03-أغسطس-2016

بدأ مشروع القانون الجديد يثير حفيظة الشارع المصري الذي فوجئ بتراجع الدولة عن كثير من ثوابتها منذ قضية جزيرتي تيران وصنافير(بيتر ماكديارمد/Getty)

فيما يعد سابقة في تاريخ "منح الجنسية في مصر"، يدرس حاليًا البرلمان المصري مشروع قانون لمنح الجنسية للأجانب المستثمرين مقابل وديعة بنكية بالعملة الأجنبية مدتها خمس سنوات يحصل بعدها المستثمر أو المودع على الجنسية المصرية، وعليه يسمى أصحاب هذا النوع من الجنسية "الأجانب ذوو الإقامة بوديعة بنكية".

يدرس حاليًا البرلمان المصري مشروع قانون لمنح الجنسية للأجانب المستثمرين مقابل وديعة بنكية بالعملة الأجنبية مدتها 5 سنوات

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. الدولار إلى 15 جنيه؟

أسباب اللجوء للمشروع

لعل المشروع في حد ذاته يعكس مدى تردي الأوضاع الاقتصادية في مصر خاصة فيما يخص المشاريع التي تجلب العملة الصعبة، والتي كان مصدرها الأساسي قطاع السياحة وقناة السويس. أما بالنسبة لقطاع السياحة فقد تعرض لعدة نكبات متتالية أدت به إلى حالة ركود تام، وكانت على مستوى كوارث كبيرة مثل سقوط طائرة السياح الروسية، وتعرض سياح مكسيكيين للقصف بطائرة تابعة للجيش بدعوى دخولهم منطقة محظورة رغم حصولهم على تصريح من الأمن، وغيرها من الحوادث التي أدت إلى وقف تدفق السياح على مصر. أما بالنسبة لقناة السويس فهناك تراجع في إيراداتها وفقًا لهيئة قناة السويس بنحو 290 مليون دولار، والتي أرجعها مهاب مميش، رئيس الهيئة، إلى الانخفاض في أسعار البترول العالمية.

وتعاني مصر أيضًا من أزمة خانقة أدت إلى تراجع الصادرات والاستثمار الأجنبي، وكل ذلك أدى إلى نقص غير عادي في احتياطي العملة الأجنبية. أما في الحيثيات التي ورد المشروع في سياقها فقد كانت تدور حول تقدير دور العرب والأجانب في دعم الاستثمار المصري، وأن الدولة المصرية ملتزمة أمام هؤلاء المستثمرين على أرضها بمنحهم ما يجعلهم ينتمون إلى هذا البلد ألا وهي الجنسية.

ردود الأفعال وجدوى المشروع

يرى البعض في مصر أن الهبوط إلى مستوى بيع الجنسية مقابل وديعة بالعملة الصعبة هو بمثابة بيع للوطن لمن يدفع أكثر

انقسم البرلمان المصري إزاء مشروع القانون بين من يرى أنه ضرورة يتطلبها الظرف الاقتصادي، وأنها خطوة يحتاجها الاقتصاد كإجراء من إجراءات التعافي وجذب الاستثمار وآخر يرى أن الهبوط إلى مستوى بيع الجنسية مقابل وديعة هو بمثابة بيع للوطن لمن يدفع أكثر، وأن هذا النوع من القوانين قد يفتح الباب على بيع البلد لرأس المال تحت مسمى تغطية الاحتياج من النقد الأجنبي.

والسؤال المطروح في هذا السياق هو: ما الذي تقدمه دولة منهكة وغير مستقرة للمستثمر الأجنبي لكي يطمئن على رأس ماله فيها، فمصر الآن بلد يعاني من انعدام الاستقرار الاقتصادي، وسوء الإدارة السياسية، وغموض في الرؤية المستقبلية بشكل لا يشجع على الاستثمار، وهو أمر جلي يشكك في جدوى المشروع منذ البداية.

اقرأ/ي أيضًا: "قوانين صندوق النقد الدولي" تؤرق البرلمان التونسي

إملاءات صندوق النقد الدولي

في معرض الحديث عن هكذا قوانين، لا يمكن أن نغفل سعي النظام المصري لقرض صندوق النقد الدولي لسد العجز في ميزانية الدولة، مما جعلها تركض في كل الاتجاهات وتقوم بعدة خطوات للاستجابة لفروض وإملاءات قرض صندوق النقد، والتي كان من بينها وأشهرها تقليل الدعم، وقانون الخدمة المدنية، وسحب الإنفاق الحكومي تدريجيًا من عدة بنود، والسعي إلى الاستقرار المالي بجذب الاستثمارات الأجنبية.

وتستهدف الحكومة المصرية قرضًا من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات، ويعلق النظام المصري آمالاً عريضة على هذا القرض لدعم الاستقرار وللسيطرة على أسعار الدولار، فيما سيضغط القرض على جيوب المصريين في مزيد من الضرائب وسحب البساط من تحت أرجل الفقراء في صورة إلغاء الدعم كليًا وتقليص دعم المحروقات والكهرباء وغيرها.

وبدأ بالفعل مشروع القانون الجديد يثير حفيظة الشارع المصري الذي فوجئ بتراجع الدولة عن كثير من ثوابتها منذ قضية جزيرتي تيران وصنافير وحتى موضوع منح الجنسية، وقد يضع مشروع القانون هذا الشارع في مواجهة النظام مرة أخرى.

اقرأ/ي أيضًا:

مجلة الاستثمار.. خفايا القانون الأكثر ريبة في تونس

من يوقف "الدولار" عند حده في مصر؟