يُعيد صراع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع سؤال "لماذا تتدخل الجيوش في الحياة السياسية؟" إلى الواجهة. فالصراع بين الطرفين هو في الأصل صراعٌ على السلطة التي وصلا إليها بعد الانقلاب على الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير في 11 نيسان/ أبريل 2019، وتعزز موقعهما فيها بعد الانقلاب على الحكومة المدنية أواخر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2021.
الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، بل ومعقدة أيضًا، نظرًا إلى حجم ما يجب أخذه بعين الاعتبار عند محاولة وضع إجابة له. ومع ذلك، استطاع بعض المفكرين والباحثين تقديم إجابات وافية حول هذا السؤال، وتفكيك إشكالية العلاقة بين الجيش والسياسية بجميع ما تنطوي عليه وتحيل إليه من قضايا مهمة، مثل دور العسكر في عملية التغيير السياسي والاجتماعي، والعلاقات المدنية – العسكرية، وتداعيات تسييس الجيوش على الاستقرار السياسي، وردات فعلها كذلك على الثورات الشعبية، وكيفية بناء جيش ديمقراطي، وغيرها.
هنا وقفة مع 5 من أهم الكتب في هذا المجال، وجميعها صادرة عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات".
1- الجيش والسياسة: إشكاليات نظرية ونماذج عربية
يُعد كتاب "الجيش والسياسة: إشكاليات نظرية ونماذج عربية" (2017) للمفكر العربي عزمي بشارة أحد أهم الكتب في مجاله. وفيه، يعالج مؤلف ثلاثية "الدين والعلمانية في سياق تاريخي" عدة عناصر رئيسية في إشكالية الجيش والسياسة انطلاقًا من واقع بعض الدول العربية. ويقف، في هذا السياق، على تجارب كان للعسكر فيها دورًا مهمًا في عملية التغيير السياسي والاجتماعي، وذلك بعد وقوفه عند مسألة تطلع الجيش إلى السياسة بمعنى ممارسة الحكم والاستيلاء عليه.
يسلط بشارة الضوء كذلك على تحول الجيش إلى وسيلة للترقي الاجتماعي – الاقتصادي في المجتمعات الفلاحية. كما يفرد حيزًا واسعًا من كتابه لدراسة مراحل تطييف الجيش وعسكرة الحالة الطائفية في سوريا، ناهيك عن استعراضه لتحولات الجيش المصري وعلاقته بالسياسة والمجتمع على مدار أكثر من 5 عقود.
2- الجندي والدولة المتغيرة
يبحث زولتان باراني في كتابه "الجندي والدولة المتغيرة: بناء جيوش ديمقراطية في أفريقيا وآسيا وأوروبا والأميركتين" (2018) في العلاقات المدنية – العسكرية في دول تشهد تحولات ديمقراطية، وكذا في طريقة بناء جيوش داعمة للديمقراطية. فيتناول أولًا مظاهر الجيش الديمقراطي، ثم يستعرض تجارب بناء الجيوش الديمقراطية في بلدان شهدت حروب تقليدية وأخرى أهلية، بالإضافة إلى الدول التي تغيّر نظام الحكم فيها، وتلك التي شهدت تحولات جذرية في بنيتها.
3- الجيش والسياسة في مرحلة التحول الديمقراطي في الوطن العربي
يضم كتاب "الجيش والسياسة في مرحلة التحول الديمقراطي في الوطن العربي" (2019) محاضرة افتتاحية للمفكر العربي عزمي بشارة يقدّم فيها إطارًا نظريًا تاريخيًا لأبرز قضايا العلاقة بين الجيش والسياسة وإشكالياتها، بالإضافة إلى 22 بحثًا يتناول كتّابها قضايا مختلفة ترتبط بعلاقة الجيش بالسياسة، مثل تحولات العقيدة الأيديولوجية للجيوش العربية، وعسكرة الدولة، والعلاقات المدنية – العسكرية، وعلاقة الجيوش بالشعوب، وكذا أثر تسييس الجيوش في استقرار البلدان العربية، وإشكالية بناء جيش موحد في مجتمع منقسم طائفيًا، والعسكر ومعضلة التحول الديمقراطي، والعسكر والانتقال السياسي، وغيرها.
4- الجندي والدولة والثورات العربية
يسعى طيبي غماري في كتابه "الجندي والدولة والثورات العربية" (2019) إلى تحليل العلاقات العسكرية – المدنية في دول ثورات الربيع العربي، فيبدأ أولًا بتعريف مصطلح "العلاقات العسكرية – المدنية"، ثم يستعرض أهم النظريات حول علاقة العسكر بالمدنيين، قبل أن ينتقل إلى البحث في العلاقة بين السياسي والعسكري في الوطن العربي، وتحليل ردّات فعل الجيش المصري والليبي واليمني والسوري والتونسي على الثورات الشعبية.
5- الديمقراطية والبندقية: العلاقات المدنية – العسكرية وسياسات تحديث القوات المسلحة
خروج العسكر من السلطة أو إخراجهم منها والحد من نفوذهم في الحياة السياسية، هو موضوع كتاب "الديمقراطية والبندقية: العلاقات المدنية – العسكرية وسياسات تحديث القوات المسلحة" (2021) لمؤلفه عبد الفتاح ماضي، الذي يسعى فيه إلى الإجابة على أسئلة مثل: متى يخرج العسكريون من السلطة؟ في أي ظرف؟ وما هي العوامل المهيِّئة لقبولهم الانتقال إلى الحكم المدني أو اضطرارهم إلى قبوله؟ ومتى وكيف تجري إقامة الرقابة المدنية الديمقراطية على القوات المسلحة؟ وغيرها.
