12-ديسمبر-2015

(مايك ويندل/Getty)

قال مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك وزوجته إنهما يعتزمان التنازل عن 99% من ثروتهما في أسهم فيسبوك والتي تبلغ قيمتها حاليًا نحو خمسة وأربعين مليار دولار، وذلك لصالح مؤسسة خيرية جديدة. قالا أيضًا إن هذه رسالة لابنتهما ماكس التي ولدت حديثًا. وفور شيوع الخبر الذي أثار استهجانًا واسعًا في كافة أرجاء العالم بدأت التحليلات حول النوايا المخبّأة خلف ذلك وحول مصير هذه الأموال من حيث الجهات المستفيدة. أمّا نظرية التهرّب أو الإعفاءات الضريبية فاحتلّت الواجهة. العقلية المؤامراتية التي أعدمت مبادرة زوكربيرغ، 31 سنة، قبل ولادتها لا تملك قاعدة صلبة. فكيف يريد متهرّب مالي الإبقاء على مائة وخمسين مليون دولار من ثروة تفوق ناتجًا محليًا لدولة؟

فور التداول الإعلامي لهذة المبادرة التي نشرها مؤسس موقع فيسبوك على صفحته استحضر المتابعون بعض الخطوات المشابهة كتلك التي قام بها الملياردير الأمريكي مؤسس مايكروسوفت بيل غايتس، تسعة وسبعين مليار دولار، مع زوجته ميلندا وبدعم هائل من الملياردير الآخر وارين بافيت. ولكن خطوة زوكربيرغ تفوق كافة الأعمال الخيرية التي سبقته.

كيف يريد متهرّب مالي الإبقاء على مائة وخمسين مليون دولار من ثروة تفوق ناتجًا محليًا لدولة؟

ونشر زوكربيرغ على صفحته على فيسبوك صورة عائلية مع زوجته بريسيلا تشان وابنتهما ماكس مع منشور بعنوان "رسالة لابنتنا". وفي الرسالة تطرّق زوكربيرغ وتشان إلى قضايا تتعلق بالصحة والتعليم وإمكانية الوصول إلى الإنترنت في المناطق المهمشة قبل أن تعلن تشان زوكربيرغ مبادرة تهدف إلى تحسين الإمكانيات البشرية وتعزيز المساواة.

وتجدر الإشارة إلى أن أعمال مارك الخيرية ستأتي ضمن إطار شركة محدودة المسؤلية ما ينفي تهمة الإعفاءات الضريبية لأن هذا الشكل من الشركات يحول دون ذلك قانونيًا. وفي حين لا يملك بيل غايتس ما يزيد عن 5% من مايكروسوفت ولا لقب الرئيس التنفيذي، قال زوكربيرغ إنه مازال يخطط للبقاء رئيسًا تنفيذيًا لفيسبوك "لسنوات كثيرة مقبلة". وقالت فيسبوك إن زوكربيرغ يتوقع أن يكون المساهم المسيطر على الشركة في المستقبل المنظور. وقالت الشركة إنه تعهد بالتبرع بمليار دولار من أسهم فيسبوك سنويًا خلال السنوات الثلاث الآتية.

تعهدت تشان وزوكربيرغ حتى الآن بالتبرع بمبلغ 1.6 مليار دولار لأعمال الخير التي يقومان بها

وتعهدت تشان وزوكربيرغ حتى الآن بالتبرع بمبلغ 1.6 مليار دولار لأعمال الخير التي يقومان بها. وقاما بعدة تبرعات هذا العام بما في ذلك لمدارس عامة ولمبادرات لتحسين الوصول إلى الإنترنت وتبرعا أيضًا للمستشفى العام في سان فرانسيسكو حيث تعمل تشان طبيبة أطفال.

كثيرون يستغربون خطوات زوكيربرغ الذي وضع مبادرته في إطار تقديم عالم أفضل لابنته، وآخرون يعتبرون أن خريج هارفرد يريد أن يثير الجدل، وأن يبدو كمثال أعلى، لدرجة وصفه الكثير من المتابعين برئيس جمهورية العالم لا سّيما بعد أعماله الإنسانية الهائلة وتعليقاته الإيجابية على القضايا الشائكة. كيف لا وأخيرًا تعاطف مع الإسلام بعد موجة الإسلاموفوبيا. ولعلّ السؤال هو حول الحاجة التي تشبعها أعمال كتلك؟ هل هي تحقيق الذات، تلميع الصورة بنظر الذات والآخر أم الحاجة لاستقطاب الأضواء؟ وهل تفشل الثروات الهائلة في إشباع هذه الحاجات ما يؤدي إلى اللجوء لسبل أخرى كتلك التي انتهجها زوكربيرغ؟ قد تترك الإجابة لكل منّا، أما المهم فهو تحقيق هذه الخطوات أهدافها المنشودة بجعل العالم مكان أفضل.

اقرأ/ي أيضًا:
"جوجل ويوتيوب" هل تتعاونان فعلًا مع إسرائيل؟
أسرار نجاح أيفون