تتواجد إنجلترا في مونديال قطر 2022 للبحث عن تكرار مجد طال انتظاره، وتحقيق آمال وتطلعات كبيرة لجماهير منتخب "الأسود الثلاثة"، من خلال العودة لحمل الكأس الذهبية بعد غياب مستمر منذ عام 1966.
التطور الكبير على مستوى أندية "البريميرليغ" والكرة الإنجليزية بشكل عام، يضع المنتخب الإنجليزي دائما في دائرة المرشحين لنيل اللقب، خصوصا مع تواجد جيل مميز من اللاعبين، استطاع بلوغ نصف النهائي في مونديال روسيا 2018، ووصل إلى نهائي يورو 2020 الذي فازت به إيطاليا بركلات الترجيح.
إنجلترا ستوقع على حضورها الـ 16 في نهائيات كأس العالم، حين تتواجد في الدوحة ابتداءً من 20 تشرين الثاني/نوفمبر القادم، عقب تصفيات لم يتلقى بها المنتخب أي هزيمة.
تأهلٌ دون مشاكل
وصلت إنجلترا إلى نهائيات كأس العالم دون مشاكل تذكر، خلال التصفيات الأوروبية التي خاضت منافساتها في المجموعة التاسعة إلى جانب، بولندا، ألبانيا، المجر، أندورا، و سان مارينو.
لعب المنتخب الإنجليزي 10 مباريات حقق الفوز في 8 منها وتعادل في 2، وسجل في شباك خصومه 39 هدفا وتلقت شباكه 3 أهداف فقط، وجمع 26 نقطة احتل بها صدارة الترتيب بفارق 6 نقاط عن بولندا الثانية.
لقب وحيد على أرضها
صاحبة اللقب العالمي الوحيد تمتلك تاريخًا كبيرًا في نهائيات كأس العالم، رغم تتويجها اليتيم منذ حوالي 56 عاما، فقد تواجدت في المربع الذهبي في مناسبتين (1990، 2018)، ووصلت للدور ربع نهائي في ست مشاركات (1954، 1962، 1970، 1986 و2002، 2006).
إنجلترا غابت عن كأس العالم في أول ثلاث نسخ منه، وكان أول حضور لها في مونديال 1950 بالبرازيل، حيث ودعت البطولة من الدور الأول بفوز على تشيلي (2-0) وهزيمتين أمام الولايات المتحدة وإسبانيا (0-1) في كلتا المباراتين.
أول ظهور قوي لإنجلترا في كأس العالم كان في مونديال سويسرا 1954، حين تمكنت من بلوغ الدور ربع النهائي قبل أن تخسر أمام الأوروغواي بأربعة أهداف لاثنين وتخرج من المنافسات، وخرجت من الدور الأوّل في مونديال 1958 بعد مباراة معادة مع الاتحاد السوفييتي.
وكرر المنتخب الإنجليزي إنجازه في مونديال تشيلي 1962، وتأهل للدور ربع النهائي أيضا، لكنه اصطدم بالمنتخب البرازيلي القوي بقيادة الجوهرة السمراء بيليه، حينها انتصر "السليساو" بثلاثة أهداف لواحد وأكمل طريقه إلى النهائي وتوّج باللقب على حساب خصمه منتخب تشيكوسلوفاكيا.
وكانت الكرة الإنجليزية على موعد مع كتابة التاريخ عندما استضافت على أراضيها مونديال 1966، ونجحت في بلوغ النهائي لتواجه ألمانيا الغربية وقتها في مباراة مثيرة أشعلت جدلا لا يزال مستمرا إلى يومنا هذا، ليتوّج الإنجليز بلقبهم المونديالي الوحيد.
في مونديال المكسيك 1970 دخلت إنجلترا المنافسات بثوب البطل غير أنها قدمت أداءً متذبذبًا وصلت به رغم ذلك إلى الدور ربع النهائي، لتواجه ألمانيا التي وجدت الفرصة للانتقام والثأر من خسارة اللقب قبل 4 سنوات، المباراة عرفت تقدم الإنجليز بهدفين، لكنّ ألمانيا سجّلت مثلهما وعدّلت النتيجة، إلى أن نجحت في تسجيل هدف الانتصار بالأوقات الإضافية.
وبعد غياب في 1974 و1978، عادت إنجلترا لتشارك في مونديال إسبانيا 1982 وقدمت مستوى لا بأس به، غير أنها ودعت البطولة من الدور الثاني، لتعود في مونديال 1986 وتُسجل حضورا جيدا وصلت به للدور ربع النهائي، قبل أن تخرج أمام الأرجنتين التي رفعت الكأس العالمية حينها بقيادة الأسطورة الراحل دييغو أرماندو مارادونا.
في مونديال إيطاليا 1990 تطور مستوى المنتخب الإنجليزي كثيرا، الأمر الذي جعل كتيبة المدرب بوبي روبسون تصل إلى نصف النهائي وتلاقي ألمانيا التي انتصرت بركلات الترجيح (5-4) بعد التعادل في الوقت الأصلي بهدفٍ لمثله.
إنجلترا فشلت في التأهل لمونديال 1994 في الولايات المتحدة الأمريكية، وخرجت من دور الـ 16 في فرنسا 1998 بركلات الترجيح أمام الأرجنتين، لكنها سجلت حضورا لافتا في كوريا الجنوبية واليابان 2002 وبلغت الدور ربع النهائي للمرة الخامسة في تاريخها.
وعلى الأراضي الألمانية بلغت إنجلترا ربع النهائي أيضًا وودعت البطولة على أمام البرتغال، أيضًا بركلات الترجيح، ثم شاركت في مونديال جنوب إفريقيا 2010 بآمال كبيرة مزقتها ألمانيا برباعية في دور الـ 16.
أسوأ حضور عالمي لإنجلترا، كما يصفه الكثيرين، كان في مونديال 2014 بالبرازيل، المنتخب الإنجليزي خسر في أولى مبارياته أمام إيطاليا بهدفٍ لاثنين، ثم عاد وسقط بنفس النتيجة أمام أوروغواي، قبل أن يتعادل سلبا مع كوستاريكا ويغادر العرس الكروي من دور المجموعات برصيد نقطة واحدة فقط.
ومع ظهور أخير مُخيب كان لزاما على الكرة الإنجليزية التعويض في مونديال روسيا 2018، الذي خاض منافساته جيل صاعد جديد يقوده المدرب غاريث ساوثغيت، ويضم مجموعة من اللاعبين المميزين على رأسهم هاري كين وجون ستونز وجوردان هندرسون.
منتخب "الأسود الثلاثة" لعب في المجموعة السابعة وبلغ دور الـ 16 ثانيا خلف بلجيكا، ثم تأهل للربع نهائي عقب فوزه على كولومبيا بركلات الترجيح، ليكسر الإنجليز لعنة ركلات الترجيح التي لازمتهم في المونديال، فواجهوا السويد وهزموهم بهدفين نظيفين، مكنتهم من الوصول إلى نصف النهائي لملاقاة كرواتيا، التي مثلت المفاجأة الجميلة في تلك النسخة، وتأهّلت للمباراة النهائية التي خسرتها أمام فرنسا بأربعة أهداف لاثنين.
نسق تصاعدي
بعد احتلالها المركز الرابع في مونديال روسيا، واصلت الكرة الإنجليزية تطورها وكانت قريبة من التتويج بلقبها الأول في بطولة كأس الأمم الأوروبية لولا خسارتها بركلات الترجيح أمام إيطاليا في 2020.
قرعة مونديال قطر 2022 أوقعت المنتخب الإنجليزي في المجموعة الثانية مع منتخبات الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وويلز، مجموعة يراها المحللون سهلة بالنسبة للإنجليز، الذين يطمحون إلى استغلال النسق التصاعدي لهم والذهاب إلى أبعد مدى ممكن، ولم لا.. تحقيق اللقب.
يضم المنتخب الإنجليزي في صفوفه نخبة من النجوم، يأتي في مقدمتهم هداف توتنهام هاري كين، أليكساندر أرنولد، ماركوس راشفورد، جادون سانشو، وكايل ووكر، تحت إشراف غاريث ساوثغيت الذي تولى مهامه منذ أيلول/سبتمبر 2016 إثر إقالة سلفه سام ألاردايس.
ويتميز أسلوب ساوثغيت مع المنتخب الإنجليزي بالسرعة والضغط على الفريق المنافس، وبات مؤخرا يمتلك منظومة دفاعية قوية ظهرت فعاليتها في التصفيات (المنتخب الإنجليزي تلقت شباكه ثلاث أهداف فقط في 10 مباريات)، الأمر الذي قد يُساعد إنجلترا في استعادة مجد كروي غاب طويلا.
