من المتوقع أن تبدأ، يوم غد الأربعاء 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، أولى جلسات الكابيتول هيل العلنية لمساءلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما يخص التحقيق بمضمون مكالمته الهاتفية التي أجراها مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينكسي. 

يبدو أن تحقيق الديمقراطيين مع ترامب سيمتد ليشمل استخدام ترامب اسم هيلاري كلينتون في محادثاته مع نظيره الأوكراني

يأتي ذلك بعد أن استدعت لجنة المخابرات، ثلاثة دبلوماسيين من الإدارة الأمريكية، لسماع شهادتهم التي ستكون علنية أمام الجمهور الأمريكي، في منحى جديد للقضية التي يسعى من ورائها الديمقراطيين للإطاحة بالرئيس الجمهوري.

اقرأ/ي أيضًا: أسباب قد تحول دون فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية 2020

اتهامات أخرى لترامب؟  

قال الديمقراطيون إن لجنة المخابرات التي يرأسها الديمقراطي آدم شيف، ستبدأ جلساتها العلنية مع دبلوماسيين عبّروا عن قلقهم بشأن تعاملات ترامب مع كييف، حيثُ سيدلي بشهادته أكبر دبلوماسي أمريكي في أوكرانيا وهو وليام تايلور، بالإضافة لنائب مساعد وزير الخارجية جورج كنت، والسفيرة الأمريكية السابقة لدى أوكرانيا ماري يوفانوفيتش، وذلك يومي الأربعاء والجمعة القادمين، في الوقت الذي غرّد فيه شيف عبر حسابه الرسمي على تويتر قائلًا إن "المزيد قادم".

ويرى الديمقراطيون أن لديهم ما يكفي من الأدلة للمضي قدمًا في جلسات المساءلة العلنية، التي ستكون على الأرجح مقدمة للاتهامات الرسمية التي تمثل بنود المساءلة، تمهيدًا لطرحها للتصويت في الكونغرس. 

وتشير التقارير إلى أنه من الممكن أن تمتد الجلسات العلنية للمسؤولين الأمريكيين لتشمل المخالفات التي ربما ارتكبها ترامب في قضايا أخرى مثل الاقتصاد والهجرة، ما قد يلحق ضررًا بالرئيس الأمريكي، إلا أن بعض أنصاره يرون أن المساءلة قد تعزز فرص فوزه بفترة ثانية بإظهاره على خلاف مع خصوم سياسيين في واشنطن.

آدم شيف
السيناتور الديمقراطي آدم شيف، رئيس لجنة المخابرات بالكونغرس الأمريكي

وتقدم كبير الجمهوريين في لجنة المخابرات، ديفين نيونز، بطلب استدعاء لهانتر بايدن نجل جو بايدن، الذي كان محور المكالمة الهاتفية بين ترامب وزيلينسكي، والمُبلغ الذي تسببت شكوى تقدم بها في بدء تحقيق لمساءلة ترامب. كما تقدم بطلب استدعاء لرجل الأعمال الذي كان عضوًا في مجلس إدارة الشركة الأوكرانية، ديفون آرتشر، وذلك للإدلاء بشهادتيهما خلال الجلسات العلنية. 

وقال نيونز، إن هاتين الشهادتين من شأنهما أن "يساعدا الأمريكيين على فهم طبيعة ونطاق الفساد المتفشي في أوكرانيا". لكن شيف قال إن اللجنة على الأرجح سترفض الطلبات التي أرسلها الجمهوريون.

نسخة لمحاثة ثانية "مهمة للغاية"

وجه ترامب انتقادات للديمقراطيين بعدما شرعوا في المضي بقرار الجلسات العلنية، واصفًا الجلسات بأنها "احتيال"، مضيفًا أن الديمقراطيين يبحثون عن الأشخاص الذين يكرهونه. كما نفى ترامب أي معرفة بمعظم الشهود الذين استدعوا للإدلاء بشهادتهم أمام لجان الكابيتول هيل، ومن ضمنهم مسؤولين كبار في وزارة الخارجية، فيما لا يزال البيت الأبيض مصرًا على موقفه الرافض للتعاون مع التحقيق.

وقال ترامب إنه سيقوم بنشر نص اتصال هاتفي ثاني كان أجراه مع زيلينسكي في 21 نيسان/أبريل الماضي. ونص المحادثة الذي من المتوقع نشره اليوم الثلاثاء جاء في إطار تهنئة ترامب لنظيره الأوكراني بفوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أوكرانيا في الشهر عينه، مشيرًا إلى أن هذه النسخة من المحادثة الثانية "مهمة للغاية".

وكان البيت الأبيض قد عيّن مسؤوليْن اثنين للمساعدة في عملية الدفاع عن ترامب، للرد على التحقيق الذي يهدف لعزله من منصبه، فقد انضم إلى إدارته المساعد السابق لوزير الخزانة توني صايغ، والنائبة العامة السابقة في فلوريدا بام بوندي. وأشارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن المسؤولين المنضمين حديثًا لإدارة ترامب سيتوليان التصريحات المرتبطة بالتحقيق، ومشاريع أخرى خاصة.

ورغم رفض ترامب في البداية إنشاء غرفة عمليات مشابهة لتلك التي أنشئت عندما قاد الجمهوريون في الكونغرس الأمريكي معركة لعزل الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في تسعينيات القرن الماضي؛ إلا أنه يبدو قد رضخ أخيرًا لهذه الفكرة، بالأخص أن النواب الجمهوريين اشتكوا كثيرًا من عدم تحلي البيت الأبيض "بوضوح" في رده على اتهامات الديمقراطيين الذين يقودون التحقيق، وزاد من مخاوفهم عدم قدرة الموظفين المحيطين بترامب على تحمل شدة التحقيق خلال الأسابيع القادمة.

وكان ترامب قد تلقى ضربًة جديدة من القضاء الأمريكية الأسبوع الماضي، عندما أصدرت القاضية ساليان سكاربولا حكمًا يدفع بموجبه الرئيس الأمريكي مليوني دولار من ماله الخاص، بسبب استعماله أموال إحدى منظماته الخيرية في تمويل حملته الانتخابية عام 2016، وخلصت المحكمة في قرارها إلى أن ترامب استخدم المؤسسة للنهوض بمصالحه التجارية والسياسية، وجاء قرار المحكمة بعد توصلها لتسوية مع ترامب الذي أدلى اعترافًا بسوء السلوك.

مخالفات أخرى لترامب

يبدو أن فصول التحقيق الذي يقوده الديمقراطيون لن يقف عند طلب ترامب من نظيره الأوكراني إجراء تحقيق بخصوص معاملات جو بايدن وابنه هانتر، بشأن معاملاتهم التجارية في كييف، إنما امتد ليشمل المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة عام 2016 هيلاري كلينتون، وذلك بحسب ما أفاد كنت في شهادته السرية التي أدلى بها منتصف الشهر الماضي.

وقال كنت في شهادته، إن ترامب استخدم اسم كلينتون اختصارًا في حديثه مع زيلينسكي لإطلاق تحقيق فيما وصفة "مؤامرة يمينية تدعي تدخل أوكرانيين مناهضين لترامب" في انتخابات 2016. 

وقالت النسخة التي نشرت من شهادة كنت: "لم يرد رئيس الولايات المتحدة أقل من أن يأخذ زيلينسكي ميكروفونًا ويقول تحقيق بايدن وكلينتون"، مشيرًا إلى أنه بعد وصوله إلى أوكرانيا أُخبر أن سفير واشنطن لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند يضغط على الرئيس الأوكراني للإعلان عن بدء التحقيق خلال ظهوره على شبكة CNN الأمريكية.

ترامب وهيلاري كلينتون
دخلت هيلاري كلينتون على خط الاتهامات الموجهة لترامب

وكانت تقارير أخرى قد أشارت إلى أن سوندلاند في تعديل على شهادته الأولى، قال للجنة التحقيق، إنه أخبر مسؤول أوكراني أن بلاده لن تحصل على مساعدات أمنية تقدر بنحو 400 مليون دولار، في حال لم تبدأ التحقيقات التي طلبها ترامب، وظهرت التفاصيل الأخيرة في شهادة الدبلوماسي الأمريكي بعد "انتعاش" ذاكرته بحسب ما صرح للجنة.

الشاهد النجم يرفض الإدلاء بشهادته

وفي تطور جديد على صعيد استدعاء الشهود للمثول أمام لجان التحقيق، رفض مستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون، المثول أمام الكونغرس الأمريكي للإدلاء بشهادته، وذلك يوم الخميس الماضي. 

وعلى الرغم من القيمة الكبيرة التي يمكن أن تضيفها شهادة بولتون للتحقيق بوصفه "الشاهد النجم"، إلا أنه يرفض الإدلاء بشهادته إلى أن تتوصل المحكمة إلى قرار في النزاع القانوني بشأن حصانة موظفي البيت الأبيض.

وقال محامي بولتون الخاص، تشارلز كوبر، إن مولكه يمكنه تقديم تفاصيل جديدة مرتبطة بالتحقيق، ومعلومات إضافية للأحداث التي ذكرها الشهود في شهادتهم. وأضاف المحامي أن بولتون شارك في عديد الاجتماعات والمحادثات المرتبطة بقضية أوكرانيا. 

هذا وكان الشهود قد قالوا إن بولتون شجع موظفيه على التنبيه حول أفعال غير قانونية محتملة من قبل محامي ترامب الشخصي، رودي جولياني، الذي لعب دورًا في الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي على كييف.

وكان بولتون قد رحل عن الإدارة الأمريكية في أيلول/سبتمبر الماضي، بعد خلاف مع ترامب بسبب السياسة الخارجية التي ينتهجها، كان من بينها إجراءه محادثات مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وعدم تبني الإدارة الأمريكية الحالية سياسة عدائية اتجاه موسكو، لكن الخلاف تعمّق بشكل أكبر بعد دعوة ترامب مسؤولين من حركة طالبان إلى منتجع كامب ديفيد لإجراء محادثات سلام، وذلك بالتزامن مع الذكرى السنوية لأحداث 11 أيلول/سبتمبر الإرهابية.

مكاسب الديمقراطيين

ظهرت مؤخرًا مؤشرات جديدة تدل على أن التحقيق الذي يقوده الديمقراطيون لعزل ترامب، أثر نوعًا ما على قرار الناخب الأمريكي، بعد فوز الديمقراطيية باثنين من أصل ثلاثة انتخابات فرعية أجريت في ولايات أمريكية، كانت تعتبر نتائجها في السابق محسومة لصالح الجمهوريين، ما يعد أول مكسب انتخابي لهم منذ بدء إجراءات عزل الرئيس الأمريكي.

وخسر المرشح الجمهوري مات بيفن، الانتخابات التي أجريت لاختيار حاكم ولاية كنتاكي، أمام منافسه الديمقراطي آندي بشير، بهامش ضئيل من الأصوات، رغم أن ترامب دعا عشية الانتخابات الأمريكيين لانتخاب بيفن "حتى لا يقول منتقديه إن الرئيس تكبد أكبر خسارة في تاريخ العالم"، على حد قوله. لكن مع ذلك اختار الناخبون المرشح الديمقراطي ليخسر الجمهوريين الولاية التي كانوا يسيطرون عليها منذ زمن.

إضافة إلى ذلك فإن الديمقراطيين حققوا نصرًا مهمًا في الانتخابات الفرعية التي شهدتها ولاية فرجينيا بمجلسي النواب والشيوخ، بعد فوزهم بالانتخابات التي أجريت لسد شواغر مقاعد الكونغرس الفارغة في الولاية، وأصبحوا يسيطرون لأول مرة منذ ربع  قرن على حكومة الولاية بشكل كامل، الذي يسيطرون على منصب حاكم الولاية أيضًا، ما يعني أنهم أصبحوا يملكون السلطة التشريعية كاملة في الولاية التي كانت محسومة نتائجها أيضًا لصالح الجمهوريين.

آندي بشير
حسم الديمقراطي آندي بشير الانتخابات في ولاية كنتاكي لصالحه، رغم أنها تعد من معاقل الجمهوريين

لكن الديمقراطيين خسروا الانتخابات على منصب حاكم ولاية مسيسبي التي فاز بها الجمهوري تيت ريفر، وفي العموم فإن نتائج الانتخابات الفرعية على الرغم من أن خسارة الجمهوريين لولاية كنتاكي مرتبطة بالمعارك التي خاضها بيفن مع النقابات العمالية والمعلمين، فإنها تعطي مؤشرات بشأن الانتخابات الرئاسية التي ستجرى العام المقبل، ويسعى فيها ترامب للفوز بولاية ثانية لأربع سنوات جديدة.

انقسام أمريكي حول عزل ترامب

تشير مجمل الاستطلاعات التي أجريت خلال الفترة القصيرة الماضية لوجود انقسام بين الأمريكيين حول عزل ترامب من الرئاسة، إضافة إلى أن التحقيق الذي يهدف لعزل ترامب لم يؤثر على قدرته التنافسية في الولايات المتأرجحة انتخابيًا. 

في المقابل، يبدو أن إستراتيجية الديمقراطيين بخصوص عزل الرئيس بدأت تستنزف طاقاتهم ومواردهم، مع عدم امتلاكهم للأكثرية في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريين، ويتطلب تصويت 20 عضو جمهوري إلى جانب الديمقراطيين لتمرير قرار عزل الرئيس.

وفي استطلاع للرأي أجرته كل من شبكة NBC الأمريكية وصحيفة وول ستريت جورنال، قال 46% من المشاركين في الاستطلاع، إنهم لن يصوتوا لترامب في انتخابات الرئاسة عام 2020، بينما سيقوم 36% بالتصويت على ولاية ثانية للرئيس الأمريكي. وقال 17% إنهم لم يحددوا موقفهم بعد. 

وهناك نسبة لا بأس بها الأمريكيين تتجاوز قضية مخالفات الرئيس الأمريكي، بالنظر للإنجازات التي حققها خلال فترة ولايته الأولى على الصعيد المحلي، من بينها ثبات ونمو الاقتصاد الأمريكي الذي دفع لانخفاض نسبة البطالة بين الأمريكيين إلى نسبة 3.6%.

كشف استطلاع رأي أن 46% لن يصوتوا لترامب في انتخابات 2020، بينما سيقوم 36% بالتصويت له، فيما لم يحدد 17% موقفهم بعد

وكان مجلس الشيوخ الأمريكي قد صادق نهاية عام 2017 على أول تعديل للنظام الضريبي المعمول به في الولايات المتحدة منذ 30 عامًا، والذي كان أحد أهم محاور الحملة الانتخابية لترامب، وشمل القانون كافة فئات الدخل انخفاضًا بالضرائب تبدأ اعتبارًا من العام الجاري بنسبة 8%، على أن تحول 10% من النسبة المقتطعة من الضرائب البالغ فيمتها 1.5 تريليون دولار مباشرة للفئات المتوسطة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الديمقراطيون يهيّئون أنفسهم للجلسات العلنية.. هل أصبح عزل ترامب قريبًا؟

تم تعيينك.. تم طردك: أبرز الذين استقالوا من إدارة ترامب في 2019