11-سبتمبر-2020

منحوتة لـ مارينو ماريني/ إيطاليا

أنا لا أنا

أنا الفارغ الملآن

لكني جميع ما سوف يذكر الآن:

 

أنا "معطف غوغول"

أنا الشقاء

أنا العناء

أنا صخرة في نهرِ النجاسة

والتعاسة والقذارة والبكاء

أنا ثغرة

في صدرٍ متوجع

وصرخة عاشق محموم

تكوّمَ ببطءٍ تحت ملاءةٍ مملوءة

بِلُـعاب البعد

بِلُعاب الولع والوله والفقد والفراق

 

أنا لا أنا

أنا لوعة المشتاق

ومرارة العشاق

أنا وباءٌ طاحِنٌ

ينهشُ نفسهُ

ولا يجرؤُ على نهشِ الآخرين أو دهسهم

لا يجرؤ على الاقتراب منهم

لا بقصد القتل ولا بقصد العناق

 

ضياعٌ أنا

خرابٌ

خرابٌ

دمٌ سائلٌ

ودمٌ متخثرٌ

نِزاعٌ/صِراعٌ أنا

غيابٌ

غيابٌ

أنا الحريق

أنا الدخان

.. أنا دقة الارتياب

والارتياب الدقيق

 

أنا محضُ داعرٍ يلاحق عاهرة

محضُ هُراءٍ

محضُ خراءٍ

عالقًا بين صدفة الغد

وصدفة الأمس

وفجر الآخِرَة

أنا امتزاج

الهمس واللمس

عند النائمين الخائفين

 

أنا لا أنا

أنا روثُ خنزير

وبصقةٌ

تتجمع

تتمايلُ

تتموجُ

تتراقص

في فم سكير

 

أنا مجاز المتطرفين

ومزاج

المتوترين

الصاخبين

المقرفين

أنا الفزع

والجزع

والهلع

وأنا أول الاختناق

 

أنا لا أنا

أنا القلق

أنا أغنية الحيارى

الضائعين

التائهين

النازفين

الحالمين

النادمين

أنا رقصة الأموات

وأنا صهلةُ الغرق

 

أنا لا أنا

أنا كائن مهدور، مقهور، مسحوق، مسحور

منذورٌ للقسوة

للبشاعة

للقهر

مذ قال: أنا هنا

مذ قال: أنا أنا

 

أنا لا أنا

أنا ألمٌ جارِحٌ

وجُرحٌ مؤلِمٌ

أنا وجعُ طفلٍ فقير

يتجولُ في شوارع ريفيّةً دون مأوى

ويشكو من حرارة الماء أو شدة الشتاء

 

أنا لا أنا

أنا لا أحد

لا شيء حقًا

في حضرة كل هذه الأشياء

التي تزخرُ بالمعنى

وتتطاير أمام عيني بألقٍ وجدوى

 

أنا مُفترق الطريق

أنا وردةٌ بلا ساقٍ بلا رحيق

أنا خطٌ فاصلٌ بين حقيقتين مريرتين

أنا جدارٌ بلا طلاء

ووجهٌ بلا ملامح

وروحٌ بلا جسد

وجسدٌ بلا روح

 

أنا لغو الصدى

أنا السراب

أنا الغياب

أنا الضباب

أنا العذاب

أنا وجه المدى

أنا الإحساس بالجوع

في جسدٍ هالكٍ مسكين

أنا ضبيٌ مفزوع

ومعبدٌ بلا زوارٍ ومرتادين

أنا عاشق مخدوع

وقديس بلا أتباع ومريدين

 

أنا لا أنا

أنا مدينةٌ

ذات سياج شوكي

تجلسُ في لياليها الحزينة

بلا صخبٍ يُذكر

بلا زينة

وبلا ضوءٍ يحبسُ أنفاس الظلمة

 

أنا أنا

أنا لا أنا

أنا لا شيء وكل شيء

أنا لا أحد وكل أحد

 

لكن الأكيد

وكل التأكيد

هو أنني، أنتِ

ريثما أكون فيكِ ملتصقٌ كالندى

لكن الأكيد

وكل التأكيد

هو أنني، أنتِ

عندما تشعرين بالحزن

أو حينما تنظرين إليّ بلوعةٍ وأسى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تاريخ البؤساء

موت وكراهية وخوف