20-سبتمبر-2017

خلال مشاركة بارنيت في خطاب تيدكس حين كان يبلغ 13 عامًا (يوتيوب)

عندما كان جاكوب بارنيت في عمر السنتين، أخبر الأطباء والدته كريستين أن ابنها ربما لن يكون قادرًا على التحدث أو القراءة أو حتى ربط حذائه. أبلغوها أنه كان مصابًا بالتوحد بدرجة متوسطة إلى شديدة، وحسب ما قال الأطباء فإن جاكوب لم يكن له أي مستقبل أيًا كان، وأنه لن يكون قادرًا على العناية بنفسه أبدًا. إلا أن مصير جاكوب كان مخالفًا لكل التوقعات، وهذه حكايته ننقلها لكم مترجمة بتصرف هنا عن موقع باسيفيك ستاندرد.


في سن العاشرة، كان جاكوب بارنيت طالبًا جامعيًا رسميًا. وفي الثالثة عشرة، أصبح من الفيزيائيين الذين تنشر أبحاثهم عالميًا

في الواقع، كان بارنيت قد أصبح صامتًا تمامًا. على مدى ستة أشهر تقريبًا، فقد الطفل الصغير جميع مهارات الاتصال والاتصال بالعين، وقيل إنه لن يقول حتى كلمة "أمي" بعد الآن. واتباعًا لتوصيات الخبراء، أدرجت كريستين ابنها في برنامج علاجي مكثف، وألحقتهُ بروضة أطفال لذوي الاحتياجات الخاصة.

لعشرات الساعات في الأسبوع، عمل معه المتخصصون، في محاولة لجعله يفعل ما لا يستطيع القيام به. لكنه لم يكن يتقدم. بعد فترة من الوقت، خالفت كريستين نصيحة الجميع وأخرجته من التعليم الخاص. قالت إنها ترى أن ابنها سيكون أفضل حالاً إذا ما أمضى تلك الساعات بدلاً من ذلك في التركيز على ما يمكنه القيام به، وما يريد القيام به.

لذلك بدأت كريستين في تدريسه بنفسها، والتركيز خاصة على شغفه الكبير بالرياضيات والعلوم. القول إن هذا النهج جعل ابنها يتكلم مرة أخرى هو تقليل من شأن التطور الذي حدث. فجأة، في سن الثالثة، أصبح جاكوب يتحدث أربع لغات. استطاع أن يجيب على أسئلة الفيزياء الفلكية المعقدة، على الرغم من حقيقة أن أحدًا لم يدرس له هذه المادة.

وفي نحو هذا العمر أيضًا، استطاع إعادة تركيب صور مكونة من 5000 قطعة، كما تعلم بنفسه بطريقة برايل، واستطاع رسم الرسوم البيانية بأنماط رياضية دقيقة، وكذلك خرائط الشوارع، وهي أدلة مبكرة على ذاكرته الفوتوغرافية.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تقوي الذاكرة والتركيز عند الأطفال؟

في سن الثامنة، حضر بارنيت محاضرة فيزياء في جامعة إنديانا - جامعة بوردو إنديانابوليس. جلست أمه معه في قاعة المحاضرات، لذلك افترض الناس أنها طالبة ليس لديها جليسة أطفال. ولكن بعد أن بدأ بارنيت في التحدث في الصف، وبعد أن حصل على الدرجة النهائية في الامتحان، دعته الجامعة للتسجيل.

أولاً، كان عليه أن يكمل المناهج الدراسية للصفوف من السادس إلى الثاني عشر، وهو ما فعله في أكثر قليلاً من عام. قام بتعليم نفسه رياضيات المدرسة الثانوية بسهولة، استوعب كلًا من الجبر، والهندسة، وحساب التفاضل والتكامل في غضون أسبوعين. وساعده على ذلك تذكره لكل مسألة رياضيات رآها في أي وقت مضى. (فهو يرى صورتها في عقله).

في سن العاشرة، كان طالبًا جامعيًا رسميًا. في الثالثة عشرة، أصبح من الفيزيائيين الذين تنشر أبحاثهم. في المنزل، لم يستطع والداه تخزين الأوراق بسرعة كافية لمواكبة سرعة كتابته للمعادلات. لذلك انتقل إلى ألواح الكتابة، ثم إلى النوافذ.

يقول جاكوب: "لقد كان لدي دائمًا فضول عميق لفهم كيف يعمل العالم. لقد كان من الرائع والمثير أن نتعلم أن أنماط الحياة المتنوعة يمكن أن تنبثق من تعبيرات رياضية بسيطة".

رغم مرض التوحد وتكهنات الخبراء في حقه، برز جاكوب بارنت في دراسة الفيزياء ويتوقع كثيرون أن يحظى ذات يوم قريب بجائزة نوبل

انتشرت شائعات أنه سيفوز بجائزة نوبل قريبًا، بل إن البعض يعتقد أن بارنيت كان في طريقه نحو دحض نظرية النسبية لآينشتاين. لكن بارنيت، على الرغم من ذلك، لا يعتقد أنه عبقري. في ذهنه، لم يفعل سوى ما يعتقد أن أي شخص يمكنه القيام به، انتقل من التعلم إلى التفكير إلى الإبداع. وهو يؤيد بقوة شديدة فكرة تجاوز التعلم عن ظهر قلب، في الواقع، إنه عندما كان يبلغ من العمر 13 عامًا، قدم خطاب تيدكس بعنوان "انس كل ما تعرفه" (تجاوزت حاليًا ثمانية ملايين مشاهدة يوتيوب).

أثناء الحديث، (ارتدى بارنيت قميصًا أحمر طبعت عليه علامة "فاي")، أوضح أنه مؤيد بشدة لأخذ فواصل من التعلم وقضاء الوقت في التفكير: "عندما تفكر، عليك أن تفكر بطريقتك الإبداعية الخاصة، وليس عليك قبول كل ما هو موجود بالفعل"، مرددًا بذلك شكوك والدته بشأن آراء الخبراء.

عمل بارنيت يساعد بالفعل على تطوير فهمنا للكون. يقول بارنيت: "أنا أستمتع بتعريف حدود فهمي للعالم وبتوسيعه". إحدى الكشوفات المفضلة لديه هي مسألة مضاعفة الفرميونات في الجاذبية الكمية الحلقية. "لقد أوضحت أن هذه النظرية يبدو أن بها تناقضًا مع النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات".

بعد انتهاء الدراسة الجامعية، انتقل بارنيت من موطنه إنديانا إلى واترلو، كندا، لمدرسة الدراسات العليا في معهد بريمتر، الذي يعتبر مركزًا عالميًا لدراسة الفيزياء، حيث درس فيه العديد من كبار المفكرين في العالم في هذا المجال، بما في ذلك ستيفن هوكينغ. (يقال إنه من الأسهل على الفيزيائي دخول جامعة هارفارد، أو جامعة ستانفورد، أو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أكثر منه إلى بريمتر).

كان بارنيت أصغر طالب في بريمتر، وقدم أطروحة الماجستير في سن الخامسة عشرة. اليوم، لا يزال في معهد بريمتر بجامعة واترلو، يدرس للحصول على درجة الدكتوراه. يقول بارنت إن "أبحاثي الحالية مكرسة لدراسة المسائل ذات الجسيمات المتعددة في امتداد لميكانيكا الكم القياسية. أدرس على وجه الخصوص مدى تشابك حالة هذا النظام عندما يكون في المستوى الأدنى من الطاقة".

اقرأ/ي أيضًا: 5 شباب أردنيين حققوا إنجازات عالمية في 2016

معلم بارنيت ومستشاره في بريمتر هو لي سمولين، الفيزيائي الشهير الذي كان يسمى "مسبب المشاكل الضروري". يقول بارنت متحدثًا عنه: "لقد قام بعمل ممتاز في تشكيلي في صورة عالم شاب، شجعني على تطوير شغف البحث الخاص بي، مع الإجابة على أسئلتي واطلاعي على أحدث الأبحاث في مختلف مواضيع الفيزياء".

بارنيت نفسه قد يكون على الطريق إلى أن يصبح أكاديميًا محترفًا، ولكنه قال إنه ربما يفعل وربما لا. يقول: "كانت تلك الوظيفة هي حلم طفولتي. كان ذلك متوقعًا بالنسبة لطفل معجزة. كنت أريد أن أكون أستاذًا. أهدافي الطويلة الأجل هي أن أكون سعيدًا، وأن أفعل شيئًا أجد فيه تحديًا ومتعة. في الوقت الحالي، أصبحت الفيزياء في قمة تلك الأهداف، ولكن ربما في المستقبل سوف أتحمس لشيء آخر".

ويضيف: "لا أشعر أنه من الممكن أن أقول لكم أين سأكون بعد 50 عامًا، ولا 10 سنوات، أو حتى خمس سنوات. هذه فترات من الوقت لم أعشها بما فيه الكفاية حتى أستطيع تقديرها. فمنذ عشر سنوات كنت في الصف الثالث. بسبب التوحد، كنت قد بدأت للتو في التواصل مع العالم. كان من المستحيل توقع أنني سأكون طالب دراسات عليا في الفيزياء الآن".

ولكن بارنيت لن يلعن التوحد لتسببه في صعوباته المبكرة. وقال في مقابلة عندما كان عمره 15 عامًا: "أنا سعيد جدًا بالتوحد. لو لم أكن مصابًا بالتوحد، ما كنت لأكون في هذا المكان الآن. التوحد هو طريقتي في التفكير. إنها طريقتي لرؤية العالم. إنه بسبب ذلك أنا قادر على القيام بما أنا قادر على القيام به بصورة أفضل".

بغض النظر عن المكان الذي سيصل إليه، سواء على منصة نوبل أو في مكان آخر، فقد تحدى بارنيت التوقعات التي تكهن بها الخبراء حين كان في مرحلة الطفولة المبكرة. أما بالنسبة لربط حذائه، فهو يفضل ارتداء الصنادل. ولكن هذا ليس لأنه لا يستطيع ربط الحذاء، بل لأن لديه أشياء أفضل ليفكر فيها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مهندسون عباقرة:ماسيمو بانزي مهندس المصادر المفتوحة

مهندسون عباقرة: جيري إليسورث مهندسة التعليم الذاتي