15-أبريل-2016

مواجهات بين الأمن ومحتجين في قرقنة (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

يعيش أرخبيل قرقنة في تونس، منذ أسابيع، حالة احتقان على خلفية اعتصام عدد من الشباب أمام موقع استغلال تابع للشركة البترولية "بتروفاك" ممّا عطّل إنتاجها. وزادت حالة الاحتقان تكثّفًا لتنفلت الأوضاع في الأيام الأخيرة مع تدخّل قوات الأمن لفض الاعتصام بالقوّة، وما خلفّه من مواجهات مع أهالي الأرخبيل، الذين يتّهمون الأمن باستعمال العنف بطريقة مفرطة.

تعتصم مجموعة من شباب قرقنة مطالبين بتوفير فرص عمل منذ أسابيع لكن حالة الاحتقان تكثفت مع تدخّل قوات الأمن لفض الاعتصام بالقوّة

ونتيجة لهذا التصعيد، شهدت المدينة إضرابًا عامًا دعا إليه الاتحاد المحلّي للشغل، المنظمة النقابية، ولقي تجاوبًا واسعًا. وبذلك تكون الحكومة التونسية أمام امتحان جديد في مواجهة تبعات معضلة البطالة من جهة وكيفية مواجهة الحركات الاحتجاجية من جهة أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: مشاريع تونس الكبرى.. الوعود المُنتظرة

وتكتسي قرقنة، وهي أرخبيل صغير يتكوّن من جزيرتين كبيرتين ومجموعة جزر صغيرة ويتبع محافظة صفاقس، خصوصية تاريخية في تونس على مستوى النشاط النقابي. فالمدينة هي مسقط رأس فرحات حشاد مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر المنظمات العمالية في البلاد، وكذلك مسقط رأس الحبيب عاشور أحد القيادات التاريخية للاتحاد وأمينه العام في الستينيات والسبعينيات.

وتعود أسباب الاعتصام أمام الشركة البترولية البريطانية، الذي انطلق منذ ثلاثة أشهر، لمطالبة عشرات الشباب من المنضوين في "اتحاد أصحاب الشهادات المعطين عن العمل" بإحداث شركة يتم إدماج المعتصمين صلبها وذلك وفق اتفاق تم توقيعه مع الحكومة في السنة الفارطة. وحول أسباب الاعتصام أمام الشركة البترولية، قال المعتصمون إن "خيار الاعتصام أمامها يعود لملكية الدولة التونسية لأغلبية أسهمها بـ55 بالمئة مع ملكية الشركة البريطانية الأمّ لبقية الأسهم".

من جهتها ونتيجة تعطّل الإنتاج، تحدّث مدير عام الشركة البترولية عن تكبّد خسائر مالية بقيمة 200 ألف دينار في اليوم الواحد (100ألف دولار)، مشيرًا إلى إمكانية مغادرة الشركة للبلاد، كما سبق وإن اتهم السلطات التونسية بعدم تطبيق القانون من خلال فضّ الاعتصام.

وأمام عدم تحقيق انفراج في الأزمة، قرّرت الحكومة فضّ الاعتصام بالقوّة لتشهد مواجهات بين الأهالي وقوات الأمن التي اتهمتها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بلاغ لها بـ"الإفراط في استعمال القوة" ومن ذلك "توجيه القنابل المسيلة للدموع بطريقة التصويب المباشر نحو المواطنين" والقيام بـ"عمليات تفتيش للأشخاص بالطريق العام ووسائل النقل مع إحراج النساء بتفتيش ملابسهن".

كما أشار بلاغ الرابطة إلى "وضع إنساني كارثي في الأرخبيل لصعوبة التنقل والتموين". وتحدث الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل العام عن ما أسماه "التعامل الهمجي"، وهو ما نفته وزارة الداخلية التي تحدثت عن تهشيم المحتجين لحافلتين أمنيتين وثلاث سيارات أمنية. وقد تم إيقاف عدد من شباب المدينة وتوجيه تهم إليهم من بينها "المشاركة في عصيان".

ولا تزال الأوضاع غير مستقرّة في المدينة في ظلّ تواصل المواجهات بين شباب المدينة وقوات الأمن. وقد دعا ناشطون متضامنون إلى وقفة احتجاجية في العاصمة بعنوان "سيب قرقنة" أي (دع قرقنة). وبذلك يمثّل التصعيد الجاري في قرقنة تحديًا جديدًا أمام الحكومة التونسية لمعالجة المطالب الاجتماعية، وقد عرفت البلاد بداية السنة موجة احتجاجات واسعة من أجل التشغيل وفرص العمل، وصُفت بأنها الأكبر منذ اندلاع الثورة قبل أكثر من خمس سنوات.

اقرأ/ي أيضًا: الاحتجاجات الاجتماعية في تونس.. عود على بدء؟

كما يتواصل بالتوازي اعتصام عدد من الناشطين أمام وزارة التشغيل التي أشرفت قبل أسابيع قليلة على مؤتمر وطني للتشغيل اُختتم بـ"إعلان تونس للتشغيل"، الذي رصد استراتيجية يشكّك ناشطون في قدرتها على الحدّ من نسب البطالة.

اقرأ/ي أيضًا:

"إعلان تونس للتشغيل".. أما بعد؟

هل سيتمّ تعديل دستور تونس؟