09-يوليو-2017

(getty) طفل سوري في مخيم الزعتري

هذه المرة يتبادل العرب والأصدقاء قتل السوريين كمن يقدم هدية أو قربانًا من أجل النجاة أو الاستسقاء، بالأمس عثرت الأجهزة الأمنية الأردنية على طفل سوري لم يتجاوز الأربعة أعوام، مقتولًا داخل خربة في منطقة شارع الأردن سفح النزهة وسط العاصمة عمان، وأثناء التحقيقات تبين تعرضه للاغتصاب.

اقتل سوريًا، يبدو أنه شعار مدروس بدقة في هذه المرحلة من الصراع

قبل يوم واحد من هذه الحادثة، وفي شمال تركيا تم قتل أم حامل مع جنينها وطفلها الوحيد الذي لم يتجاوز الأشهر العشرة، وألقيت الجثث في الغابة حيث وجدهما الأهالي، وقد سبق الجريمة البشعة دعوات لطرد السوريين وإعادتهم إلى بلدهم.

اقرأ/ي أيضًا: فلسطينيون سوريون على طريق اللجوء.. موت بأم العين

وفي بداية الأسبوع شهد لبنان الشقيق الصغير حملات اعتقال في مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال، ومن ثم عمليات حرق لأكثر من مخيم، وبعد أيام قليلة أعيدت جثث عدد منهم وعليها آثار التعذيب فيما قال الجيش اللبناني إنهم توفوا بسبب الحرّ الشديد، وما زالت القضية تتفاعل فيما تنفي السلطات أي بُعد عنصري أو جرمي.

وحدهم الأتراك تظاهروا أمام مبنى الشرطة للقصاص من القتلة، بينما عواصم العرب الأشقاء لم تشهد سوى بعض الاحتجاجات الفردية على الجرائم ضد السوريين، وهذا كله نتيجة الحملات المتتالية لتشويه صورة السوريين وتحميلهم مسؤولية إفقار شعوب الدول المستضيفة، وواقعها الاقتصادي والاجتماعي المزري، وأنهم ليسوا لاجئين بل مشاريع إرهاب نائمة.

"اقتل سوريًا"، يبدو أنه شعار مدروس بدقة في هذه المرحلة من الصراع، وثمة من يريد أن يتخلص من مشاكله وأعبائه باتهام اللاجئين. وفي الأردن يقف إعلامي أردني ويدعو إلى إيقاف العراضات الشامية التي غيرت وجه عاصمة بلاده، وهنا يمكن لأي عاقل أن يسأل ما الذي تفعله عراضة وأغنية وفرقة شامية بتراث بلد عريق، وأي خطر يشكله مجموعة من الشباب الذين يبحثون عن رزقهم بترديد بعض الأغاني في الأفراح وافتتاح المحال التراثية، وأي بلد هذا الذي تهزه عراضة؟

لا شك أن بين السوريين مجرمين ومحتالين ونصابين، فهم مثل أي شعب لديه ما يكفي من السلبيات والشرائح المظلمة، ولكنهم أقل بكثير من شرائح التيه والحشيش في كثير من الدول التي صارت ملجأ لهم من القتل، وأثبتوا في كل البلدان قدرة كبيرة على الابداع والتأقلم، ولن تجد متسولًا سوريًا إلا ما ندر في شوارع عواصمها، وبعض متسولي تلك الدول انتحل صفة سوري ليجني أكثر بسبب تعاطف الكثيرين مع أحوالهم؟

في مصر على سبيل المثال لن تجد مصريًا لا يتغنى بالطعام السوري وأناقته وطعمه اللذيذ، وفي تركيا ينتعش الجنوب بمشاريع السوريين الفردية والجماعية، وفي الأردن تنتشر المحال السورية بأناقتها وكبريائها، وأما في لبنان فيعمل السوري في البناء والطعام والتجارة، وأما في أوروبا حيث أبدعوا في العلم والتفوق والقدرة المثيرة على الاندماج واحترام البيئة الجديدة.

ثمة من يريد اليوم بحوادث القتل أن يفتح الجبهات على السوريين لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وثمة من يرى فيها قرابين نجاة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ديك "النهار".. حين يتقيأ عنصرية ضد السوريين

الخارطة السورية لأوروبا.. دليلك إلى اللجوء