24-نوفمبر-2023
gettyimages

خسرت المنظومة 205 من الأطباء والممرضين والمسعفين، كما واستشهد 25 من طواقم الدفاع المدني. فيما خرج عن الخدمة نتيجة العدوان الإسرائيلي 26 مستشفى، و55 مركزًا صحيًا (Getty)

حولت إسرائيل، في حربها الشاملة على غزة، كل بقعة في قطاع غزة، إلى ساحة حرب وموقع للمجازر، وأصبحت المستشفيات في قطاع غزة، مجموعة من المراكز التي تضم العائلات النازحة، فيما تحاول جهدها معالجة جرحى العدوان.

وبينما كانت المجزرة الأبرز التي ارتكبها الاحتلال، ارتبطت باستهداف المستشفى المعمداني. فإن التحريض الإسرائيلي، طال مستشفى الشفاء، الذي يُعد المجمع الطبي الأكبر في قطاع غزة، بهدف نزع شرعيته كمؤسسة طبية، وإخراجه عن الخدمة.

وضمن سعيها إلى تدمير المؤسسات التي تقدم مقومات صمود قطاع غزة، فإن إسرائيل استهدفت كافة المؤسسات الطبية في شمال قطاع غزة، ولم يبقى إلّا مستشفى كمال عدوان، مستمرًا في العمل، ضمن مناطق الشمال، وهو مستشفى صغير. فيما خرجت معظم المستشفيات عند الخدمة، نتيجة قصف الاحتلال، أو احتلاله لها، أو انقطاع الوقود عن القطاع، مما جعلها تخرج عن الخدمة مباشرة.

احتلال الشفاء.. إنهاء المستشفى الأكبر في القطاع

في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، اقتحم جيش الاحتلال مستشفى الشفاء، بعد أيام من حصاره، وعلى مدار أيام نفذ فيه "عملية عسكرية"، شملت تفجير بعض الأقسام وتدمير ساحاته، مع مزاعم باستخدام المقاومة له. 

أفادت مصادر من داخل مستشفى الشفاء بأن جيش الاحتلال فجر مولدات الكهرباء في المستشفى، وأجهزة طبية، من بينها أجهزة أشعة، ومضخات أكسجين، كما قام بتفجيرات في بعض أقسام المستشفى ومبانيه، وفي النهاية انسحب من داخل المستشفى

وعن اقتحام مستشفى الشفاء، قال رئيس قسم الحروق في مجمّع الشفاء الطبي، الطبيب أحمد المخللاتي لـ الترا فلسطين، إن جيش الاحتلال وقبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ، يمنعهم من الوصول إلى الصيدلية الرئيسة بالمستشفى، مع نفاد جميع الأدوية بما فيها المسكنات، وعدم توفّر الأكسجين، قائلًا: إن "ما يحدث أننا نشاهد المرضى وهم يموتون".

وأشار رئيس قسم الحروق في مجمّع الشفاء الطبي لموقع "الترا فلسطين" إلى أنه تلقى تهديدًا من الجيش بسبب حديثه وشرحه للأوضاع الكارثية في المستشفى، خاصة مع وسائل إعلام أجنبية، وبيّن أن الجيش يتعمّد إهانة الأطباء والممرضين خلال التحقيق معهم، وأنّه لا يتوفّر لديهم أي مقوِّمات حياة من ماء أو غذاء أو كهرباء.

وبيّن أن جيش الاحتلال يرفض إجراء ترتيبات لإخلاء المجمع، وأنه يستخدم المتواجدين كدروع بشرية أثناء عملياته في مستشفى الشفاء، إذ ينتشر القناصة وكذلك الطائرات المسيّرة التي تطلق النار في أرجاء المستشفى، ولا يستطيع المتواجدون الخروج من المباني أو النظر من النوافذ.

مع بداية الاقتحام لمستشفى الشفاء، قال نقيب الأطباء في قطاع غزة، محمد حلس، لـ"الترا فلسطين"، إن قوات الاحتلال، قامت بالاعتداء بالضرب والألفاظ النابية على أحد أفراد الطواقم الطبية داخل مستشفى الشفاء، و"قالوا له أنت تعمل هنا منذ سنوات، أين عناصر حماس؟"، وفق ما أفاد حلس.

وأضاف أن جنود الاحتلال، دخلوا إلى قبو المبنى الذي يتواجد به مرضى غسيل الكلى، و"سأل أحد جنود الاحتلال، عن سبب توقف القسم عن العمل"، مشيرًا إلى أن ممرض أخبرهم أن السبب هو عدم "وجود الماء والكهرباء، وبعدها غادر جنود الاحتلال القسم"، وأكد حلس على عدم إدخال قوات الاحتلال أي مياه للمستشفى.

وحول الظروف الحالية في المستشفى، قال حلس لـ"الترا فلسطين": "الوضع صعب جدًا في مستشفى الشفاء، ولا يزال هناك عدد كبير من جثث الشهداء ملقاة في ساحة المستشفى لم نتمكن من دفنها".

وبعد قرابة 10 أيام، انسحب الاحتلال من مستشفى الشفاء، وذلك بعدما فجر عدة مرافق في أكبر مستشفيات قطاع غزة.

getty

وأفادت مصادر من داخل مستشفى الشفاء بأن جيش الاحتلال فجر مولدات الكهرباء في المستشفى، وأجهزة طبية، من بينها أجهزة أشعة، ومضخات أكسجين، كما قام بتفجيرات في بعض أقسام المستشفى ومبانيه، وفي النهاية انسحب من داخل المستشفى.

وأطلقت كوادر طبية من داخل المستشفى مناشدات لنقل الجرحى والمصابين المتبقين فيه إلى مستشفيات أخرى.

وكان جيش الاحتلال سمح بإجلاء مرضى وجرحى ومرافقين لهم ونازحين من مستشفى الشفاء، بالتنسيق مع الأمم المتحدة. لكن ورغم هذا التنسيق، اعتقل جيش الاحتلال كوادر طبية أثناء إجلائهم، على رأسهم مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية، الذي أعلن الاحتلال نقله للتحقيق.

وتعرض مستشفى الشفاء على مدار 48 يومًا من الحرب لقصف في محيطه أولًا، ثم تعرض إلى قصف لبعض أقسام وأبنية المستشفى، قبل أن يحاصره جيش الاحتلال ويقتحمه، ويختطف من داخله جثامين شهداء بعد مواراتها الثرى في ساحة المستشفى، بسبب منع الاحتلال إخراج هذه الجثامين لدفنها في مقابر خارج مستشفى الشفاء.

عدوان على كل القطاع

وتعاني المنظومة الصحية في غزة من أزمة حقيقية وخانقة، في ظل انعدام كافة مقومات استمرارها، من المعدات الأساسية إلى الأجهزة، وهي بحاجة إلى مساعدة عاجلة، من أجل تعاملها مع الحالة الراهنة، قبل إعادة ترميمها. 

ساحات المستشفيات، من شمال إلى جنوب القطاع، مزدحمة بأهالي غزة، الذين يبحثون عن مكان آمن، وهو أمر لا يتحقق في كافة قطاع غزة، وفق التقارير الحقوقية

وخسرت المنظومة 205 من الأطباء والممرضين والمسعفين، كما واستشهد 25 من طواقم الدفاع المدني. فيما خرج عن الخدمة نتيجة العدوان الإسرائيلي 26 مستشفى، و55 مركزًا صحيًا، كما واستهدف الاحتلال 56 مركبة إسعاف، فيما خرجت عشرات سيارات الإسعاف عن الخدمة بسبب نفاد الوقود.

ووفق الشهادات، فإن ساحات المستشفيات، من شمال إلى جنوب القطاع، مزدحمة بأهالي غزة، الذين يبحثون عن مكان آمن، وهو أمر لا يتحقق في كافة قطاع غزة، وفق التقارير الحقوقية.

وتعاني المستشفيات، نقص حاد في الأدوية، وتناقص الحصص الغذائية، وانقطاع الكهرباء، وكذا نقص في مادة التخدير، الضرورية لإجراء العمليات.

وتتزايد الشهادات عن قيام الطواقم الطبية، بالمفاضلة بين الجرحى، نتيجة العدد الكبير منهم، واستنزاف الطاقم الطبي الذي خسر الكثير من كوادره، وافتقد للأدوات اللازمة للعمل.