18-أبريل-2024
ترى التقديرات بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي قررت الرد على الاستهداف الإيراني، ليلة السبت- الأحد، لكن النقاش يدور حاليًا حول كيفية وموعد الرد. بينما تتحدث تقارير إعلامية عن تأجيل إسرائيل لتنفيذ ردها لمرتين على الأقل، وسط حديث عن "مقايضة" بين تل أبيب وواشنطن، بالتقليل من حدة الرد على إيران مقابل الموافقة على هجوم إسرائيلي على رفح.

(epaimages) تقديرات برد إسرائيلي محدود على إيران، وسط استمرار الاستنفار العسكري في طهران

ترى التقديرات بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي قررت الرد على الاستهداف الإيراني، لكن النقاش يدور حاليًا حول كيفية وموعد الرد. بينما تتحدث تقارير إعلامية عن تأجيل إسرائيل لتنفيذ ردها لمرتين على الأقل، وسط حديث عن "مقايضة" بين تل أبيب وواشنطن، بالتقليل من حدة الرد على إيران مقابل الموافقة على هجوم إسرائيلي على رفح.

قالت ثلاثة مصادر إسرائيلية لـ"ABC نيوز" إن إسرائيل "استعدت ثم أوقفت" ضربات ضد إيران في ليلتين على الأقل خلال الأسبوع الماضي.

وجاء ذلك، بعد استهداف إيران لإسرائيل بأكثر من 300 طائرة مُسيّرة وصاروخ ليلة السبت حتى صباح الأحد. فيما تدرس إسرائيل كيف ومتى ترد على الاستهداف الإيراني منذ ذلك الحين، وعقدت اجتماعات مجلس الوزراء الحربي أيام الأحد والاثنين والثلاثاء.

توقيت وشكل الرد الإسرائيلي على إيران سيتأثر بموقف واشنطن، التي لا تسعى إلى حرب واسعة

وبحسب "ABC"  تم تقديم مجموعة من الردود إلى مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي. وقالت المصادر إن الردود المحتملة تشمل خيارات تتراوح بين مهاجمة حلفاء إيران في المنطقة ولكن ليس على الأراضي الإيرانية إلى هجوم إلكتروني محتمل.

ولم يعقد اجتماع لمجلس الوزراء الحربي يوم الأربعاء، لكن نتنياهو أخبر حكومته أنه رغم تقديره لنصيحة الحلفاء، فإن إسرائيل "ستتخذ قراراتها بأنفسها، وستبذل إسرائيل كل ما هو ضروري للدفاع عن نفسها"، بحسب تعبيره.

أوضح "ABC نيوز": "من غير المرجح أن تنفذ إسرائيل ضربة على إيران إلا بعد عيد الفصح، على الرغم من أن ذلك قد يتغير". ويبدأ عيد الفصح يوم الإثنين وينتهي بعد حلول الظلام في 30 نيسان/أبريل.

وقال المسؤول الأمريكي إن "الحرس الثوري الإسلامي الإيراني والقيادات الأخرى لا تزال في حالة تأهب قصوى، مع وجود البعض في منازل آمنة ومنشآت تحت الأرض".

وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال عرض عسكري، يوم الأربعاء، إن "أصغر استهداف" من إسرائيل سيقابل "برد هائل وقاسٍ للغاية".

وكشفت مصادر إيرانية مطلعة لصحيفة "العربي الجديد"، عن فحوى رسائل جديدة وجّهتها إيران إلى الإدارة الأمريكية عبر الوسطاء خلال الأيام الأخيرة. وقالت المصادر "من ضمن الرسائل التي أرسلتها إيران إلى واشنطن عبر الوسطاء أنها ستعيد النظر في برنامجها النووي إذا أراد الاحتلال الإسرائيلي استهداف منشآتها النووية".

وأضافت المصادر أن طهران وجهت، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، رسائل إلى الجانب الأمريكي أكثر شدة من قبل، مشيرة إلى أن الجانب الإيراني أكد أن "التصعيد ليس واردًا في حسابات إيران إذا توقف الأمر عند هذا الحد، بعد الرد على استهداف السفارة في دمشق".

وأوضحت المصادر المطلعة، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن إيران حذرت من "خروج الوضع عن السيطرة في المنطقة"، حيث أبلغت الإدارة الأمريكية عبر الوسطاء أنه "إذا نفّذت إسرائيل تهديدات بمهاجمة مصالحها في المنطقة أو داخل إيران، فإن ذلك سيقابل بردّ من شأنه أن يخرج الوضع عن السيطرة".

كما أكدت المصادر أن طهران حذرت الولايات المتحدة ودولًا أوروبية من التوجه نحو تشديد العقوبات عليها، مع تأكيدها أن التوجّه نحو فرض المزيد من العقوبات وتشديدها سيزيد من اتخاذ خطوات نووية، مثل رفع إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب. 

وتابعت المصادر لـ"العربي الجديد" أن إيران أكدت في رسائلها أن "الإدارة الأمريكية تتحمّل مسؤولية أي عدوان إسرائيلي محتمل، ولا يمكنها التهرّب من ذلك".

وشدد الجانب الإيراني، وفق المصادر، على أن طهران "ستعتبر واشنطن شريكًا في أي تصرف عدواني إسرائيلي، وهذا سيعرّض المصالح الأمريكية في المنطقة للخطر".

وبحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن إسرائيل فكرت في تنفيذ هجوم على إيران، مساء يوم الإثنين الماضي، لكنها قررت في النهاية تأجيله.

وقال مسؤول أمريكي: "لسنا متأكدين من السبب أو مدى قرب الهجوم الفعلي". وأكد مسؤول أميركي ثانٍ أن إسرائيل أبلغت إدارة بايدن يوم الإثنين أنها قررت الانتظار.

وقال مسؤول أميركي ثالث إن "ضربة إسرائيلية صغيرة" داخل إيران ستؤدي على الأرجح إلى رد فعل إيراني انتقامي، موضحًا: "لكن إدارة بايدن تأمل أن تكون محدودة أكثر من الضربة التي شنتها إيران على إسرائيل يوم السبت وأن تنهي تبادل الهجمات بين البلدين".

وأشار الموقع الأمريكي إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تأجيل اتخاذ قرار بشأن الرد الإسرائيلي منذ يوم السبت.

وبحث مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، يوم الإثنين، إعطاء الجيش الإسرائيلي الضوء الأخضر لتوجيه ضربة ضد إيران. ولكن في وقت لاحق من تلك الليلة، تم اتخاذ قرار بعدم المضي قدمًا في العملية "لأسباب عملية"، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين.

وقال مسؤول أمريكي إن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا إدارة بايدن يوم الإثنين بالاجتماع المقبل لمجلس الوزراء الحربي، وقالوا إنهم سيطلعون الولايات المتحدة على القرارات.

وبعد اجتماع مجلس الوزراء، أبلغ مسؤولون إسرائيليون إدارة بايدن أن القرار هو الانتظار.

في المقابل، قال مسؤول إسرائيلي لـ"أكسيوس" إن قرار الرد على الاستهداف الإيراني على إسرائيل قد اتخذ، والسؤال الوحيد هو متى وكيف.

وقال مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي والجنرالات السابقين الآخرين في الحكومة، أي وزير الأمن يوآف غالانت والوزراء بيني غانتس وغادي أيزنكوت، يضغطون من أجل الرد. ويضيف: "يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم حزب شاس أرييه درعي أكثر حذرًا حتى الآن".

وقال درعي في مقابلة مع صحيفة حزبه، يوم الثلاثاء، إن إسرائيل بحاجة إلى التركيز على حربها ضد حماس في غزة وعلى إنهاء القتال مع حزب الله على الحدود مع لبنان، وعدم الانجرار إلى فتح جبهات جديدة". مضيفًا: "نحن بحاجة إلى الاستماع إلى أصدقائنا وشركائنا في جميع أنحاء العالم. لا أرى في ذلك ضعفًا". وأضاف أن الحاخامات الذين استشارهم بشأن هذه القضية قالوا له إن إسرائيل بحاجة إلى ضبط النفس والصبر وعدم التصرف من أجل الانتقام فقط.

والتقى نتنياهو يوم الأربعاء بوزيري خارجية بريطانيا وألمانيا، اللذين زارا إسرائيل قبل قمة مجموعة السبع في إيطاليا. وقال إن إسرائيل سترد على الهجوم الإيراني لكنها ستفعل ذلك "بطريقة مدروسة ومحسوبة".

وقال مصدر لـ"أكسيوس" إنه لم يشعر بإلحاح نتنياهو، مشيرًا إلى أن نتنياهو ذكر الحاجة إلى إنهاء الحرب على غزة، وهو ما قال نتنياهو إنه سيضعف أيضًا قدرة إيران على "إيذاء إسرائيل"، وفق تعبيره.

من جانبها، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية: "بعد أربعة أيام من الهجوم الإيراني الذي شمل أكثر من 350 صاروخًا وطائرات مسيرة، تحفظت معظم القيادة الإسرائيلية على الرد المباشر على طهران. وتتواصل المناقشات حول مسألة الرد على الهجوم، لكن الأسئلة لا تزال قائمة التركيز على متى وكيف سيتم تنفيذ الهجوم، مع الاعتبارات العملياتية التي تؤثر على المناقشات في الخلفية، إلى جانب تزايد الضغوط الدولية".

وأضافت: "في الولايات المتحدة، بطريقة أو بأخرى، لا يقولون لإسرائيل ألا تهاجم، بل يقترحون عليها أن تفعل ذلك بطريقة لا تتسبب في حرب، وأن تنسق الأمور مع الولايات المتحدة حتى لا تتفاجأ. وقدر مسؤول أمريكي كبير أنه لن تكون هناك حرب بين إسرائيل وإيران".

وفي سياق متصل، قال دبلوماسي غربي بارز، لـ"العربي الجديد"، إن "نتنياهو استطاع عبر مناورة سياسية، الحصول على تسهيلات أمريكية لمصلحة العملية العسكرية في رفح، والتي لم تكن تحظى بترحيب أمريكي في هذا التوقيت، وذلك في مقابل التراجع عن تنفيذ عمل عسكري واسع ضد إيران، ردًا على هجومها الأخير". 

واعتبر أن "الحديث عن رد إسرائيلي على إيران، على عكس رغبة الإدارة الأمريكية، لم يكن واقعيًا، في ظل قناعة تل أبيب بأن الولايات المتحدة كانت صاحبة الدور الأكبر في صد الهجوم الإيراني وعدم نجاحه".

وفي السياق نفسه، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وإيرانيين ومن المنطقة إن "سوء التقدير أدى لتصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران"، وجاء أيضًا أن "الإسرائيليون أخطأوا في حساباتهم بالاعتقاد أن إيران لن ترد بقوة".

وأضافت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين إسرائيليين: "لم نعتبر ضرب الهدف الإيراني بسوريا استفزازًا ولم نخبر واشنطن إلا قبل حدوث الضربة"، أوضحت: "الولايات المتحدة تفاجأت بقرار الضربة الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق".

وكشفت "نيويورك تايمز"، عن أن الولايات المتحدة أعلنت دعمها لإسرائيل لكنها عبرت سرًا عن غضبها من اتخاذ القرار دون استشارة واشنطن".

وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن "التخطيط للضربة في سوريا بدأ قبل شهرين وزاهدي كان الهدف وفقًا لسجلات الدفاع"، مضيفةً "مجلس الحرب وافق على الضربة في 22 آذار/مارس ولم تكن هناك تنبؤات بشراسة الرد الإيراني".

رد محسوم

بدوره، قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل: "من المتوقع أن يثير وابل الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران ليلة السبت الماضي ردًا إسرائيليًا. لقد تم بالفعل اتخاذ القرار من حيث المبدأ، وقد التزمت إسرائيل فعليًا بهذا المسار بموجب سلسلة من التصريحات".

واستمر في القول: "لا تزال طبيعة الانتقام قيد المناقشة، لذا ليس من المؤكد على الإطلاق أنه سيحدث قريبًا جدًا. وأوضحت إدارة بايدن في تصريحات لوسائل الإعلام الأمريكية أن الرد الإسرائيلي سيكون محدودًا وموجهًا بهدف منعها من إشعال حرب إقليمية. وكان ذلك أيضًا وسيلة للحد من حرية إسرائيل في التصرف وتحديد قواعد لعبة العين بالعين الجارية"، وفق تعبيره.

وتابع في فهم التصور الإيراني، قائلًا: ليس أقل من الرد "فهم ماذا كانت استراتيجية إيران، والتي بدورها من المرجح أن تؤثر على كيفية اختيار إسرائيل للرد. وليس هناك مفر من حقيقة أن المخابرات الإسرائيلية لم تتوقع الرد الإيراني. كان الافتراض هو أن الإيرانيين سيمارسون ضبط النفس بعد اغتيال حسن مهدوي ، قائد فيلق القدس الإيراني في سوريا ولبنان، ويكتفون برد محدود، كما كان الحال بعد أعمال مماثلة في الماضي".

وأوضح: "بدلًا من ذلك، اتخذت طهران قرارًا استراتيجيًا للمرة الأولى بمهاجمة إسرائيل من الأراضي الإيرانية باستخدام ذخائر كبيرة. وربما كان ذلك نتيجة لعامل واحد أو أكثر، وهي أن يكون مقتل المهدوي تجاوزًا للخط الأحمر، أو أن إسرائيل كانت ضعيفة (أحد العوامل التي كانت وراء الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر) أو المبالغة في تقدير قوتها. بطريقة أو بأخرى، لم تدرك إسرائيل بالسرعة الكافية أن النظرة الاستراتيجية لإيران قد تغيرت، من وجهة النظر الإسرائيلية، نحو الأسوأ".

قالت ثلاثة مصادر إسرائيلية لـ"ABC نيوز" إن إسرائيل "استعدت ثم أوقفت" ضربات ضد إيران في ليلتين على الأقل خلال الأسبوع الماضي

وقلل هارئيل من الهجوم الإيراني، لكنه قال: "هذا لا يعني أن القضية قد انتهت. تعمل إيران على بناء صناعة الأسلحة وقدراتها الصاروخية منذ أكثر من 30 عامًا. إن المبدأ الذي تعمل به طهران، وفقًا للاستخبارات الغربية، ’جيد بما فيه الكفاية’. لا يسعى الإيرانيون إلى الكمال التكنولوجي، بل إلى الإنتاج الضخم والنشر. فقط بعضها يجب أن يعمل بشكل جيد لتحقيق أهدافه العسكرية". مضيفًا: "مع ذلك، لا ينبغي استبعاد فكرة أن الإيرانيين لن يتعلموا أي شيء من هذه التجربة وسيحاولون مرة أخرى. ويحذر أولئك الذين يؤيدون ردًا قاسيًا على الهجوم من أنه إذا لم تضع إسرائيل خطًا أحمر واضحًا بما فيه الكفاية، فإن إيران ستحاول مرارًا وتكرارًا. أولئك الذين يعارضون الانتقام الكبير يشيرون إلى الأهداف الأصلية لحرب غزة". وأكد على أن  طبيعة الرد الإسرائيلي في النهاية ستتأثر بواشنطن.

ونقل هارئيل تصريحات رئيس وكالة المخابرات المركزية في عهد إدارة أوباما ليون بانيتا، لشبكة "سي إن إن" الذي قال إن إسرائيل بحاجة إلى أن تتذكر أن "الانتقام هو طبق من الأفضل أن يقدم باردًا". واستمر بالقول: "في ترديد للرئيس الأمريكي جو بايدن، قال بانيتا إن من الأفضل لإسرائيل أن تستفيد من التحالف الإقليمي الذي لعب مثل هذا الدور المهم لاتخاذ خطوات دبلوماسية تجاه إيران والفلسطينيين"، وفق تعبيره.