05-أكتوبر-2019

لا يبدو اليمنيون متفائلين إزاء المحاولات الأممية لوقف الحرب (Getty)

التقى مارتن غريفث في زيارة خاطفة للعاصمة صنعاء زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي، ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، وأبدى تفاؤله بحل الأزمة اليمنية ووقف الحرب التي شهدتها البلاد على مدار السنوات الخمس الماضية، بينما لا يبدو اليمنيون متفائلين إزاء جولات المبعوث الأممي، التي طالت وتعددت بلا جدوى.

لا تبدو نتائج تصريحات غريفث مختلفة في نهاية كل لقاء أو جولة، حيث يبدي تفاؤله ويعطي وعودًا لا زال جزء من اليمنيين ينتظر تحقيقها، بينما لم يعد يصدقها جزء آخر إطلاقًا

غادر غريفث صنعاء حاملًا أمله بنجاح وقف الحرب، خصوصًا وأن حكومة الحوثيين قدمت مبادرة لوقف كافة أشكال القصف نحو الأراضي السعودية، بالإضافة إلى إطلاق سراح  290 أسيرًا مؤخرًا. في المقابل أعلنت السعودية وقف القصف الجوي لأربع مناطق في اليمن في مبادرة لإظهار حسن النية، بالإضافة إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اعتبر مبادرة الحوثيين خطوة إيجابية. 

اقرأ/ي أيضًا: مارتن غريفيث في صنعاء مجددًا.. قفزة في هواء اتفاق ستوكهولم

حطت طائرة غريفث بالعاصمة العمانية مسقط وهناك التقى بوفد جماعة الحوثي التفاوضي برئاسة محمد عبدالسلام الناطق الرسمي باسم الجماعة. وتباحث طرفا اللقاء المستجدات السياسية ووقف التصعيد العسكري وتفعيل المبادرة التي أعلنت عنها الجماعة وفتح مطار صنعاء، والتحضير للمحادثات السياسية الشاملة، بحسب عبدالسلام.

وخلال لقائه المبعوث الأممي، مساء الثلاثاء، قال مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى إن جماعته "اضطرت إلى تأجيل العديد من الضربات الإستراتيجية على السعودية، في سبيل تحقيق السلام".

لا تبدو نتائج تصريحات المبعوث الأممي، مختلفة في نهاية كل لقاء أو جولة، حيث يبدي تفاؤله ويعطي وعودًا لا زال جزء من اليمنيين ينتظر تحقيقها، بينما لم يعد يصدقها جزء آخر إطلاقًا. فعقب مغادرته صنعاء وصف نتائج زيارته لصنعاء ولقاءاته بقيادات الحوثيين بالشيء المثمر، لكن شيئًا ملموسًا لهذا التفاؤل الأممي لم يبد وكأنه مس الشارع اليمني.

وقال غريفيث، في تغريدة على حساب البعثة الأممية: "عقدت لقاء مثمرًا مع عبد الملك الحوثي، ناقشنا خلاله كافة السبل للبناء على مبادرتهم الأخيرة دعمًا للتهدئة الفورية واستئناف عملية السلام في اليمن".

يجهز المبعوث الأممي مبادرة سلام شاملة في البلاد، على حد وصفه، بعد فشله في تنفيذ مخرجات حوار السويد الذي استمر لأسبوع نهاية كانون الأول/ديسمبر 2018، لكن ذلك يأتي وسط تصعيد ميداني لمسلحي جماعة الحوثيين، بالإضافة إلى الوضع المضطرب في جنوب اليمن عقب تدهور العلاقة بين الشرعية والتحالف السعودي الإماراتي، وانقلاب المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي على حكومة هادي والسيطرة على العاصمة المؤقتة عدن.

وكان غريفث قد قدم مشروعًا لحل الأزمة اليمنية يقترح أن يدار اليمن بواسطة حكومة فيدرالية، على أن يتم تقسيم البلاد جغرافيًا إلى ثلاثة أقاليم، إقليم شمالي يتضمن ثماني محافظات وعاصمتها صنعاء، ومنطقة وسطى تضم خمس محافظات وعاصمتها تعز، ومنطقة جنوبية تضم ثماني محافظات وعاصمتها عدن. بحسب موقع "تاكتيكال ريبورت" الاستخباراتي.

 ويقترح المشروع أيضًا إشراك الحوثيين كجهة رابعة في حكم اليمن جنبًا إلى جنب مع الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات والمؤتمر الشعبي العام المدعوم من السعودية. كما يتضمن الاقتراح تشكيل مجلس رئاسي بقيادة الرئيس "عبد ربه منصور هادي" لإدارة شؤون اليمن لحين عقد انتخابات جديدة. وتتضمن ورقة "غريفيث" أيضا مشروعًا لإنشاء جيش يمني موحد يقوم بتدريبه فريق دولي تحت إشراف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، بحسب الموقع ذاته.

ورغم الشعور العام بالإحباط من تحقيق أي تقدم، إلا أن أملًا يسود بعض أوساط اليمنيين من حل قريب، بعد أن باتت معظم الأطراف المتحاربة في البلاد مهددًا، سواء كانت داخلية أو خارجية. فالرياض باتت أكثر رغبة في السلام، خصوصًا وأنها باتت عاجزة عن حماية أراضيها، مع عجز عن تشكل تحالف دولي، ناهيك عن تهديد الحوثيين باستئناف استهداف الأراضي السعودية، في حال عدم تجاوب المملكة مع مبادرتهم الأخيرة. 

الحكومة الشرعية المدعومة من الرياض، تزداد تدهورًا أيضًا، بعد انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي وسيطرته على مدينة عدن، حيث لم تعد قادرة على مواجهة الإمارات وأطماعها من جهة والمجلس الانتقالي المطالب بإقامة دولة مستقلة في الجنوب من جهة ثانية، أو مواصلة مساعيها لاستعادة العاصمة صنعاء.

أما الإمارات، فتطالب حكومة هادي بخروجها من اليمن بعد مساندتها الانتقالي في الانقلاب الأخير، بالإضافة إلى أن استمرار مشاركتها في الحرب ضد الحوثيين يجعل مدنها وأبراجها الزجاجية في مرمى صواريخ الميليشيات المدعومة من إيران وطائراتهم المسيرة أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: هل سقط اتفاق ستوكهولم في اليمن؟

من جانبه، خسر المجلس الانتقالي الجنوبي هو الآخر، وخلال معاركه مع القوات الموالية لهادي، الكثير من مقاتليه، كما أن وجوده العسكري والسياسي مرتبط بوجود الإمارات بشكل مباشر. وفي ذات السياق خسر الحوثيون الكثير من جنودهم خلال المواجهات مع القوات الموالية لهادي وغارات التحالف، بالإضافة إلى أن استمرار المعارك تجعلهم في مواجهة الشارع اليمني بسبب الأزمة الاقتصادية والفقر الذي يعيشه السكان.  

لا يبدو اليمنيون متفائلين إزاء جولات المبعوث الأممي من أجل وقف الحرب، التي طالت وتعددت بلا جدوى

كل هذه المعطيات تدفع بالأطراف اليمنية والخارجية للدخول في مشاورات سلام لوقف الحرب، بعد أن باتت جميع الأطراف متهمة بانتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن الأمم المتحدة عجزت عن معالجة الأوضاع الإنسانية، أو خلق هدنة مؤقتة في المناطق التي تشهد مواجهات بين الحوثيين وقوات هادي وفك الحصار المفروض على البلاد. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حرب اليمن المنسية.. البطش السعودي مستمر