17-يناير-2016

علي ديفندري/ إيران

المعركة الأكبر تضع رحالها في حلب، وسنستعيد السيطرة عليها، هذه العبارة ليست مجرد بروباغندا إعلامية يُراد بها حرف البوصلة عن دمشق، أو الترويج لما هو انتصار للخرائط المُزمع تطبيق حدودها المُبتغاة والمرسومة بخبرات التقسيم والترسيم المستقبلي.

كيف لشركة استثمار الموت باسم الله "داعش" أن تصل إلى كل أرجاء المعمورة بينما لا تجتاز حدود إيران؟

إنها العبارة التي يتشدق النظام بنطقها مع الجهر بالاعتماد والتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني والطيران الروسي "الشقيق"، وبالانتباه إلى مسألة الإفراج ورفع العقوبات عن الاقتصاد الإيراني سترتسم أمامنا صورة جلية قوامها "انتصارات" هذا الحلف "الإيراني الروسي" وجعلها الصورة الأنسب لكل أغلفة المجلات، صورةٌ عاهرةٌ تصلح لتحل محل أجمل ممثلات أفلام البورنو، على اعتبار أن الغاية من الصورتين إثارة الغريزة تجاه ما هو فاقع ومُنافٍ للعرف العام. 

وعلى ذكر كلمة "عام" من المجدي أن ننتبه إلى أن العام 2016 افتُتِح بالكثير من الإنجازات لصالح محور "الممانعة"، فما استعادة "سلمى" في ريف الساحل السوري، والإفراج عن "ميشال سماحة" المُتفجِّر المؤقّت، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، والتوجه نحو معركة حلب سوى مقدماتٍ للكثير من الخراب، الخراب الذي تسعى إليه إيران وتساندها فيه قوى الشر جميعها ومن كافة الأطياف والقوميات والثقافات. ويبقى التساؤل المُحيِّر: كيف لشركة استثمار الموت باسم الله "داعش" أن تصل إلى كل أرجاء المعمورة بينما لا تجتاز حدود إيران؟ يبدو التساؤل ساذجًا وممجوجًا، غير أنه يشغل بال الكثيرين، وربما بالنظر إلى قضية الإفراج عن الإرهابي ميشال سماحة مقابل مبلغ مالي معين وبتوسيع زاوية النظر سنجد العالم ممثلًا بأمريكا يدفع اليوم أجور وأتعاب اللاعب الإيراني، على اعتبار أن المال الإيراني هو إرهابيٌّ سوف يتم تجنيده حين الطلب. 

لقد أجادت إيران منذ الأزل تحريكَ الإرهاب والاتجار به وما داعش "بما تقوم به من جرائم واضحة لا تخدم الإسلام ولا بأي شكل من الأشكال" سوى شركة إيرانية صارت تطلق أسهمها للبيع، ويبدو أن المساهم الأكبر إلى جانب روسيا اليوم هو المساهم الأمريكي وسيتم الدفع علنًا فيما الشراكة ستكون في السر، وقد يتمنطق المساهمون بأنهم "ليسوا إرهابيين إنما يمنعون الإرهاب عن بلادهم" كما أطلقها ذات جريمة الإرهابي حافظ الأسد. هذه هي التجارة الرابحة كما أشار إلها الإعلامي نديم قطيش في معرض حديثه عن قضية سماحة واستثماره بالمتفجرات القادمة من دمشق.

بدءًا من اليوم ستعود إيران لتكون سوقًا شديدة الاستهلاك لكل المتاجرين الغربيين، إضافة لطرحها اليد العاملة في الأسواق العالمية، وعودتها كلاعب اقتصادي في أسواق النفط والسلاح، هذي هي المكافأة فضلًا عن إطلاق يدها في محيطها الذي استطاعت أن تحجّم فيه جميع اللاعبين وتظهر كلاعب أوحد مستفيدة من أهم مقولة في هذا السياق؛ "الغاية تبرر الجريمة"، ليس من باب التشاؤم ولكن من باب قبول الاعتراف بالواقع والوقائع يجدر بنا أن نقول: إنها -أقصد إيران- تجيد اللعب وتعرف كيف تستثمر كلَّ شيء في كلِّ شيء.

التجارة الرابحة دائمًا كما كنا نسمع هي تجارة الماء، مُضافًا لها حرف واحد لتصبح تجارة الدماء، وفلسفيًا ربما يتحفنا صاحب الحكمة والفلسفة المعاصر "النمر سهيل الحسن" بنظرية جديدة يقول في مطلعها: اللاشعور الدموي هو الولاء لمن هم خلف أعداء العالم. وبهذا يكون المحور الذي تشكله إيران لديه كل مقومات النجاح والاستمرار، إذ إنه يملك المال والقوة والأعداء الافتراضيين والغايات والأهداف والأرض والسماء والقاتل المأجور والمخطط والداعم السياسي وأخيرًا الفيلسوف.

اقرأ/ي أيضَا:

مَن يصادر الله؟

ألمانيا.. مسافة أمان مع المتحرشين