23-ديسمبر-2017

خفضت جنوب أفريقيا تمثيلها الدبلوماسي في إسرائيل ردًا على قرار ترامب بشأن القدس (تويتر)

نشر موقع ميدل إيست مونيتور تقريرًا يستعرض فيه أوجه تضامن جنوب أفريقيا مع الفلسطينيين في مقابل الإدانة المستمرة، والجريئة أحيانًا، للانتهاكات الإسرائيلية، وذلك على خلفية قرار تخفيض التمثيل الدبلوماسي لجنوب أفريقيا في إسرائيل. في السطور التالية ترجمة بتصرف للتقرير.


عُقدت الدورة الرابعة والخمسون لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) في مجمع ناسريك للمؤتمرات بجوهانسبرغ، في الفترة من 16 إلى 20 كانون الأول/ديسمبر الجاري.

لطالما أدانت منظمات المجتمع المدني الجنوب أفريقية، الانتهاكات الإسرائيلية، كما حافظت الحكومة هناك على علاقات وطيدة بالفلسطينيين

ويُعد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، أقدم منظمةً سياسية في أفريقيا، وأكبر حزب سياسي في جنوب أفريقيا. ومنذ بزوغ شمس الديمقراطية في البلاد عام 1994، حافظ حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على أغلبيةٍ واضحة في البرلمان.

اقرأ/ي أيضًا: أسبوع لمناهضة الاستعمار الإسرائيلي يغزو العالم

وترجع أهمية الاجتماع الدوري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، إلى إقرار هذا التجمع لسياسات الحزب، وانتخاب قيادته، كما أن رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي سوف يكون أيضًا مرشحًا في الانتخابات الرئاسية لجنوب أفريقيا عام 2019. وقد انتخب الحزب، سيريل رامافوسا، ليحل محل الرئيس الحالي، جاكوب زوما، الذي قاد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي منذ عام 2007.

عُقد المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية (WCAR)، عام 2001، في جنوب أفريقيا، تحت رعاية الأمم المتحدة، والذي يُعد علامةً فارقة في العلاقات الفلسطينية الجنوب أفريقية على كافة المستويات. فلطالما جهرت منظمات المجتمع المدني الجنوب أفريقي بإدانة إسرائيل. كما حافظ حزب المؤتمر الأفريقي على مر السنين على علاقة تعاون وثيقة للغاية مع الشعب الفلسطيني، وتوطيد العلاقات بين الحكومتين، وتعزيز التبادل الثقافي، وترسيخ التضامن مع الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام.

وعلى نفس المنوال، واصلت مؤسسات المجتمع المدني في جنوب أفريقيا دعمها المستمر لفلسطين. فقد انطلقت في جنوب أفريقيا بعض أكبر المسيرات الاحتجاجية في العالم ضد إسرائيل. فكفاح كُلٌ من الشعب الجنوب أفريقي ضد نظام الفصل العنصري، وكفاح الشعب الفلسطيني، يشتركان في صفاتٍ كثيرة، وقد أسّس الشعبان على مر السنين علاقةً وثيقةً جدًا. وتتجلى أبرز سمات هذه العلاقة في اللغة الاصطلاحية المشتركة بينهما في وصف التجربة السياسية الفلسطينية، بما في ذلك الإشارة إلى إسرائيل بأنها "دولة عنصرية".

فاجأ المؤتمر الرابع والخمسون للحزب، الجميعَ، عندما دعا شخصياتٍ بارزة في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لحضور فعاليات المؤتمر في جوهانسبرغ. وكان محمد نزال، العضو البارز في حركة حماس، على رأس الوفد الذي جلس في صدارة قاعة انعقاد المؤتمر.

تجمع احتجاجي ضد الانتهاكات الإسرائيلية في جنوب أفريقيا (تويتر)
تجمع احتجاجي بجنوب أفريقيا، ضد الانتهاكات الإسرائيلية (تويتر)

وجلس إلى جانب نزال، سفير فلسطين في جنوب أفريقيا، هشام الدجاني، والذي ألقى خطابًا عاطفيًا نيابةً عن منظمة التحرير الفلسطينية، وعن الشعب الفلسطيني. ويدل حضور حماس على تغيير في توجه وتكتيك حزب المؤتمر الوطني الأفريقي تجاه الحركة، وبطبيعة الحال تغيُر في تكتيك التعامل مع جميع الأحزاب السياسية في فلسطين.

في تشرين الأول/أكتوبر 2015، اجتمع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، بخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك، في جوهانسبرغ. وخلال اللقاء، أكد الحزب على أن الاجتماع كان: "يهدف إلى تشجيع الدول الأخرى لمواجهة ما يسميه الحزب، العنف والفصل العنصري الذي تمارسه حكومة إسرائيل".

هذا وقد أشار بعض كبار أعضاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قبل أيام من انعقاد دورته الرابعة والخمسون، إلى أنهم كانوا بصدد التفكير في التخلي عن حل الدولتين الذي طالما تمسكوا به. وعلى الرغم من أن ذلك لم يكن على جدول أعمال المؤتمر، إلا أنه أصبح نقطة نقاش خطيرة داخل أروقة السلطة.

وضعت لجنة الشؤون الدولية بحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، النقاش حول القضية الفلسطينية في مقدمة جدول أعمال المؤتمر. وكانت أغلبية الحاضرين يرتدون الكوفية الفلسطينية، كأحد مظاهر التضامن. وانطلق الحاضرون في تصفيقٍ تلقائي عندما أعلن إيس ماغاشول، الأمين العام المُتخب حديثًا للحزب الوطني الأفريقي، أن اجتماع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قرر خفض التمثيل الدبلوماسي لجنوب أفريقيا لدى إسرائيل من سفارة إلى مكتب اتصال. وهو موقفٌ سياسي حاد، وسوف يُغضب إسرائيل بكل تأكيد.

ويأتي تخفيض التمثيل الدبلوماسي الجنوب أفريقي لدى إسرائيل في أعقاب إرهاصاتٍ أخرى لتضامن حكومة جنوب أفريقيا مع فلسطين، تجلت خلال السنوات الماضية، منها على سبيل المثال، سحب سفير جنوب أفريقيا لدى إسرائيل، إسماعيل كوفاديا عام 2010. وقالت حكومة جنوب أفريقيا آنذاك، إن سحب السفير "طريقة للتعبير عن الاعتراض، وإظهار إدانتنا القوية للهجوم على أسطول المساعدات".

التضامن الواسع مع الفلسطينيين وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية، يرسل رسالة تأكيد على استقلالية السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا

وفي عام 2012، اقترح روب ديفيس، وزير التجارة والصناعة الجنوب أفريقي، قانونًً يجبر الشركات في جنوب أفريقيا على تحديد المنتجات المستوردة من إسرائيل. وقد أصدر ديفيس مرسومًا، استنادًا إلى الفقرة 26 من قانون حماية المستهلك، يجبر التجار على إعادة وضع لاصق المنشأ على بعض المنتجات الإسرائيلية، ووقف بيع هذه المنتجات على أنها "صنعت في إسرائيل". وقال ديفيس آنذاك: "لا ينبغي تضليل المستهلك وإيهامه بأن السلع المنتجة في فلسطين المحتلة جاءت من إسرائيل".

نهايةً، يُمكن القول إن التضامن مع الفلسطينيين، وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية في المقابل، يُؤكد استقلالية السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في مقاطعة إسرائيل والانزعاج الصهيو- شبّيحي!

تقدير موقف: قرار ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.. الدوافع والمعاني والآفاق