15-أبريل-2023
Getty

تضارب المعلومات حول مناطق القتال والمواقع الهامة التي تدور حولها الاشتباكات (Getty)

تواصلت الاشتباكات العنيفة في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط تضارب الأنباء عن سير المعارك، مع إعلان كل جهة أنها تحقق تقدم  على الأرض.

تواصلت الاشتباكات العنيفة في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع

وتأتي هذه التطورات بعد الخلافات عن آلية ومدة دمج قوات الدعم السريع بمؤسسات الجيش السوداني، وذلك قبيل التوقيع النهائي على الاتفاق الإطاري النهائي لتسوية الأزمة السياسية في السودان، الذي كان مقررًا في 5 نيسان/أبريل الجاري، قبل تأجيله إلى أجل غير مسمى.

من جانبها، قالت رئاسة أركان الجيش السوداني: إنه "لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت قوات الدعم السريع المتمردة". وعلى صفحتها على فيسبوك، قالت القوات المسلحة السودانية: "قادرون على الحسم السريع ولكننا نعمل على حماية المواطنين من العمليات القتالية"، داعيًا إلى المواطنين إلى الاشتباك مع قوات حميدتي. فيما قال جهاز المخابرات العامة السوداني إن القائد العام للقوات المسلحة أصدر قرارًا بحل قوات الدعم السريع.

 

https://t.me/ultrasudan

ميدانيًا، أعلن الجيش السوداني أن أفرادًا من قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وولايتي القضارف وكسلا سلموا أنفسهم وأسلحتهم للجيش السوداني. فيما واصل الطيران الحربي التابع للجيش السوداني قصف نقاط تمركز قوات الدعم السريع بالمدينة الرياضية. وشن غارات في محيط القيادة العامة والقصر الجمهوري، مع سماع أصوات المضادات الأرضية التي تحاول إسقاط الطائرات المقاتلة.

وأضاف الجيش السوداني، أن قواته سيطرت على معسكر لقوات الدعم السريع بمدينة مروي، مضيفًا أن العناصر التابعة للدعم السريع فروا إلى الأحياء.

هذا وقال المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية نبيل عبد الله، في تصريحات إعلامية، إن "الجيش سيرد على أي محاولات غير مسؤولة". وأضاف  أن "بعض السياسيين يحاولون تسييس الجيش"، مشيرًا إلى أن "قوات الدعم السريع موجودة بكثافة عند مقر التلفزيون الرسمي".

من جهتها، قالت قوات الدعم السريع أنها سيطرت على فرقة المظلات وسلاح المهندسين في أم درمان. وفي الوقت نفسه، بث الجيش السوداني صورًا من داخل مقر سلاح المهندسين نافيًا سيطرة قوات الدعم عليه عليه.

Getty

كما سيطرت على قيادة اللواء الأول مشاة، وعلى اللواء 21 كبكابية واعتقلت قائد المنطقة، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الدعم السريع. وزعمت أنها أحكمت إغلاقها على كل المنافذ جنوب العاصمة، بالإضافة إلى السيطرة على مواقع عسكرية عدة بمدينة الفاشر غربي العاصمة الخرطوم، أهمها سلاح الإشارة والسلاح الطبي ومطار الفاشر.

وبثت قوات الدعم السريع مقاطع مصورة لجنود مصريين وسودانيين، قالت إنهم سلموا أنفسهم بمدينة مروي شمال البلاد.

وفي بيان عاجل، أعلنت قيادة قوات الدعم السريع عن انضمام عدد من ضباط الجيش السوداني إليها من بينهم المفتش العام للجيش السوداني.

وأفادت مصادر محلية لـ"الترا سودان" عن مشاركة الطيران الحربي التابع للجيش السوداني في المعارك، وقصف عدة مقار لقوات الدعم السريع.

ومع بداية الاشتباكات، وفي وقت سابق من اليوم، أعلنت قوات الدعم السريع في بيان لها عن سيطرتها على القصر الجمهوري وبيت الضيافة، بالإضافة لمطارات الخرطوم، مروي والأبيض، وعدد من المواقع بالولايات السودانية. فيما نفى الجيش السوداني سقوط أي منطقة هامة في يد قوات الدعم السريع.

اقرأ/ي: متحدث تجمع المهنيين لـ"الترا سودان": القوى المتصارعة لا تمثل الشعب السوداني

 

الخرطوم.. معارك عسكرية وسط المدينة لن تغادر الذاكرة

رفض مدني واسع

من جانبه، قال متحدث تجمع المهنيين السودانيين الوليد علي، إن القوى العسكرية المتصارعة في السودان، لا تمثل الشعب السوداني ولا تسعى من أجل مصالحه.

وإفاد المتحدث الرسمي لـ"الترا سودان": "المهم بالنسبة لنا السلمية. نناشد بعدم انخراط أقسام أخرى من الشعب السوداني، وندعو المجتمع لتكوين لجان السلم المجتمعي وهي كفيلة بهزيمة كل دعاة الحرب".

وقال الوليد علي إنهم يريدون "تجفيف دعاة الحرب من أي عمق اجتماعي"، مؤكدًا على أنهم في تجمع المهنيين السودانيين سيظلون يدعون لأن تتخذ الثورة في السودان الطريق السلمي، قائلًا إن "الطريق المسلح تتخذه القوى المضادة للثورة"، وأعلن أن "كل القوى المسلحة هي مضادة للثورة".

وأكد الوليد علي في حديثه لـ"الترا سودان"، على رأيهم في من أسماهم بـ"جنرالات اللجنة الأمنية"، واصفًا إياهم بالانقلابيين، وقال إنه "يجب محاسبتهم ومحاكمتهم بشقيهم في القوات المسلحة وقوات الدعم السريع"، وأفاد عند سؤال "الترا سودان" عن ما إذا كانت لديهم رؤية لإيجاد جهود للوساطة بين المتصارعين، رد "بأنهم يعتبرون الطرفين أعداءً للثورة، وأنه ليس من المنطقي أن يدخل تجمع المهنيين السودانيين في وساطة بينهم".

وقال إن جهودهم في تجمع المهنيين تصب جميعها في إطار "توحيد قوى الثورة حول مواثيق الثورة السودانية لتأسيس سودان جديد"، كما أن مجهوداتهم ستنصب أيضًا في "التضامن مع المواطنين الذين تقطعت بهم السبل"، وأضاف: "نسعى لإعلاء قيم التضامن بين المواطنين في ظل الظروف الحالية فيما يتعلق بتكاليف المعيشة وغيرها لحين انجلاء الأوضاع، هذه ستكون مسؤوليتنا مع لجان السلام المجتمعي التي اقترحناها في البيان" - وفقًا لوصفه.

واختتم تصريحاته لـ"الترا سودان" بالقول: "التضامن بين المواطنين ورفض الحرب والانقلاب، يهزم دعاة الحروب والانقلابات".

وناشد حزب الأمة القومي، أكبر الأحزاب السودانية، قيادتي الجيش والدعم السريع بالوقف الفوري لإطلاق النار وعودة القوات إلى مواقعها السابقة قبل الاشتباكات، وطالب بتكوين لجنة مشتركة من الطرفين مع شخصيات قومية للاتفاق على التهدئة ومنع الانفلات.

من جانبها، حمل تحالف قوى التغيير الجذري قيادات الجيش وقوات "الجنجويد" أي خسائر تنجم عن الاشتباكات وسط المدنيين، ويدعو القوى الثورية إلى رفع درجة الحذر وتكوين "جبهة واسعة ومتماسكة ضد الحرب وتجار الحرب". 

وقال الحزب الشيوعي السوداني إن هذا الصدام نتيجة لانحراف القوى العسكرية والمدنية التي تصدت لقيادة البلاد منذ نيسان/ أبريل 2019، وأن العودة إلى الحياة الطبيعية تبدأ بالإيقاف "الفوري والشامل" لتبادل إطلاق النار وخروج الجيوش والمليشيات من المدن والقرى.

وطالب الحزب بالإسراع في حل جميع الميليشيات، وجمع السلاح المنتشر في المدن والأرياف، وإعادة تكوين "الجيش الوطني القومي المهني الموحد".

وطالبت تنسيقيات المقاومة في الخرطوم القوى المدنية والسياسية الوطنية بالتمسك بوحدة السودان والعمل على "خلق أكبر جبهة للسلام وحماية الثورة السودانية من الانهيار"، مؤكدةً أن البلاد ستخرج من "مخططات الفلول" بالوحدة والتمسك بالسلم الاجتماعي ورفض "خطابات التجييش القبلي والعنصري".

وناشدت لجان المقاومة المواطنين بعدم الانصياع لخطابات "التجييش والتجييش المضاد".

أما  حزب المؤتمر الشعبي فقد دعا قيادة "المنظومة العسكرية" في السودان إلى الوقف الفوري للحرب، ويناشد الجميع بضبط النفس وتحكيم صوت العقل وإتاحة فرصة أكبر للتفاوض بالحسنى. 

وأكد المؤتمر الشعبي تمسكه بالعملية السياسية الحالية، وقال إنها "الطريق الأوحد لاستقرار البلاد".

على الصعيد الإنساني، أعلنت لجنة الأطباء المركزية في ‎السودان، أن أعدادًا كبيرة من القتلى سقطوا جراء الاشتباكات المسلحة اليوم، مشيرةً إلى عدم قدرتها على الوصول إلى كافة الجرحى، وبالأخص في الخرطوم. وناشدت اللجنة "جميع القوات إيقاف الاشتباك فورًا، وفتح مسار آمن للمصابين لتلقي الخدمات الصحية".

سياسيًا، طالب رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، "قادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بالوقف الفوري لإطلاق النار وتحكيم صوت العقل"، مؤكدًا أن "الخسارة ستكون من نصيب الجميع ولن يكون هناك منتصر على جثث شعبه".

وحذر حمدوك في تسجيل مصور، من أن "البلاد تواجه خطر التفكك"، مشيرًا إلى أن "الرصاصة حين تنفلت من السلاح، لن تميز بين المعتدي وغير المعتدي وسيكون الضحايا هم الشعب"، داعيًا "الشعب للتماسك، ورفض خطاب الحرب".

وطالب رئيس الوزراء السابق، المجتمع الدولي العمل على "التهدئة والحل بين الأطراف المتقاتلة"، مشددًا على أن "الحرب في السودان تعني الحرب في الإقليم"، مؤكدًا أن "الحل السلمي ما يزال ممكنًا". 

عربيًا، دعت قطر في بيان نشرته وزارة الخارجية إلى الوقف الفوري للقتال، وحل الخلافات بالحوار والطرق السلمية.

من ناحيتها، أعربت السعودية عن قلقها البالغ إزاء التصعيد والاشتباكات في السودان.

بدورها، أشارت وزارة الخارجية المصرية في بيان إلى أن "مصر تتابع بقلق بالغ تطورات الوضع في السودان إثر الاشتباكات هناك".

وفي أول تعليق له على الأحداث الجارية، أكد الجيش المصري أنه "يتابع عن كثب ما يجري في السودان"، ويسعى لتأمين القوات المصرية المتواجدة هناك.

وشجب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط  اللجوء إلى السلاح، وأعرب عن "عميق القلق والانزعاج إزاء العمليات القتالية الدائرة حاليًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى". 

وعبر أبو الغيط عن "صدمته وشجبه اللجوء إلى السلاح والاقتتال بين الأخوة بهذا الشكل وفي نهار شهر رمضان الكريم".

دوليًا، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مشددًا على أنه "يشارك الاتحاد الإفريقي وقادة المنطقة التزامهم بدعم الشعب السوداني لاستعادة الانتقال الديمقراطي".

كما دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي "المجتمع الدولي إلى توحيد جهوده لحمل أطراف الصراع في السودان على وقف الاقتتال"، وناشد فكي "الأطراف السودانية المتقاتلة إيقاف حمامات الدم وتدمير البلاد وترويع المدنيين".

من جهته، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، استعداده للوساطة لحل النزاع الخطير بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع". داعيًا الأطراف السودانية إلى الاحتكام لضبط النفس والتوقف عن القتال والعودة إلى مسار الحوار". 

ونشر أحمد في حسابه على تويتر بيانًا، جاء فيه "تتابع الحكومة الفيدرالية بقلق شديد واهتمام بالغ الاشتباك الحالية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، وغيرها من المدن السودانية الأخرى".

Getty

هذا، وعبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن بالغ قلقه إزاء التقارير عن تصاعد العنف بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، داعيًا إلى الإنهاء الفوري للأعمال القتالية. وكتب على صفحته في  تويتر، "نحن على اتصال بفريق السفارة في الخرطوم وجميعهم بخير، ونحث جميع الأطراف على وقف العنف فورًا وتجنب المزيد من التصعيد أو تعبئة القوات ومواصلة المحادثات لحل القضايا العالقة".

أما سفير الولايات المتحدة في السودان جون غودفري، فقال "وصلت في وقت متأخر من الليلة الماضية إلى الخرطوم، واستيقظت على أصوات إطلاق النار والقتال المزعجة للغاية. أحتمي حاليًا مع فريق السفارة، كما يفعل الشعب السوداني في جميع أنحاء الخرطوم وأماكن أخرى". مضيفًا: "تصعيد التوترات العسكرية والانتقال إلى القتال المباشر أمر خطير للغاية". ودعا السفير "بشكلٍ عاجل كبار القادة العسكريين إلى وقف القتال".

من جهتها، حثت السفارة البريطانية في السودان، رعاياها على البقاء في أماكن مغلقة، مشيرةً إلى أنها تراقب الموقف عن كثب في الخرطوم والمناطق الأخرى التي تدور فيها اشتباكات. 

بدوره، قال مسؤول السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن الاتحاد يدعو جميع الأطراف في السودان لوقف العنف على الفور. وكتب في حسابه على تويتر: "الأنباء الواردة عن القتال في السودان باعثة للقلق. الاتحاد الأوروبي يدعو جميع القوات لوقف العنف على الفور". وأضاف "لن يؤدي التصعيد إلا إلى تفاقم الوضع. حماية المواطنين أولوية"، لافتًا إلى أن "جميع موظفي الاتحاد الأوروبي في البلاد بأمان".

وفي تغريدة أخرى، كتب بوريل، أن الاتحاد الأوروبي يدين بشدة اندلاع العنف بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع.

تصعيد في ليلة

وفي الليلة الماضية وقبل ساعات من بداية الاشتباكات، أعلن وسطاء بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع أن قائد الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" أكد لهم التزامه "التام" بعدم التصعيد واستعداده للجلوس مع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان وقيادة الجيش في أي وقت ومن دون قيد أو شرط للوصول إلى "حل جذري" للأزمة.

وتصاعدت التوترات بين الجيش والدعم السريع خلال اليومين الماضيين إثر تحرك قوة من الدعم السريع إلى "مروي" بالولاية الشمالية وارتكازها بالقرب من مطار "مروي" شمالي السودان، الخطوة التي استنكرتها قيادة الجيش، وقالت إنها تمت دون موافقتها أو التنسيق معها.

ما سبق، جاء قبل بداية اشتباكات واسعة في العاصمة السودانية الخرطوم، تبادل كل طرف الاتهامات في بدايتها.