12-نوفمبر-2019

(Getty) ترامب في افتتاح عرض قدامى المحاربين في نيويورك

هل من المحتمل أن تنجح عملية العزل التي بدأها الديمقراطيون ضد دونالد ترامب قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020؟ إلى جانب تقلبات مثل هذه المبادرة، يمكن للمرء بالفعل التنبؤ دون أن يكون هناك الكثير من المخاطر في أنه، حتى لو لم يكتمل هذا الإجراء، فمن غير المرجح أن تتم إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي الحالي. وهذا، لأسباب جوهرية.

العامل الاقتصادي

يلعب العامل الاقتصادي الدور المركزي في إعادة انتخاب الرئيس في الولايات المتحدة. وهو الأمر الذي لطالما اعتمد عليه دونالد ترامب، ولكنه ها هو يخسر الحرب التجارية التي أعلنها هو نفسه، وبعد أن أدرك متأخرًا تأثيره السلبي على الأسواق الدولية، فقد حث مفاوضيه على توقيع اتفاقية بأي ثمن مع الصين. وحتى إذا كان هذا الاتفاق الذي طال انتظاره يمكن أن يهدئ الأسواق المتوترة للغاية منذ ما يقارب العام، لكن فكرة أن الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأمريكي تسببت إلى حد كبير في التباطؤ الاقتصادي الحالي قد تسببت بأضرار حسيمة، إلى درجة أن وليام دودلي، المسؤول السابق في بنك الاحتياطي الفيدرالي، صرح علنًا بأنه يتعين على البنك المركزي منع إعادة انتخاب ترامب باعتباره "تهديدًا خطيرًا للولايات المتحدة والاقتصاد العالمي".

ما يؤكد المأزق الذي يعيشه الرئيس الأمريكي هو تآكل الدعم الذي حظي به بين مزارعي الغرب الأوسط بسبب تأثير الحروب التجارية التي أعلنها

بالتالي إذا تم تأكيد تباطؤ الاقتصاد العالمي، فإن الرئيس دونالد ترامب سيكون في أسوأ وضع خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2020، خصوصًا أنه قد تغنى على امتداد السنوات الماضية بإنجازاته الاقتصادية على المستوى الداخلي.

اقرأ/ي أيضًا: الديمقراطيون يهيّئون أنفسهم للجلسات العلنية.. هل أصبح عزل ترامب قريبًا؟

ما يؤكد المأزق الذي يعيشه الرئيس الأمريكي هو تآكل الدعم الذي حظي به بين مزارعي الغرب الأوسط بسبب تأثير الحروب التجارية التي أعلنها مما أدى إلى: انخفاض الأسعار، تباطؤ الأسواق وتراجع العائدات. ونتيجة لذلك، فإن انخفاض كبير في شعبيته قد نتج في العديد من الولايات المحورية التي أمنت انتخاباته في عام 2016. ففي ولاية ويسكونسن، 41% فقط يؤيدونه، بينما يعارضه 55%. يظهر نفس الاتجاه في ولاية بنسلفانيا ومينيسوتا وميشيغان - وهي الولايات الرئيسية في الانتخابات.

عوامل أخرى

بالإضافة إلى العامل الاقتصادي، فإن صورة رجل الدولة مهمة أيضًا. وما يؤكد ذلك هو أن الغالبية الساحقة من إستطلاعات الرأي تؤكد أن المواطنين الأمريكيين باتوا الآن مؤيدين بأغلبية متزايدة لإجراءات عزله التي سوف تتسارع، مع جلسات استماع علنية في الكونغرس كشهود حول الاتصال مع الرئيس الأوكراني، وتصويت رسمي على الإقالة التي يمكن أن تتم بحلول نهاية العام قبل عام واحد من انتخابات 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

قيل إنه انتُخب افتراضيًا بسبب عدم الثقة في هيلاري كلينتون التي توصف بأنها تجسيد لنزعة الصواب السياسي. لكن شخصية دونالد ترامب ونتائجها قد فتحت أخيرًا أعين عدد كبير من المواطنين الأمريكيين، بما في ذلك جزء استراتيجي من ناخبيه والذين يبدون أنهم لم يعودوا مستعدين للثقة به.

بالتأكيد لا يمكن إهمال التأثير السلبي لإجراء العزل على شعبية دونالد ترامب، ولكن هذا الإجراء لن يكون حاسمًا نظرًا لأن السلطة التشريعية في الولايات المتحدة منقسمة نتيجة سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس، وسيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ حيث صرح النائب الديمقراطي جيمس كليبورن، لشبكة "سي إن إن"، إن مجلس النواب سيشرع في إجراء تصويت على العزل الكامل، حتى لو كان على مستوى الأحزاب، لافتًا إلى استطلاعات للرأي تظهر نسبًا متزايدة من الأميركيين الذين يفضلون عزل ترامب وإقالته من منصبه.

تجسيد الخفة السياسية

حتى أنصار ترامب سئموا من رشاقته اليومية على وسائل التواصل الاجتماعية، فأصبح البنتاغون والدبلوماسيون ووكالات الاستخبارات، وكذلك كبار المسؤولين الجمهوريين، يائسين من رئيس يرسم ملامح السياسة الأمريكية من خلال تغريدات على تويتر، وحتى إذا قرر اعتماد الوسائل الدبلوماسية التقليدية فإنه يستخدمها بوحي من خبرته على تويتر وهو ما ظهر من خلال الرسالة التي خاطب من خلالها نظيره التركي.

يعتبر الرئيس الأمريكي ترامب أن تويتر بمثابة المدفع الرقميّ وأنه يستمتع بإطلاق النار من خلاله

يشير كل من مايكل شير وماغي هابرمان ونيكولاس كونفيسور وكارين يوريش ولاري دوتشانان وكيث كولينز في مقال مشترك نشرته صحيفة نيويورك تايمز إلى أن الرئيس ترامب اعتمد على التغريدات في اتخاذ كثير من القرارات المصيرية، وأن لديه حسابًا غنيًا بالتغريد وإعادة التغريد. حيث أعاد تشكيل طبيعة الرئاسة والسلطة الرئاسية، وأنه يعتبر تويتر بمثابة المدفع الرقمي وأنه يستمتع بإطلاق النار من خلاله.

اقرأ/ي أيضًا: من الرفض إلى القبول.. فرص محاولات الكونغرس عزل ترامب

إن قضية محادثات دونالد ترامب مع نظيره الأوكراني، والتي أدت إلى المباشرة في إجراءات العزل، تكرس عن عدم الثقة بين جمهور ناخبيه وتراكم أطروحة الرئيس الذي يمثل "خطرًا على الأمن القومي".

إذا كان العزل يعتمد في النهاية على تصويت مجلس الشيوخ، حيث يشكل الجمهوريون الأغلبية، فإن الديناميات الحالية لنزع الشرعية تزداد. وتظهر التصريحات والإجراءات الأخيرة لدونالد ترامب في أنه قد أدرك أن احتمال إعادة انتخابه قد تعرض للخطر. يبدو أن هناك بعض الذعر بإدارته، مدركًا أنه يقترب من الانتخابات في وضع ضعيف، وأن الاستقطابات الحالية ستكون سبباً كافيًا لعدم ضمان إعادة انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تحول في موقف الجمهوريين من عزل ترامب.. هل تنجح ضغوطات الكابيتول هيل؟

"لأسباب سياسية".. البيت الأبيض يتستر على اتصالات مع بوتين وابن سلمان