21-يناير-2016

من الفيلم (Letterboxd)

لم يحصل منذ أن نال توم هانكس جائزة الأوسكار لأفضل ممثل دور رئيسي عام 1995، للعام الثاني على التوالي عن دوره في فيلم "فورست غامب"، وقبلها بعام عن دوره في "فيلادلفيا"، أن نالها ممثل آخر في هوليوود، رغم أن عام 2002 شهد ترشيح راسل كرو للجائزة عن دوره في "عقل جميل" دون أن يحصل عليها، مكتفيًا بجائزة الأوسكار لعام 2001 عن دوره في "المجالد".

ورد أكثر من رأي نقدي يصب لصالح تصنيف الفيلم ضمن دفاتر الدراما المخملية

يشهد هذا العام ترشيح إيدي ريدمان لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل دور رئيسي عن دوره في فيلم "الفتاة الدنماركية"، بعد أن حصل عليها العام الماضي عن دوره في "نظرية كل شيء"، على أن جميع التوقعات تشير إلى فوز ليوناردو دي كابريو بالجائزة عن دوره في "العائد"، خصيصًا بعد حصوله على جائزة غولدن غلوب لأفضل ممثل دور رئيسي لهذا العام، عن دوره في ذات الفيلم، ما يجعلنا نتوقع مفاجئة ممكنة الحدوث كما اعتدنا دائمًا في حفل توزيع جوائز الأوسكار.



​فيلم "الفتاة الدنماركية"، الذي قام بإخراجه توم هوبر، المخرج الحائز على جائزة الأوسكار لعام 2011 عن فيلم "خطاب الملك"، مقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتب دافيد إيبرشوف، وقامت لوسيندا كوكسن بتحويلها لنص سينمائي، يروي قصة أول رجل يخضع لعملية تحول جنسي.

الفيلم يعود بنا إلى مدينة كوبنهاغن عام 1926، حيث كان يعيش إيدي ريدمان "إينار فيغنر" الرسام الدنماركي المشهور بلوحاته الطبيعية، مع زوجته أليشيا فيكاندر "غيردا فيغنر" الرسامة التي لم تلقَ لوحاتها رواجًا في أسواق الفن، قصة حب حميمية جدًا، لاحقًا مع تتالي الأحداث، نشاهد نوعًا آخر من أنواع الحب المليئة بالقسوة المخيفة.

تعتمد فيكاندر على البورتريه في لوحاتها، وفي أحد الجلسات تعتذر صديقتها راقصة الباليه أمبير هيرد "أولا" عن الحضور، فتطلب من ريدمان ارتداء جوربين نسائيين والجلوس مكان صديقتها، لتعود وتطلب أن يضع الفستان على جسده.

منذ لحظة ارتداء الجوربين، تُظهر ملامح ريدمان تغير داخلي في شخصيته، يمكن ملاحظته من طريقة حركات اليدين. مع تطور الحبكة الدرامية، تقترح فيكاندر الذهاب مع ريدمان إلى أحد الحفلات متنكرًا بزي امرأة، يختار لها اسم "ليلي"، وينال إعجاب بن ويشو "هنريك".

تبدأ وتيرة الدهشة بالتصاعد تدريجيًا، في المشهد الذي يدخل فيه ريدمان إلى الحفلة، لا يمكن القول إننا أصبحنا نشاهد فيلمًا يروي سيرة ذاتية فقط، إنما نحن بالفعل نعيش داخل قصة حقيقية، وجسد رجل يريد التحول إلى امرأة، من خلال إحساسنا الكامل مع المشاهد اللاحقة، بأنها قصة تحول جنسي حقيقية تحدث في عام 2016 أمامنا، مثلما حدثت حقيقًة عام 1930 أمام غيرنا.

اقرأ/ي أيضا: فيلم Room.. الحياة بمقاسات أقل

علينا التدقيق جيدًا، بتطور شخصية ريدمان، منذ ظهور الابتسامات الخجولة، الصدمة الخجولة، انفعالات الوجه، حركة الأقدام المتمايلة، الخجل عند أول مغازلة يتعرض لها على أنه امرأة، الابتسام للنساء اللواتي يرحبنَّ في كل مرة بـ "ليلي"، والقبلة الأولى كامرأة، وأمنيته الأخيرة في أن يتزوج ويرزق بطفل، ما يجعلنا في لحظات كثيرة نكون في صمت مخيف يحمل حساسية عالية في الأداء، وكأن الشخصية كتبت ليجسدها ريدمان، دون غيره من فناني هوليوود الكثر، إذ قبل أن يتم التعاقد مع هوبر لإخراج الفيلم، كان الحديث في أروقة هوليوود يدور عن أن نيكول كيدمان هي من سيجسد شخصية "إينار فيغنر".

يمر خلال الفيلم مشاهد قصيرة، تعبر عن آراء الأطباء الذين حاولوا معالجة ريدمان، وتوصلوا إلى أنه شخص مصاب بمرض انفصام الشخصية، والاختلال العقلي، لكن فيكاندر تسانده في عملية تحقيق حلمه، على الرغم من أنها في النهاية ستجد نفسها إلى جانب فتاة كانت زوجها سابقًا، إنها قصة حب مؤلمة ونادرة في ذات الوقت.

يمكن اكتشاف مدى الصدق والألم على ملامح فيكاندر، لحظة مواجهتها لخسارة حبٍ جامحٍ بتشجيعه على تحقيق ما يريد أن يكون، نلحظ ذلك من عبارات الغزل التي توجهها له، منذ الجملة الافتتاحية للفيلم، رغم عدم انجذابه لها في بعض المشاهد اللاحقة، فهي قدمت دورًا عبثيًا يحمل بريقًا ساحرًا، جعلها تدخل ترشيحات الأوسكار لأفضل ممثلة دور مساعد، إلى جانب مصمم الأزياء باكو دلغادو عن أفضل تصميم أزياء، مرشح عن ذات الجائزة لعام 2013، عن فيلم "البؤساء" إخراج هوبر أيضًا، الذي كانت له بصمة مميزة في تصميم الملابس واختيار ألوانها بشكل أكثر من رائع.

الناقد السينمائي نيكولاس باربر وصف الفيلم بأنه "عمل درامي جديد ذو طابع مخملي"، وهو بالفعل كذلك، تصميم المنزل مليء بالإشارات الفنية الحديثة، غرفة النوم، غرفة الرسم الفوضوية، الأثاث واللوحات الفنية، تكشف لنا أننا أمام ذوق عالٍ في السينوغرافيا يحمل أناقة رفيعة.

يمكن اكتشاف مدى الصدق والألم على ملامح فيكاندر، لحظة مواجهتها لخسارة حبٍ جامحٍ بتشجيعه على تحقيق ما يريد أن يكون، نلحظ ذلك من عبارات الغزل التي توجهها له، منذ الجملة الافتتاحية للفيلم، رغم عدم انجذابه لها في بعض المشاهد اللاحقة

بعد أن خضع ريدمان لعملية التحول الأولى، تطلب فيكاندر منه في أحد المشاهد أن يعود للرسم، يجيبها بصوت "ليلي"، لا بصوت "إينار"، بأنه يريد "أن يكون امرأة وليس رسامًا"، "إينار" قد مات، لقد وصل لمرحلة الاهتمام بنفسه وعليه أن يعيش حياته، لكنه طلب منها في ذات الوقت أن تحضر عملية التحول الثانية، كان يريد منها أن تشاهد كيف أنها ساعدته على تحقيق حلمه، لأنها منذ لحظات شعوره الداخلي الأولى كانت أهم داعمٍ لتحقيق حلمه، الذي عاشه أقل من يوم واحد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "سيكاريو".. حروب أمريكا الخاسرة

فيلم Pawn Sacrifice.. الملاكمة بالشطرنج