04-نوفمبر-2019

وصلت مساعي عزل ترامب إلى خطوات متقدمة (Getty)

صوت النواب الديمقراطيون داخل الكونغرس الأمريكي بالإجماع على بدء قواعد المرحلة الجديدة للمضي قدمًا بإجراءات عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما يعتبر خطوة أكبر من الخطوات التي سبقتها نحو التحقيقات الجارية فيما يتعلق بالمكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينكسي، بعدما أُبلغ الكونغرس عن محاولته الضغط على كييف للحصول على مكاسب سياسية في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تجري العام القادم.

يبدو أن الديمقراطيين مصرين في موقفهم على عزل ترامب، بالأخص بعد تصريحات زعيمة الكابيتول هيل عقب صدور القرار، عندما أعلنت عن توجه الكونغرس لعقد جلسات استماع للشهود

الديمقراطيون يصوتون بالإجماع على الخطوة الثانية لعزل ترامب

القرار الذي حظي بموافقة النواب الديمقراطيين داخل الكابيتول هيل، البالغ عددهم 232 نائبًا، رغم أنه كان يحتاج لـ215 حتى يمرر، قوبل التصويت عليه بالرفض من قبل الجمهوريين الذين يشكلون 196 نائبًا، فيما امتنع أربعة عن التصويت، ولعل أبرز ما جاء في مضمونه أنه يحق للأقلية داخل المجلس طلب شهود وإصدار مذكرات إحضار بموافقة رئيس المجلس الديمقراطية نانسي بيلوسي.

اقرأ/ي أيضًا: من الرفض إلى القبول.. فرص محاولات الكونغرس عزل ترامب

ويبدو أن الديمقراطيين مصرون في موقفهم على عزل ترامب، بالأخص بعد تصريحات زعيمة الكابيتول هيل عقب صدور القرار، عندما أعلنت عن توجه الكونغرس لعقد جلسات استماع للشهود علنية خلال الشهر الجاري، في تطور مثير على صعيد الجلسات التي كانت تعقد سرًا خلال الفترات السابقة، لكنها في مقابل ذلك لم تستبعد أن تمتد المساءلة حتى عام 2020، ومشددًة في الوقت ذاته على أن مساءلة ترامب "يجب أن تكون قاطعة".

ولا يظهر أن ترامب قد يقدم أي تنازل فيما يخص مضي ديمقراطيي مبنى الكابيتول في إجراءات عزله، بعدما وصف ما حصل بأنه "أكبر عملية ملاحقة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة"، وبعد يوم واحد من صدور القرار اعتبر ترامب أن "أغلبية غاضبة" من الناخبين الأمريكيين تدعمه في مواجهة تحقيق المساءلة الذي يمهد لعزله، وهو الأمر الذي لم تنكره بيلوسي في تصريحاتها عندما أعربت عن مخاوفها من تضاءل الجمهور الأمريكي الذي يرغب بعزل ترامب، مشيرًة إلى أن الولايات المتحدة تشهد انقسامًا حادًا فيما يخص هذه القضية.

جماعات ضغط أمريكية شاركت في قضية أوكرانيا

في سياق إصرار الديمقراطيين على عزل ترامب، ظهرت خلال الأيام الماضية شهادات جديدة لمسؤولين سابقين في الإدارة الأمريكية كشفت عن وجود جماعات ضغط أمريكية تدخلت لإقالة السفيرة الأمريكية لدى أوكرانيا ماري يوفانوفيتش التي أُقيلت من منصبها في أيار/مايو الماضي، فقد ذكرت العضو السابق في مجلس الأمن القومي كاثرين كروفت في شهادتها أمام الكونغرس، أنه خلال فترة عملها ما بين منتصف عام 2017 حتى عام منتصف 2018 تلقت عديد الاتصالات من العضو السابق في الكونغرس روبرت ليفينجستون يطلب فيها إقالة يوفانوفيتش من منصبها لأنها من أنصار الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.

والتطور الأبرز في إطار الدعوات التي يوجهها الكونغرس للمسؤولين الأمريكيين السابقين أو الحاليين في الإدارة الأمريكية للمثول أمامهم للشهادة بشأن القضية الأوكرانية، جاء برفض وزير الطاقة الأمريكية ريك بيري الإدلاء بشهادته أمام اللجان الثلاثة التي تقود التحقيق، مشددًا على عدم مشاركته في تحقيق سري، إنما يريد شهادة علنية بحضور محاميه، وذلك في أحدث رفض لإدارة ترامب على التعاون في التحقيق الذي يقوده الديمقراطيين بوتيرة سريعة.

وكان بيري قد قدم استقالته منتصف الشهر الماضي بعدما أظهرت تقارير ممارسته ضغوطًا لتعيين أشخاص مرتبطين بمحامي ترامب الشخصي رودي جولياني في إدارة شركة عامة أوكرانية للطاقة، وتشجيعه ترامب على الاتصال بنظيره الأوكراني، وكان من بين الأشخاص الذين حضروا مراسم تنصيب زيلينسكي في أيار/مايو الماضي، فضلًا عن تأكيده قبل يومين من استقالته تواصله مع جولياني حول قضية فساد مزعومة في أوكرانيا بناءً على أوامر من ترامب.

البيت الجمهوري.. ما بين المؤيد والرافض

وعلى الرغم من جمع الديمقراطيين عشرات الأدلة التي تثبت طلب ترامب من أوكرانيا عبر قنوات دبلوماسية التدخل بالانتخابات الأمريكية المقبلة عن طريق إعادة فتح التحقيق المرتبط بهانتر بايدن ابن السيناتور الديمقراطي جو بايدن، فإن البيت الجمهوري لا يزال يقف مدافعًا عن ترامب، معتبرين أن ما يحصل ليس إلا معركة سياسية للتأثير على انتخابات الرئاسة المقبلة.

وانتقد الجمهوريون القرار الذي صوت الديمقراطيون عليه في الكونغرس يوم الخميس الفائت، معتبرين أن مضمونه يضع المشرعين الجمهوريين الذين يمثلون الأقلية في الكابيتول هيل في "موقف مجحف" رغم أنه يعطي الجمهوريين فترة زمنية في استجواب الشهود تتساوى مع الديمقراطيين، لكن عليهم في البداية الحصول على موافقة الديمقراطيين لاستدعاء الشهود، إلا أن بيلوسي اعتبرت القرار "أعدل من أي إجراءات اتخذت من قبل بخصوص تحقيق عزل".

ويرى مسؤولون سابقون في الحزب الجمهوري أن خطاب الأعضاء فيما يخص الإجراءات المجحفة لن يلقى تأثيرًا إلا بين الناخبين الجمهوريين فقط، كون الديمقراطيين كانوا معارضين لرئاسة ترامب منذ البداية، في الوقت الذي وصف المسؤول الجمهوري السابق في الكونغرس رون بونجيان أن ما يحصل ليس إلا "محاولة لإسقاط رئيس جمهوري"، أما العضو الجمهوري ليز تشيني فقد أشارت إلى أن "التاريخ سيحكم على الديمقراطيين بشأن هذا التحقيق".

وعلى الرغم من وقوف الجمهوريين وراء ترامب، فإن القاضي أندرو نابوليتانو في مقال نشره عبر قناة فوكس نيوز اعتبر أن إثبات المخالفات التي ارتكبها ترامب لا يمكن الجدل به إلى حد كبير، مضيفًا أن الجمهوريين في الكونغرس لا يملكون خط دفاع يمكن الوثوق به لحمايته، مشيرًا إلى أن دفاعهم عن ترامب يتناول عملية المساءلة التي تمهد للعزل، نظرًا لأن الدليل الذي يتجاهلون الحديث عنه مؤلف من اعترافات وشهادات ووثائق تبيّن أن ترامب سعى إلى حث الحكومة الأوكرانية على التدخل بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.

والواضح أن قضية عزل ترامب داخل البيت الجمهوري بدأت تأخذ منحىً داخليًا، من جانب أن ثلاثة من أصل الأعضاء الأربعة الذين امتنعوا عن التصويت هم من الجمهوريين، ما يدل على وجود انقسامات داخل الجمهوريين في الكابيتول هيل، كما أشارت تقارير صحفية إلى وجود ما بين أربعة إلى ستة سيناتورات جمهوريين داخل مجلس الشيوخ أبدوا انفتاحًا على التصويت في أي من الاتجاهين فيما يخص عزل ترامب، وذلك حسب ما تقتضيه الوقائع التي ستأتي بها الاستجوابات والبراهين، في الجلسات العلنية القريبة للكونغرس.

لجان الكونغرس لن تكون في استراحة الأسبوع المقبل

على الرغم من أن الكابيتول هيل سيكون في استراحة الأسبوع المقبل، إلا أن اللجان والموظفين الذين يشاركون في تحقيق مكالمة ترامب مع نظيره الأوكراني سيكونون على رأس عملهم لإجراء المزيد من المقابلات مع بعض الشهود المهمين، وهو ما يجعل من الأسبوع الجاري أسبوعًا هامًا ضمن مرحلة حاسمة من إجراءات عزل ترامب التي يمضي بها الديمقراطيون دون أن تظهر لديهم نوايا للتراجع عنها، وتستبق بدء الجلسات العلنية التي من المتوقع أن تكون في 11 من الشهر الجاري وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

ومن المتوقع أن يمثل أمام لجان الكونغرس اعتبارًا من اليوم الإثنين روبرت بلير مساعد كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني، و المستشار القانوني الأعلى لمجلس الأمن القومي جون أيزنبرغ مع نائبه مايكل إليس، ووالمدير المساعد لبرامج الأمن القومي بمكتب الإدارة والميزانية مايكل دافي، ومستشار وزارة الخارجية أولريش بريشبول، كما من المتوقع أن يمثل مستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون للشهادة أمام لجان الكونغرس، بعدما تحدث بعض المسؤولين الذين أدلوا بشهادتهم عن اعتراضه على طريقة تعامل ترامب مع أوكرانيا.

اقرأ/ي أيضًا: موقف الديمقراطيين من فصل ترامب عن السياسة

وكان استطلاع للرأي أجرته صحيفة واشنطن بوست مع الاشتراك مع شبكة ABC قد أظهر أن 49 بالمئة من المستقلين يرفضون عزل ترامب مقابل 47 بالمئة يؤيدون ذلك، فيما صوت 82 بالمئة من الديمقراطيين على عزله مقابل 13 بالمئة رفضوا ذلك، أما على الجانب الجمهوري فقد أيد عزل ترامب 18 بالمئة مقابل 82 بالمئة رفضوا ذلك، وفي العموم صوت 49 بالمئة من الأمريكيين على عزل ترامب مقابل 47 بالمئة رفضوا ذلك.

في سياق إصرار الديمقراطيين على عزل ترامب، ظهرت شهادات جديدة لمسؤولين سابقين في الإدارة الأمريكية كشفت عن وجود جماعات ضغط تدخلت لإقالة السفيرة الأمريكية لدى أوكرانيا 

وكادت الجهود التي يقودها الديمقراطيون لعزل ترامب أن تتأثر قبل أيام بعدما كشفت الصحافة الغربية عن علاقة جنسية جمعت بين النائبة الديمقراطية في الكونغرس كايتي هيل مع إحدى موظفاتها، رغم إقرار الكونغرس قانونًا يمنع إقامة علاقة جنسية داخل مبنى الكابيتول، إلا أن الديمقراطيين تداركوا الموقف بإعلان هيل استقالتها، لكنها في مقابل ذلك تحدثت عن أن الحملة التي شنّت ضدها قامت بتنسيقها "وسائل إعلام يمينية ومعارضون جمهوريون، ما أدى إلى التسبب بإساءة دائمة"، مشيرًة إلى أنها لا تريد لهذه القضية أن تؤثر سلبًا على التحقيق المرتبط بإجراءات عزل ترامب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 تحول في موقف الجمهوريين من عزل ترامب.. هل تنجح ضغوطات الكابيتول هيل؟

آخرها "كل نساء الرئيس".. إليك أبرز الكتب التي كشفت أسرار ترامب