07-فبراير-2016

لاجئون سوريون 2015 (Getty)

يقول الخبر إن "الحكومة السورية المؤقتة" تعيش حالة أشبه بـ"الموت السريري" منذ قطع الدعم عنها قبل أكثر من خمسة أشهر، ويقول ذات الخبر المنشور على موقع "زمان الوصل": "إن رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة حاول الاتصال بعدد من الدول للحصول على دعم مالي إلا أنه لم يوفق في ذلك. الخبر يقول أيضًا: إن موظفي الحكومة ومدراءها، باستثناء قلة، توجهوا للعمل في المنظمات الأجنبية والمحلية المنتشرة في المدن التركية، في حين اختار آخرون ركوب البحر وطلب اللجوء في دول القارة العجوز.

فشل المعارضة عن تشكيل جسم موحد لها رغم كل آلام الشعب السوري؛ جعل لعبة المال أقذر الألعاب

ما يعني أن الحكومة السورية المؤقتة لم تنقطع عن العمل بإرادتها بل إنها "ستطرد" من مقرها المستأجر في إحد المناطق المتطرفة عن مدينة غازي عينتاب، لماذا؟ بسبب انقضاء مدة العقد الذي أبرمته مع مالك المبنى بتاريخ 1/ 1/ 2014 لمدة سنتين بلغت قيمتها 400 ألف ليرة تركية (نحو 200 ألف دولار أمريكي حينها).

الكارثة ليست في هذا الوضع المزري والمخزي "للجهاز التنفيذي" للمعارضة، الكارثة أن هذا الخبر مر وكأن شيئًا لم يحدث، وبإهمال ولامبالاة مهين للمعارضة السورية من ناحية، وتزامن مع قبول "الهيئة العليا للمفاوضات برئاسة رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب" المشاركة بما يعرف بمفاوضات السلام مع النظام بعد تهديد دي ميتسورا المنسق الأممي لحل المعضلة السورية من أن المفاوضات ستعقد بمن حضر، وبعد "ضمانات أمريكية" قال رئيس الهيئة العليا للمفاوضات إنه تلقاها، من ناحية أخرى ( بفتح الألف طبعًا لا بضمها).

الحكومة السورية المؤقتة ولدت ميتة، كما ولد قبلها المجلس الوطني المعارض، وكما ولدت عشرات الفصائل المقاتلة والصحف والمواقع الإلكترونية والمنظمات الإغاثية التي يتحكم بتشكيلها "ضخ الأموال والمساعدات" الخليجية والأوروبية والأمريكية ضمن لعبة "تدفق الأموال" لتوجيه الصراع، ولا يتحكم بها الائتلاف المعارض، أو الهيئة العليا للمفاوضات، وهي أحدث تشكيلات العمل المعارض السوري وأخطرها.

لعبة المال القذرة التي تأكل المعارضة كما يأكل الصدأ الحديد تشي بقادم لعين، بعد انتهاء دور الأسد وترحيله

فشل المعارضة عن تشكيل جسم موحد لها رغم كل آلام الشعب السوري والدمار والموت الحاصل؛ جعل لعبة المال أوسخ الألعاب وأقذرها. هكذا كان من السهل على القوى "الواهبة للأموال" أن تتحكم بالمعارضين، حتى أكثرهم تعنتًا من خلال التحكم بـ"حنفية" ضخ الأموال، تفتح الحنفية فيتدفق المال وتغلق فينتهي عمل تشكيل معارض أو فصيل أو حتى "حكومة" بذاتها.. ياله من ذل!

تنطلق مفاوضات "السلام" السورية-السورية، بهيكلية جديدة صنعها ذات المال الذي مزّق سابقًا ذات الأصدقاء الدوليين الذين مزقوهم، تنطلق والأمريكيون "لا يزالون يعدون"، وهم الذين هندسوا بقيادة روبرت فورد السفير السوري السابق في سوريا، وأداروا مشروع تمزيق المعارضة السورية منذ الاجتماع الأول في تموز/يوليو 2011 في العاصمة التركية إسطنبول، ولا يزال كثير من المعارضين يحتفظون في جعبتهم بتهديدات فورد وكيف كان يعاملهم كالصبيان الصغار.

تنطلق المفاوضات و"الحكومة السورية المؤقتة" تعلن إفلاسها، والمجتمع الدولي يتجاهل الائتلاف المعارض على حساب ظهور جسد رابع أو خامس أو سادس للعمل المعارض وهو الهيئة العليا للمفاوضات، ولا ننسى أن الائتلاف نفسه ظهر على أكتاف المجلس الوطني والحلقة تدور.. لدرجة بتنا ننتظر "العبوة الجديدة" التي سيوضع فيها المعارضون كل عام، حتى أنه يمكننا أن نسميها وكلنا ثقة بـ"المعارضة السورية المؤقتة"، لأن حالة "حكومتها" نسخة تجريبية عن حالها.

إنها سوسة التمويل الأجنبي التي توازي طاعون التدخل الخارجي

منذ العام 2011، وفي كل عام أيضًا، شكلٌ جديد للمعارضة السورية السياسية والعسكرية: المجلس الوطني، الحكومة المؤقتة، الائتلاف المعارض، الهيئة العليا للمفاوضات.. والحلقة لن تنتهي حتى ينتهي التدمير الممنهج وإعادة تقسيم الجغرافيا وتوزيع الديمغرافيا. هذا ليس انتقاصًا من أحد أو تقليلًا من نوايا بعض المعارضين المخلصة، ولكن "لعبة المال القذرة" التي تأكل المعارضة كما يأكل الصدأ الحديد، تشي بقادم لعين، بعد انتهاء دور الأسد وترحيله، لن يكون "نموذج الفساد والتمزق" المستشري في العراق إلا عينة صغيرة عنه في سوريا.

اقرأ/ي أيضًا:

بين إنذار غورو وإنذار كيري.. مفاوضات الدم

جنيف 3.. لا حل في الأفق السوري