم الإرهاب عن طريق على (عادل إمام) الإرهابي الذي لاذ بالفرار من قوات الأمن في شوارع حي المعادي بالقاهرة، لتلقطه أسرة صديقة لكاتب شهير يعادي الجماعات الإسلامية، لتدور الأحداث من وجهة نظر على وأسرته الجديدة، كيف سيؤثر كل منهما على الآخر وإلى ماذا سينتهى ذلك المزيج المتنافر.

4- فيلم العميل رقم 13

تأليف لينين الرملي، وإخراج مدحت السباعي، وبطولة محمد صبحي.

مرة أخرى مع محمد صبحي ولكن هذه المرة عبر شاشة السينما، تدور أحداث الفيلم حول شريف (محمد صبحي) مفتش بجمارك مطار القاهرة، يتمكن من الكشف عن كمية كبيرة من مخدر الهيروين، والتي يتضح بعد ذلك أن المتورطين فيها يعملون لصالح عصابة كبيرة تتاجر في كل ما هو ممنوع.

يتم تجنيد شريف من قبل قوات الأمن ليساعدهم في الكشف عن خيوط هذه العصابة التى يتضح من خلال أحداث الفيلم أنها تمارس أعمال الجاسوسية أيضًا، في إطار كوميدي بوليسي لا يخلو من المفارقات.

5- مسلسل هند والدكتور نعمان

تأليف لينين الرملي، وإخراج رائد لبيب، وبطولة كمال الشناوي ورجاء الجداوي.

عبر الشاشة الصغيرة هذه المرة، مسلسل اجتماعي تدور أحداثه حول الدكتور نعمان (كمال الشناوي) وابنته التي يثور خلاف حول زوجها حول من الذي سيقوم برعايه ابنتهما هند أثناء غيابهما، ليقررا تركها مع جدها، لتدور الأحداث والمفارقات.

ترى هند أحداث جريمة قتل هي الشاهدة الوحيدة، يخوض الجد صراع حول منع حفيدته من الإدلاء بشهادتها حفاظًا عليها وبين تمكينها من الإدلاء بشهادتها حفاظًا على العدالة، لتتوالى الأحداث ثم تعود ابنته وتأخذ هند فيكتشف الدكتور نعمان كم التغيير والأثر الذي أحدثته الصغيرة بجدها العجوز.

اقرأ/ي أيضًا:

محمد صبحي الذي كنت أحبه

عادل إمام.. الزعيم الهلفوت